[ عوامل عديدة أثرت على وضع المطارات اليوم ]
تمتلك اليمن ستة وعشرين مطارا داخليا وفق تصنيف موقع (felixairways) المهتم بأخبار السفر والطيران حول العالم، لكن ثمانية من تلك المطارات تعد الرئيسية، فيما البقية تتوزع على مطارات فرعية وعسكرية ومدنية غير مهيأة بشكل كامل.
تمثل المطارات الثمانية أبرز المنافذ الجوية التي تملكها اليمن، وتتوزع على محافظات مختلفة، غير أن ظروف الحرب التي تعيشها اليمن جعلت من تلك المطارات مجرد مساحات فارغة، بعد أن فقدت القدرة على العمل، وتعرضت للدمار والتعطيل.
نالت تلك المطارات حصتها من تداعيات الحرب الجارية في اليمن منذ العام 2015م، وتوزعت على سيطرة الأطراف المتحاربة ممثلة بجماعة الحوثي والتحالف العربي، والذين تقاسموا تلك المطارات وفقا لجغرافيا الصراع وسيطرة كل طرف.
استحوذت جماعة الحوثي على مطارات العاصمة صنعاء ومدينة تعز ومدينة الحديدة، وهي المحافظات الخاضعة لسيطرتها، فيما أطبقت المملكة العربية السعودية سيطرتها على مطار الغيظة بالمهرة بشكل كامل، أما دولة الإمارات العربية المتحدة فقد سيطرت على كل من مطار عدن، وسقطرى، والريان بحضرموت، وهناك مطار سيئون الخاضع لسيطرة قيادة التحالف العربي المتواجدة في اليمن، والمشكلة من ضباط سعوديين وإماراتيين.
تعرضت أغلب تلك المطارات لدمار واسع بسبب الحرب القائمة في اليمن، من خلال استهدافها بطائرات التحالف العربي، أو من خلال استهدافها من قبل الحوثيين إبان تحركاتهم في المحافظات، لكنها لاحقا تحولت إلى مقرات عسكرية وثكنات أمنية لمختلف الأطراف، فيما ظل بعضها بعيدا من الحرب، لكنه تعرض للتعطيل.
كان المشغل الرئيسي لتلك المطارات هي الهيئة العام للطيران المدني والأرصاد، وبسبب ظروف الحرب فقدت الهيئة إدارتها لتلك المطارات بسبب بقاء مركزها الرئيسي في العاصمة صنعاء حيث يسيطر الحوثيون، بينما غاب الإشراف الحكومي للحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي، والتي تكتفي حاليا بتشغيل المطارات الواقعة تحت سيطرتها من الجانب الإداري فقط، بينما يتولى التحالف العربي بقية المهام المتصلة وفق تصريحات وزير النقل اليمني صالح الجبواني لقناة بلقيس الفضائية.
لا تتوقف المعاناة في مطارات اليمن عند هذا الحد، بل إن التحالف العربي خصوصا دولة الإمارات يمنع طائرات شركة اليمنية الرسمية من المبيت داخل مطار عدن، مما اضطرها لاستئجار مطارات أخرى للمبيت، الأمر الذي يكلفها آلاف الدولارات شهريا، وهو ما كشفته رسالة من الخطوط الجوية اليمنية لممثل الامارات في عدن قبل أيام.
أدت هذه الأوضاع التي تعيشها المطارات إلى مضاعفة المعاناة الإنسانية للسكان في اليمن، وفقدان القطاع التجاري لنشاطه جراء توقف الرحلات، وظلت تلك المطارات مغلقة أمام المدنيين، فيما يواصل التحالف العربي التحكم بحركة الملاحة من وإلى اليمن.
وتحول الوضع في تلك المطارات جراء إغلاقها إلى مادة للتجاذب السياسي، وكان موضوعها حاضرا في مختلف محطات التفاوض بين طرفي الحرب، ولم تنقطع الدعوات الأممية والإنسانية المطالبة بفتح المطارات، واستئناف العمل فيها.
مطار صنعاء
يعد مطار صنعاء المطار الأول في اليمن، وشيد في العقود الماضية، ومثل البوابة الأولى للسفر، خاصة مع كونه يقع في العاصمة السياسية للبلد.
كان المطار عرضة لهجمات طيران التحالف العربي منذ الغارة الأولى التي شنها التحالف في اليمن، في السادس والعشرين من مارس/آذار 2015م.
ومنذ ذلك الحين ظل المطار مغلقا، وتسيطر عليه جماعة الحوثي، ويستقبل فقط بعض رحلات الإغاثة الأممية، وقليل من الرحلات التي يسمح بها التحالف العربي لأسباب معينة من وقت لآخر.
مطار عدن
يعد مطار عدن ثاني أهم المطارات اليمنية، وأنشئ في العقد الثاني من القرن الماضي، وظل يمارس عمله بشكل طبيعي، حتى وصول مليشيا الحوثي وقوات صالح إلى مدينة عدن مطلع العام 2015م، إبان توسعهم الميداني لإسقاط المحافظات اليمنية.
تعرض المطار للدمار بعد استهدافه مرارا، جراء المعارك التي اندلعت داخله وفي محيطه، وبعد دحر المليشيا من المدينة، جرى إعادة تأهيله من جديد، واستقبل العديد من رحلات الطيران الداخلية والخارجية، لكنه بات خاضعا لسيطرة دولة الإمارات التي تشرف على الوضع العام في مدينة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، من خلال قواتها والمليشيا المحلية الممولة منها.
يستقبل المطار في وضعه الراهن بعض الرحلات، لكن يعاني من شلل كامل ومخاطر مستمرة، إضافة للعناء المضاعف الذي يتعرض له المسافرون خلال توجههم للمطار، بسبب النقاط الأمنية الكثيرة في الطريق إلى المطار عبر المحافظات، وبسبب التعامل المناطقي الذي يتصرف وفقه العاملون في تلك النقاط.
مطار الحديدة
يعد مطار الحديدة (غربي اليمن) أحد المطارات الحيوية في اليمن، وأطبقت جماعة الحوثي سيطرتها على المطار عند وصول مليشياتها المحافظة نهاية العام 2014م، وحولته لاحقا لثكنة عسكرية ومقرا لقواتها، وتعرض لعدة غارات جوية من قبل التحالف العربي، واندلعت في محيطه اشتباكات مسلحة بين المقاتلين الحوثيين وقوات تابعة للجيش الوطني المدعوم من التحالف العربي.
مطار تعز
كان مطار تعز (وسط اليمن) أول المطارات التي سقطت بيد جماعة الحوثي عقب انقلابها نهاية العام 2014م، وسيرت الجماعة رحلات جوية إلى المطار من مطار صنعاء، ضمت مقاتلين تابعين لها بغية السيطرة على محافظة تعز والتوجه نحو المحافظات الجنوبية.
يقع مطار تعز الدولي في منطقة الجند شمال شرق محافظة تعز، وتأسس في عام 1967 وتم افتتاحه رسميا عام 1970 ويبعد عن وسط مدينة تعز 18 كم.
يحتل مطار تعز الدولي المرتبة الرابعة بعد مطار صنعاء ومطار عدن ومطار الريان، وكان يصنف طبقا لتجهيزاته بالمستوى السابع فيما كان يقدم خدمات النقل الجوي للمواطنين وللاستثمار ولرجال الأعمال و للسياحة وللحجاج.
ومنذ انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، تعرض مطار تعز لعشرات الغارات الجوية من قبل طيران التحالف العربي، أدت لتدمير كامل لجميع مرافقه الخدمية، وبات اليوم تحت سيطرة جماعة الحوثي التي حولته إلى ثكنة عسكرية لقواتها.
مطار سيئون
يقع المطار وسط مدينة سيئون عاصمة وادي حضرموت، ويعد الآن شريان اليمنيين الوحيد للسفر إلى الخارج، رغم أنه يعمل بطاقة محدودة، ويسيطر عليه التحالف العربي عبر قياداته المتواجدة في اليمن.
استقبل في مايو 2015 أول دفعة من العالقين خارج الجمهورية عقب انطلاق عاصفة الحزم بعد ضرب مطار صنعاء، وتعرض للإغلاق لفترات محدودة بسب توقف مده بالوقود، وإضراب العاملين فيه على خلفية مطالب حقوقية.
في يوليو من العام الماضي أصدر محافظ حضرموت فرج البحسني قرارا بتكاليف نائب مدير المطار للقيام بأعمال المدير الذي قدم استقالته لتدخلات مندوب التحالف في شؤون المطار، وتوجيهاته بإعادة موظفين تم فصلهم بسبب قضايا تهريب ممنوعات عبر المطار.
يعمل المطار على مدار الأسبوع في رحلات داخلية إلى سقطرى، واخرى إلى عدن تم استحداثها مؤخرا، إضافة لرحلات خارجية محدودة إلى كلٍّ من جدة و الأردن والقاهرة والخرطوم عبر شركات اليمنية والسعيدة وأفريكان إكسبرس.
تعمل على حماية المطار قوة عسكرية معظمها من أبناء وادي حضرموت تم تدريبها على مدار العامين الأخرين، وتشرف عليه الحكومة اليمنية إداريا، فيما تخضع حركة الملاحة فيه للتحالف العربي، إضافة لإشرافه الأمني في حركة المسافرين، وتتبع هوياتهم خاصة أولئك الذين يصنفهم في خانة معارضيه، كما جرى في إيقاف الناشطة رضية المتوكل رئيسة منظمة مواطنة في المطار في التاسع عشر من يونيو/حزيران الماضي.
وبسبب بقائه كنافذة وحيدة فقد ارتفعت عدد الرحلات الدولية فيه خلال العامين الماضيين إلى رقم قياسي، حيث وصل إجمالي المسافرين منه خلال العام 2017م مئة وثلاثة عشر ألف و39 مسافرا ومسافرة، وهي زيادة تعادل أضعاف عدد من سافروا منه في العام 2016م.
أما الرحلات الدولية فقد وصل عددها في العام للعام 2017م إلى 908 رحلات، إلى كلٍّ من القاهرة وعمان وجده ونيروبي.
وكان المطار قد تعرض في العام 2014م إلى هجوم للقاعدة أسفر عن إحراق برج المراقبة فيه.
مطار الريان
يقع المطار في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت (شرقي اليمن) والتي ظلت بعيدة عن المعارك العسكرية الدائرة في اليمن منذ العام 2014م، لكنها وقعت تحت سيطرة تنظيم القاعدة الذي ظل يتحكم بالمحافظة لعامين.
أوقف العمل في المطار كبقية مطارات الجمهورية عند انطلاق عاصفة الحزم، وفي أبريل/نيسان من العام 2016م فرضت الإمارات سيطرتها على المطار، عقب طرد تنظيم القاعدة من المدينة، بعد تنفيذ عملية عسكرية للتحالف العربي، جرى بموجبها طرد عناصر القاعدة من المحافظة، وحل التحالف مكانها في إدارة المحافظة، ممثلا بالجانب الإماراتي.
يعد مطار الريان الدولي أفضل المطارات اليمنية بعد مطار صنعاء وعدن من حيث التجهيزات، لكن الإمارات حولته إلى قاعدة عسكرية لها وسجون سرية للاعتقال والتعذيب لمعارضيها، وسط تجاهل لكل المطالبات بإعادة فتح المطار.
تسبب إغلاق المطار بتأثيرات خطيرة وكبيرة على المواطنين و المرضى وكبار السن المسافرين من سكان المحافظة لقطع حوالي 600 كيلومتر برا للوصول إلى أقرب مطار في عدن أو سيئون، إذ يمثل المطار أهمية كبيرة لسكان محافظات شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى.
ومنذ إغلاقه لم تهبط فيه سوى طائرة الرئيس عبدربه منصور هادي عندما زار حضرموت في الـ25 من ديسمبر/كانون الأول 2016م، وكذلك طائرة رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر الذي زار حضرموت في الـ13 من سبتمبر/أيلول 2017م، وطائرة أخرى كان على متنها نائب رئيس الجمهورية رئيس الحكومة السابق خالد بحاح المدعوم من دولة الإمارت في الـ26 من يونيو/حزيران 2017م، إضافة لطائرات عسكرية تابعة للتحالف العربي.
لا يعاني المطار من أي أضرار أو موانع تمنع حركة الطيران منه وإليه، وترفض القيادة الإماراتية فتح المطار أمام حركة الملاحة الداخلية والخارجية، وجعلت منه مقرا لقيادة عملياتها العسكرية هناك، إضافة لتحويل بعض منشآته لسجون خاصة.
وفي مطلع يوليو/تموز الماضي جدد محافظ حضرموت وعوده بقرب افتتاح المطار بعد وعود سابقة بافتتاحة خلال النصف الأول من العام 2018م، لكن ذلك لم يحدث.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي كشف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن اتفاق أبرم بين قيادة محافظة حضرموت وبموافقة من حكومة هادي من جهة والقيادة الإماراتية في أبوظبي من جهة أخرى قضى بفتح جزء من مطار الريان الدولي في المكلا مقابل احتكار النشاط الملاحي لشركة الاتحاد للطيران الإماراتية.
مطار سقطرى
يشكل هذا المطار أهمية حيوية ملحة لسكان محافظة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي، وهو نافذتهم الوحيدة على العالم، ويستقبل المطار رحلات داخلية وجوية، ويمثل أحد أبرز مطارات الجمهورية اليمنية.
ظلت جزيرة سقطرى بعيدة عن الحرب في اليمن، وفي العام 2016م وصلت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الجزيرة بحجة تقديم العون الإنساني والإغاثي للسكان، خاصة بعد الإعصار الذي ضرب المحافظة.
وبشكل تدريجي أحكمت الإمارات قبضتها على الجزيرة، وصارت المتحكم الأول فيها، وشرعت ببناء مصالحها الخاصة في الجزيرة، وتحكمها بالشأن العام هناك، بما في ذلك المطار الذي استبدلت الموظفين فيه بموظفين أجانب أو موالين لها.
وفي العام 2017م استقدمت الإمارات جنودا لها من أبوظبي عبر طائرتها الخاصة بعد وصول رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر مع أعضاء في الحكومة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الجانب الإماراتي، فدفع بجنوده إلى الجزيرة، وعمل على تشديد قبضته هناك بشكل أكبر.
تسيطر الإمارات اليوم على مطار الجزيرة، وبات المطار مغلقا أمام رحلات الطيران المدني، ومفتوحا أمام الرحلات الجوية التي تسيرها أبوظبي إلى الإمارات بعيدا عن إشراف وإدارة الحكومة اليمنية.
مطار الغيظة
يمثل مطار الغيظة بمحافظة المهرة (شرقي اليمن) مكانة شديدة الأهمية للسكان هناك، خاصة مع المسافة الطويلة بين المحافظة وبقية مدن الجمهورية اليمنية.
ظلت المهرة بعيدة عن أجواء الحرب التي اندلعت في مدن متفرقة باليمن بين الحوثيين والتحالف العربي، وتحت مبررات تأمين المحافظة وصلت قوات دولة الإمارات إلى المهرة أولا، ثم تلتها قوات تابعة للمملكة العربية السعودية.
بعد رفض واسع لما تمارسه الإمارات داخل المهرة انسحبت القوات الإماراتية، وحلت مكانها قوات تابعة للسعودية، وشرعت في السيطرة على مختلف مرافق المحافظة، بما فيها الموانئ والمطار.
كانت الأعمال الإغاثية هي المدخل الذي نفذت منه قوات السعودية للمهرة، وتحت مبرر مكافحة التهريب عززت السعودية قواتها في المهرة، وأحكمت سيطرتها هناك، وجعلت من المطار نافذة لها في التواصل الخارجي، ومقرا لقواتها العسكرية، وهو الأمر الذي أغاظ السكان، وتسبب بموجة من الاحتجاجات الشعبية الرافضة للتواجد السعودي والهيمنة التي يمارسها.