[ الرئيس الأمريكي ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ]
تواجه المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي ضغوطا كثيرة، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وكذلك سقوط قتلى مدنيين في الغارات الجوية للتحالف في اليمن.
وفيما يبدو أن قضية خاشقجي فتحت أعين العالم للدور الذي تقوم به السعودية في اليمن، فقد طالبت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الشهر الماضي بوقف الحرب في اليمن، وهي دعوات جديدة.
وتقوم بريطانيا والولايات المتحدة بصياغة مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لوقف الحرب في البلاد يمكن التصويت عليه الأسابيع القادمة. ورفضت السويد وبيرو وهولندا مشروع القرار الأسبوع الماضي وقالت إنه لا يحتمل تحديد أدق لإدانة التحالف العربي وهجماته الجوية.
في الولايات المتحدة وصل الديمقراطيون بأغلبية في الكونجرس، وهم الذين طالبوا مراراً بوقف الحرب في اليمن ووقف بيع الأسلحة، ما يعني ضغوطاً كبيرة على إدارة ترامب الحليف الرئيس للسعودية والإمارات، واستباقاً لذلك اتفقت واشنطن والرياض على وقف تزويد الطائرات المقاتلة للتحالف بالوقود في الجو.
وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتي قال إن البنتاغون سيستمر في دعم التحالف العربي في المخابرات والمعلومات اللوجستية "لتقليل الضحايا المدنيين"، ويبدو أن هذه معركة جديدة ستخوضها الإدارة الأمريكية في الكونجرس.
لكن مراقبين يرون في وقف الدعم الأمريكي للسعودية بدء مرحلة جديدة لانسحاب التحالف من اليمن، بمقابل تأمين الحدود السعودية من الحوثيين والحصول على اتفاق، مستندين إلى رؤية ماتيس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي تشير إلى "منطقة حدودية منزوعة السلاح، ومصادرة الصواريخ الباليستية من الحوثيين، ومنطقة حكم ذاتي للحوثيين".
وكانت قيادة القوات المشتركة في التحالف العربي قالت إنها طلبت من الولايات المتحدة الأمريكية وقف تزويد طائرتها بالوقود في الجو لتنفيذ العمليات العسكرية الجارية في اليمن، فيما أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن قرار التحالف السعودي الإماراتي -وقفَ تزويد طائراته في اليمن بالوقود الأميركي جوا- جاء بالتشاور مع واشنطن.
تقليص الدعم
وبدا لافتا مواجهة الجيش اليمني نقصا بالسلاح والتموين والغذاء، فقد أوقف التحالف تموين الجبهات كذلك بالغذاء بنسبة 60%، وقد أعلن عن ذلك في وقت سابق رئيس هيئة الأركان اليمني الذي تمت إقالته مؤخراً.
وظهرت المملكة وكأنها تحاول تخفيف الضغط الذي تواجهه، مع تنامي المواقف الداعية لإيقاف بيع السلاح لها من قِبل عدد من الدول الكبرى، وأيضاً محاولة للتخفيف من الضغط الحدودي الذي يقوم به الحوثيون إلى جانب الهجمات الصاروخية للجماعة المسلحة.
وتشير تقديرات إلى أن السعودية تخسر 5 مليارات دولار شهرياً في حرب اليمن، وهي تكلفة باهظة في وقت يمر الاقتصاد السعودي بحالة كساد كبير.
ضغط أمريكي
بالنسبة للكاتب والباحث عدنان هاشم، فيبدو له أن الانسحاب يأتي ضمن حملة أمريكية للضغط على الأطراف المختلفة لإنهاء الحرب في اليمن.
وأوضح هاشم في تصريح لـ"الموقع بوست" أن تهديد الولايات المتحدة الحوثيين بتصنيفهم كجماعة إرهابية، وحديثهم عن وقف تسليح السعودية والإمارات يأتي في ذلك السياق.
وأضاف "داخليا هناك محاولة لإدارة ترامب تخفيف الضغط عليها من الكونجرس، مع وصول الديمقراطيين وتمكنهم في مجلس النواب".
وفي كل الحالات -وفق هاشم- ستقاتل السعودية لتأمين حدودها، وللتخلص من الصواريخ الباليستية التي هي بيد الحوثيين.
وحث الحكومة اليمنية على ضرورة أن تكون جاهزة -الآن أكثر من أي وقت مضى- لأي انسحاب سعودي محتمل.
خطورة الانسحاب
من جهته لا يعتقد الصحفي عبد الرقيب الأبارة، أن هناك مؤشرات حقيقية حتى الآن بخصوص إمكانية انسحاب الرياض، لكنه رأى أنه في حال تضاعفت الضغوط فقد تعمل المملكة على الانسحاب شكليا، مع إبقاء دعمها للجيش والقوات الموالية لها والتي تعمل خارج نطاق الجيش الوطني حاليا.
وأضاف الأبارة في تصريح لـ"الموقع بوست": "كل يوم تتضاعف احتمالية وقف طلعات الطيران السعودي الإماراتي، وهو ما يعني حظرا للغارات الجوية التي استهدفت بعضها أبرياء ومدنيين".
عدا ذلك -توقع الأبارة- أن يستمر الدعم السعودي المشروط بالحفاظ على مصالحها، وسيكون هناك مقابل ذلك وقفا للصواريخ الحوثية البالستية التي تطلقها الجماعة ضد الرياض.
وعن الخطر الذي يمكن أن يشكله انسحاب الرياض على الحرب في اليمن، يقول الأبارة إن ذلك قد يدفع بشكل أوسع إلى تسريع وتيرة الحرب البرية الشبه متوقفة منذ ثلاث سنوات، وهذا ما نلحظه في الحديدة ودمت بالضالع، وهو ما سيصب في صالح المشروع الوطني الساعي لاستعادة الجمهورية من أيدي الانقلابيين.
ولفت إلى أن ذلك قد يساهم في إرغام الرياض على تدريب قوات جوية يمنية تسهم في حسم المعركة، وهو أمر قد يبعد الحرج عن دولة كالسعودية.
وتفكك الجيش اليمني بعد انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، وتم إعادة تشكيله من قبل الشرعية بعد ذلك، وخاض إلى جانب التحالف معارك تحرير البلاد، لكن تقلص دوره في المناطق الخاضعة لسيطرة الإمارات بسبب وجود قوات موازية للجيش.