[ قوات من ألوية العمالقة في الحديدة ]
أقدمت مجاميع من السلفيين الذين يقاتلون ضمن قوات ما يسمى بـ"العمالقة" على هدم جامع الفازة التاريخي في الحديدة، التي تشهد معارك متقطعة من وقت لآخر.
وأثارت تلك الحادثة غضبا وجدلا واسعا في أوساط اليمنيين، الذين يرون تلك الممارسات بأنها لا تختلف عن ما يقوم به الحوثيون والجماعات الدينية المتطرفة، الذين دمروا عشرات الأماكن الأثرية بينها قلاع ومساجد، ومحاولة تشويه وطمس آثار البلاد.
وكانت مصادر قد أكدت لـ"الموقع بوست" أن المقاتلين السلفيين دمروا الجامع يوم أمس الاثنين بواسطة متفجرات ديناميت وحولوه إلى تراب، متذرعين بوجود قبر لشخصية دينية يقصدها الناس في المنطقة، وهو ما يعتبرونه مخالفا للدين وفق معتقداتهم.
وهي ذات الطريقة التي دمر بها الحوثيون عددا من المباني الأثرية، فقد زرعوا في وقت سابق عبوات شديدة الانفجار في أنحاء متفرقة من مسجد دار الحديث بكتاف بصعدة.
وهناك مخاوف من أن يكون تدمير مسجد الفازة، مقدمة لتدمير الآثار في مدينة زبيد التاريخية الواقعة بالحديدة، والقريبة من الفازة.
نفي
وكان بعض أبناء الحديدة بينهم الصحفي بسيم الجناني، نفوا تلك المزاعم، وأكد أنه لا يوجد قبر داخل المسجد، وأنه كانت تقام فيه صلاة لوقت قريب، حتى اندلعت الحرب وتم زراعة الكثير من الألغام في الطرق.
وأشار إلى أن هناك قبرا خارج الجامعة بمسافة، مستنكرا تدمير المسجد الأثري بحجة وجود قبر داخله.
ثقافة دخيلة
في سياق ذلك، يعتقد الكاتب يونس عبدالسلام أن ثقافة تفجير الأضرحة ثقافة داعشية وهابية مورست في سوريا كثيرا خلال الأعوام الماضية، وفي اليمن أيضا، عبر نسف عشرات الأضرحة من قِبل جماعات مسلحة استمدت فكرها من السعودية منذ القدم، وقامت الإمارات باستقطابها مؤخرا لتنفيذ مخططاتها.
تأثير سلبي
وبالنسبة لتأثير تفجير المعالم وآخرها جامع الفازة، فأكد عبدالسلام أن هذا العمل يضيف لقبح صورة "التحرير" مزيدا من القبح لدى المواطن اليمني بشكل عام، ولدى أبناء الحديدة بشكل خاص، على حد تعبيره.
وبيَّن أن "ما مارسته الإمارات في عدن وباقي مناطق الجنوب وكذلك في تعز، كان كافيا لينظر المواطن اليمني في الحديدة أو غيرها لأي عمليات عسكرية بنظرة ارتياب وخوف وقلق"، متسائلا "ما الجدوى من استبدال مليشيات بمليشيات أخرى مساوية لسوئها إن لم تكن أكثر تطرفا وإرهابا منها؟.
وأضاف "الصورة التي قدمتها الإمارات وقوات تابعة لها مقيتة جدا، ولا تخدم أحدا سوى جماعة الحوثي التي تتلقى وسائل إعلامها وصحفييها الأخبار من هذا النوع -كتفجير جامع الفازة- بابتهاج مبرر، كونها تقدم للمواطنين نموذجا لا يمكن ليمني القبول به، ولو كان تحت مسمى "استعادة الشرعية".
أعمال داعش
الصحفي أحمد المقولي، قال "هذا المسجد في منطقة الفازة التي تبعد عن الحديدة 100 كيلو تقريبا على الخط الساحلي، صليت فيه وخيمت في مكان قريب منه اسبوع تقريبا ولم ترى عيني مثل بساطة وجمال وقدم هذا المسجد الاثري".
واضاف: "المسجد مطل على البحر وكانت الامواج تضرب في حيطان المسجد".
وتابع: "ينسب الناس مسجد الفازة الى التابعي اويس القرني، الشاب الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال انه بناه هو".
وقال "المسجد تم تدميره من قبل التحالف التتاري لهذا العصر بحجة ان فيه قبر" مضيفا: أليست هذه أعمال داعش؟
يُذكر أن تحقيقا استقصائيا قامت به وكالة الأسوشيتد برس، كشف قبل أيام عن قيام التحالف العربي بعقد صفقات سرية مع التنظيمات الإرهابية في اليمن، وتجنيد بعض تلك العناصر في صفوفهم.
أهمية تأريخية
ويعد مسجد الفازة واحد من معالم اليمن التاريخية، ويقدر عمره بأكثر من 1200 عام، وبني بطريقة معمارية فريدة.
وتتحدث مصادر تاريخية بأنه بني في العهد النبوي، واستقر فيه الصحابيان معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري، وهو يقع على بعد أمتار من ساحل البحر الأحمر في مديرية التحيتا بالحديدة.
ويتكون الجامع من ثلاث قباب بيضاء، ويحيط به سور مبني من الحجارة، إضافة لمنارة صغيرة، وفناء مكشوف، وقاعة للصلاة، ومقصورة، وعلى مسافة منه توجد مساحة للدفن في الجنوبية الغربية منه.
وظل منذ بنائه مقاوما للملوحة، ويرتاده الزائرون من حين لآخر، كمعلم أثري بارز، ويقع المسجد على مرتفع صخري يرتفع عن سطح البحر بحوالي أربعة أمتار.
ووفقا لتقرير أعده برنامج التواصل مع علماء اليمن، منذ عام 2013 وحتى نهاية 2016، فقد طالت المساجد 282 انتهاكا أغلبهم في صعدة وصنعاء.
وقوات العمالقة التابعة للإمارات والسعودية تتشكل من مجاميع تنتمي للتيار السلفي، الذي جرى تهجيره من قبل الحوثيين في مدينة صعدة خلال العام 2015.