[ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ]
قرابة تسعة عقود من الصداقة والعلاقات الجيدة التي ربطت بين اليمن ودولة روسيا الاتحادية، لعبت خلالها الأخيرة أدوارا مختلفة حتى اليوم.
في تلك المناسبة أقامت اليمن حفلا فنيا في العاصمة موسكو، لإحياء الذكرى التسعين لاتفاق "الصداقة والتجارة" بين اليمن وروسيا، الذي تم توقيعه مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 1928.
تحاول موسكو أن تؤثر بشكل أكبر في الملف اليمني، فقد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية لليمن، معبرا عن استعداد بلاده لدعم الجهود الأممية لإيجاد الحل السياسي للأزمة اليمنية.
وشدد لافروف في مقابلة مع RT الروسية و"باري ماتش" و"لو فيغارو" الفرنسيتين، على أن الأولوية تعود حاليا إلى وقف القتال والانخراط في عملية التسوية السياسية في اليمن.
ويقرأ ذلك المراقبون بأنه يأتي في إطار التوجه الدولي لجعل الحوثيين شركاء في أي حل سلمي في اليمن، برغم تمسك الحكومة وبشدة بالمرجعيات الثلاث أبرز قرار 2216.
توازن العلاقات ومصالح موسكو
حافظت روسيا على علاقاتها خلال الحرب في البلاد مع مختلف الأطراف، سواء الحكومة اليمنية أو الرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي كان حليفا للحوثيين، وكذلك أطراف مختلفة في الجنوب.
وكما هو معروف فلموسكو علاقات واسعة مع طهران ومع الحوثيين في اليمن، فبعد مقتل صالح تراجعت العلاقة بشكل أو بآخر.
ويفسر مركز كارينجي للسلام ذلك التوجه الروسي وحرص موسكو على الحفاظ على علاقات مع مختلف الأطراف باليمن، بأنه يأتي في إطار التطلعات الروسية في البحر الأحمر، ورغبتها بإنشاء قاعدة عسكرية على مقربة من مضيق باب المندب ذي الأهمية الإستراتيجية، والذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.
في المقابل تدرك الإمارات العربية المتحدة ذلك التوجه الروسي، وتحاول استغلاله لإيجاد نوع من التقارب بين البلدين، كون أبوظبي تسيطر على مناطق ومدن مطلة على مضيق باب المندب، وهو ما يغري موسكو.
ففي وقت سابق كشف مركز "ذي أتلانتك كاونسل" للأبحاث والدراسات، عن تقديم أبو ظبي ثمن تدخل موسكو في البلاد، بمنحها مساحة لرسو سفنها البحرية بالعاصمة المؤقتة عدن.
سياسة رمادية
في سياق ذلك، يصف المحلل السياسي محمد الغابري، المواقف الروسية من الحالة اليمنية بـ"الأقرب إلى الرمادية"، برغم أنها ظلت ملتزمة بالقرارات الدولية، التي هناك محاولات من جهات إقليمية ودولية للالتفاف عليها.
ولروسيا -بحسب الغابري- مصالح في اليمن، وكل القوى ترى وجودها فيها يزيد من نفوذها على المستوى الدولي، نظرا لموقع البلاد الإستراتيجي.
وخلص إلى أن موسكو تتعامل بحذر بالغ في اليمن، ولا يمنع ذلك من إيجاد قنوات اتصال مع هذا الطرف أو ذاك، لافتا إلى رغبة روسيا بأن يكون لها حضورا -ولو رمزيا- في جزيرة سقطرى، التي تعتبرها مكانا مناسبا لإقامة قاعدة عسكرية فيها.
ومرت العلاقات بين اليمن وروسيا بحالة من الاستقرار نظرا للبعد الجغرافي بين البلدين، ومواقف موسكو الداعمة للبلاد سابقا.
فيما يستغل الانقلابيون العلاقة بين روسيا وإيران، للضغط لإيقاف تحرير الحديدة، التي تشكل ورقة ضغط قوية بأيديهم لقربها من خطوط الملاحة الدولية، إضافة إلى أنها مدينة ساحلية تمتلك شريطا ساحليا هو الأطول في البلاد.