[ الشجينة اغتيل بعد ساعات من اختطافه ]
ضحيةٌ جديدة تُزهق روحها في العاصمة المؤقتة عدن وبدون ذنب، لكن الهدف هذه المرة ليس إمام مسجدٍ أو ضابط في الاستخبارات إنما هو مدير جمعية خيرية، شخصية لا تعرف سوى مساعدة الفقراء وتنفيذ المشاريع الخيرية.
اغتيال مدير جمعية الإصلاح بعدن محمد الشجينة بعد اختطافه بساعات، حادثةٌ هي الثالثة من نوعها خلال أقل من شهر، حيث اغتيل التربوي وأحد كوادر حزب الإصلاح علي الدعوسي، ومثله اغتيل التربوي مدير مدارس البنيان الأهلية و المحسوب على جمعية الحكمة اليمانية رمزي الزغير.
وسارت كل تلك الحوادث ومثلها محاولات الاغتيال الفاشلة التي نجا منها الناشط في فرع التجمع اليمني للإصلاح بعدن مروان الراعي ومعه التربوي دبوان غالب عضو المكتب التنفيذي الأسبق في إصلاح عدن ورئيس دائرة النقابات فيه، فقد زُرعت بسيارتهم عبوات ناسفة وتم كشفها في واقعتين منفصلتين بمديرية المُعلا، وكأنها لم تحصل أصلاً، فلم تُبادر إدارة أمن عدن عن إصدار ولو حتى بيان يشجب وبرقيات عزاء، فكل تلك الحوادث استهدفت رموزاً محسوبة على جهات تراها دولة الإمارات وأدواتها في عدن حاجز صدٍ أمام مشاريعها.
وبالعودة لحادثة اغتيال الشجينة فقد تعرض للاختطاف وهو في طريقه من منزله بالتواهي لمقر عمله بكريتر، على يد مسلحين يرتدون بزات أمنية صباح اليوم الثلاثاء، وقد حمَّل رئيس دائرة الإعلام بإصلاح عدن خالد حيدان إدارة أمن عدن مسؤولية ما تعرض له الشجينة وذلك في منشور على صفحته بموقع فيس بوك.
وأحدثت واقعة اختطاف وقتل الشخصية المعروفة بنشاطها الإغاثي والإنساني محمد الشجينة ردود أفعال واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقبلها في حواري عدن وأزقتها حيث سيفتقد فقراؤها الشجينة وهو من كان يحرص على توزيع المساعدات والمعونات عليهم.
رئيس الدائرة الإعلامية بفرع التجمع اليمني للإصلاح في عدن خالد حيدان تساءل بالقول،" كيف يمكن إنقاذ البقية؟ فمن الواضح أن هناك قوائم تستهدف كل نخبة المجتمع ومتعلميه و مصلحيه في الجنوب و عدن تحديداً.
وتابع حيدان تساؤلاته،"ما هو موقف الرئيس عبد ربه منصور هادي، أسئلة كثيرة تتداعى لكن أهمها الآن كيف يمكن إنقاذ البقية من الاغتيالات في عدن؟"
أما الكاتب والمحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني فقد لخص أدوات القتل في عدن بالآتي،" الإمارات بقواتها وخلاياها العسكرية والاستخباراتية والإعلامية، أمن عدن بكل أقسامه وأهمها قوات مكافحة الإرهاب، ميليشيات الحزام الأمني، المجلس الانتقالي.
وأتبع الهدياني في منشوره،" الأطراف السابقة هي أدوات القتل بدون شك أو لبس، وجميعها تندرج بين قوسين تحت معطف رقم واحد، قاصداً بذلك دولة الإمارات.
وذكر في منشوره الذي رصده "الموقع بوست" كل ذوي الضحايا والجهات والمنظمات الحزبية والمدنية والحقوقية والإرشادية ممن فقدوا أعزاء في هذه الجرائم يدركون حقيقة أدوات القتل والتي ذُكرت أعلاه.
وأضاف،" الدفاع عن النفس مكفول قانوناً وشرعاً وعُرفاً وفطرياً فلا توجد دولة ولا أجهزة وطنية تحمي المستهدفين وتوقف القتلة المجرمين فلا تعولوا على شيء غير تحرككم أنتم.
وخاطب الهدياني الأطراف المستهدفة بالقول،" لا تنتظروا عون الله وعدله وانتقامه في القتلة والمجرمين الواضحين ما لم تتحركوا أنتم وتفعلوا شيئاً.
واستدرك قائلاً،"هؤلاء ليسو عقائدين بل مرتزقة شقاة وجبناء حقراء تافهون وبمجرد الرد عليهم لن يجرؤوا على تكرار هذا العبث.
عدن حمام دم لا يجف
وقال الصحفي عامر الدميني،" إن ثعبان الموت في عدن يفترس كل شيء في طريقه، وتابع في منشور على صفحته بموقع فيس بوك،" جرائم الاغتيالات تتصاعد يوماً بعد آخر، وكأن في يد القاتل كشفاً بأسماء الضحايا ويواصل مهمته كل يوم.
وذكر الدميني في منشوره أن الإمارات ومليشياتها هي التي تتحكم بالوضع هناك وهم المسؤولون عن كل قطرة دم تُراق.
وتابع،"تتداخل الجرائم ببعضها من الاختطاف إلى الترويع والإرهاب والتحريض والتنكيل ثم الموت بالرصاص، ومن قُتلوا اليوم في عدن بالاغتيال أضعاف من قتلوا عقب حرب 94م، وأضعاف من قتلهم الحوثي في إطار مناطق تواجده.
وأكد،" أن هذا هو النموذج الذي تسعى له الإمارات عن طريق التصفية والإبادة الكاملة، وهو ما سيتكرر في كل مدينة تتواجد فيها.
ومن جهته قال الصحفي مصطفى الجبزي،" بدأت تصفية الإصلاحيين في الشمال على يد الحوثيين وبعد خروج الحوثيين من عدن تكفل الجنوبيون بالمهمة.
وذكر في منشوره له أن أئمة مساجد، خطباء، عاملون إنسانيون، القاتل لا يفرِّق، المهم التهمة إصلاحي.
واختتم منشوره بالقول،" حمام الدم هذا لا يتوقف، يبدأ بخصم ثم يرتد على نفسه، عدن لا تقبل الإصلاحيين ولا العلمانيين، فمن تقبل إذن؟
من يتحمل المسؤولية؟
القيادي الاشتراكي ورئيس مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب قاسم داوود حمَّل الحكومة الشرعية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وقال في تعليقه على الحادثة،"جريمة وحشية، لا يمكن لكل ذي ضمير حي إلا أن يدينها بأشد العبارات، لا يمكن وضع هذه الجريمة وغيرها، وما تشهده البلاد من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي، ومجاعة عامة وسخط عام لم يسبق له مثيل إلا بأنها تدل على وجود عمل خطير و ممنهج يدفع بالبلاد والعباد إلى هاوية سحيقة.
وأضاف داوود في تعليقه: "بعيداً عن الحسابات والمناكفات السياسية فلا يمكن لعاقل أن يعفي الحكومة أو يُقلل من مسؤوليتها عما آل إليه الوضع من تدهور وانهيار، لم تقف أمامه عاجزةً وسلبية، بل عملت على الدفع بوتيرته".
وأما الناشط الإعلامي منير المحجري فقد حمَّل قيادة الإصلاح جزءاً من المسؤولية عما يتعرض له كوادره من اغتيال، وقال في منشوره،" بقدر ما تتحمل الإمارات وأدواتها المسؤولية عن الجرائم المرتكبة ضد شباب الإصلاح في عدن تتحمل قيادة الإصلاح جزءا من تلك المسؤولية.
وعلل المحجري تحميل قيادة الإصلاح مسؤولية ما يحدث بأنها منذ سنتين تشاهد عملية التجريف الممنهج لكوادرها التي تعبت عقدين من الزمن لإعدادهم وليس لديها أي خطط بديلة لإنقاذهم غير الإبداع في صياغة بيانات شجب وتنديد.
بدوره طالب الصحفي أمين بارفيد بالإشارة إلى وجه القاتل العابث بأرواح الناس في عدن، وقال في منشور له،" من اختطف وقتل الشجينة مدير جمعية الإصلاح بعدن اليوم الثلاثاء هو من اختطف أمين عام نفس الجمعية نضال باحويرث من قبل ورماه في السجن وأخفاه لأشهر في مقر مكافحة الإرهاب.
ويعتبر حديث بارفيد اتهاماً صريحاً لفريق مكافحة الإرهاب والذي يعمل بالتنسيق مع إدارة أمن عدن وتحت إشراف ودعم من دولة الإمارات، بالوقوف خلف اغتيال الشجينة.