[ توسعت التقارير الدولية التي تتحدث عن انتهاكات الإمارات في جنوب اليمن ]
ثلاث سنوات منذ بدء عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية اليمن جرت خلالها مياه كثيرة، لكن الثابت الوحيد كان خلال تلك الفترة استئثار دولة الإمارات العربية المتحدة بالسيطرة على المحافظات الجنوبية عقب المشاركة في تحريرها من قبل جماعة الحوثي المسلحة.
وخلال ثلاث سنوات حاولت أبو ظبي تحسين صورتها في الجنوب عبر أدواتها الإعلامية، وذراعها الإنساني ممثلا بالهلال الأحمر الإماراتي - يهتم بتنفيذ أجندة سياسية في معظم الدول التي ينشط فيها - عبر مد المواطنين بالفتات من المعونات، وتقديم المساعدة في بعض المجالات، لكن واقع الحال ازداد بؤسا في معظم المناطق الجنوبية، فغاب الإعمار وزادت الخدمات التي يفترض أن تكون على رأس سلم الأولويات سوءا، وتدهورت الحالة المعيشية للمواطنين، حتى بات المواطنون في المحافظات الجنوبية يتساءلون : هل جاؤوا حقا لإنقاذنا؟.
الصورة من الداخل
لم يكن إهمال حال المواطن أبرز شواهد الفشل فقد برزت ممارسات بلغت حد انتهاك السيادة الوطنية ومنازعة السلطة الشرعية، بل تدبير المؤامرات الانقلابية والمشاركة فيها ضد الشرعية في عدن والسلطات المحلية في بعض المحافظات الجنوبية.
وعلاوة على ذلك فقد ضاق حال الناس ذرعا من ممارسات وانتهاكات يمارسها ضباط الإمارات ومليشياتها المسلحة الخارجة عن سلطة الشرعية في الجنوب.
تقارير تتحدث
لم يعد بالإمكان إخفاء الممارسات والانتهاكات ضد الإنسانية في زمن الفضاء المفتوح، وما ظنت أبو ظبي أن بإمكانها إخفاءه في سجونها السرية في الجنوب، ظهر إلى العلن.
الصورة الحقيقية القبيحة لأبو ظبي في الجنوب كشفت جزءا منها تقارير دولية أظهرت بعض أفعالها وممارساتها في مجال حقوق الإنسان وصل بحسب بعض التقارير الدولية حد ممارسة الاغتصاب ضد السجناء.
ومع بروز تلك الفضائح حاولت أبو ظبي التخفيف منها كالإفراج عن بعض السجناء لكن دون جدوى فما زال صوت المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان يرتفع يوما بعد آخر.
خلال سنوات سعت أبوظبي جاهدة وأنفقت المليارات لمؤسسات وهيئات معنية بالعمل في دوائر صنع القرار والتأثير في الرأي الشعبي لتحسين صورتها، لكن من الواضح أن أبو ظبي أغرقت سمعتها في الجنوب فلم يعد بعد الآن إخفاء صورتها الحقيقية على ضوء التقارير الدولية والتي كان آخرها تقرير الأمم المتحدة .
ومن الواضح أيضاً أن أبو ظبي باتت تخسر سمعتها وصورتها أمام العالم كنتيجة طبيعية لممارساتها في الجنوب وهي تكلفة يرى مراقبون أنها ستكون باهضة.
أسئلة وخيارات مفتوحة
والسؤال الأهم ما خيارات الإمارات أمام كل ذلك؟ وهل يمكن أن تضحي أبو ظبي بسمعتها، مقابل بقاء مصالحها التي تعتبرها هامة في الجنوب؟
هل ستتخلى عن حلفائها وتعود إلى الشرعية؟ وهل هناك أهداف خفية تسعى من خلالها إلى طعن التحالف والشرعية؟
وهل حسمت أبو ظبي خيارها في دعم الانفصاليين في الجنوب؟ أم أنها تستخدمهم كبيادق لتحقيق أهدافها بانتظار اللحظة المناسبة للتخلي عنهم؟
وفقا لأهم نتائج وصدى التقارير الدولية وباستقراء تعامل الإمارات معها فإنه يمكن استشراف بعض الإجابات عن تلك التساؤلات.
فقد خضعت أبو ظبي للضغوط التي أحدثتها التقارير الدولية التي سلطت الضوء على السجون السرية لأبو ظبي في الجنوب، واضطرت معها أبو ظبي لمسح تلك الفضائح بالإفراج عن عدد من السجناء المختطفين في سجونها السرية في حضرموت وعدن، وأغلقت بعضها وسلمت بعضها لإشراف السلطة الشرعية عبر مصلحة السجون.
وهي إجراءات ما كان لها أن تحصل لولا ظهور تلك الفضائح إلى العلن وتسليط التقارير الدولية عليها.
ويتوقع أن تحدث التقارير الدولية تأثيرها في إعادة أبو ظبي لرسم مسارها ولو جزئيا في الجنوب، غير أن لا مؤشرات لذلك حتى اللحظة.