[ إقبال محدود على أسواق المواشي في عدن ]
إقبال محدود على شراء الأضاحي وحركة تجارية خفيفة في أسواق الملابس، تلك هي أبرز ملامح عيد الأضحى بالعاصمة المؤقتة عدن، فبالرغم من كون رواتب المواطنين تُصرف بانتظام، إلا أن قيمتها الشرائية باتت في أضعف حالاتها، ما حدا بالمواطنين أن يكتفوا بصرف رواتبهم على الأساسيات وترك ما دونها، فالأساسيات وحدها لم يعد راتب الموظف كفيلاً بتوفيرها.
وفي السوق المركزي للمواشي الواقع بمديرية المنصورة، يتضح مدى عجز المواطن عن توفير ما كان يستطيع توفيره بالسابق، بفعل التضخم الحاصل بالعملة المحلية، فالسوق يكاد يكون خالياً عدا من بعض المشترين وأضعافهم من المتفرجين، والذين لم يجدوا أضاحٍ بقدر ما لديهم من أموال.
ويستقبل السوق المركزي للمواشي بالمنصورة في هذا الوقت من كل عام آلاف المواطنين، بُغية شراء أضحية للعيد، فهي إلى جانب كونها شعيرة إسلامية عادةٌ لم يقطعها الناس وبها يفرح الأطفال خصوصاً العائلات من ذوي الدخل المحدود والذين لا يجدون اللحم على موائدهم إلا مرةً بالعام.
وبالرغم من كون كل المواشي الموجودة بسوق المنصورة مستوردة من دول القرن الأفريقي وهي معروفة بجودتها الضعيفة مقارنةً بتلك القادمة من الريف المحلي، إلا أن أسعارها بلغت أرقاماً قياسية وغير مسبوقة، وهو ما يُفسر غياب الزحام الذي اعتاده السوق سنوياً؛ فأسعار رؤوس الأغنام المستوردة من إفريقيا والتي كانت بالسابق أرخص بكثير وأسعارها بمتناول الجميع، أصبحت هذا العام بعيدة المنال، فالحد الأدنى للأسعار بلغ 55 ألف ريال يمني لرأس الغنم الواحد أي ما يُعادل مائة دولار أمريكي، ووصل سقف الأسعار إلى 75 ألف ريال.
عبدالقادر محمد، متقاعد في القطاع المدني ولا يتجاوز راتبه 50 ألف ريال، أي ما يُعادل 90 دولاراً أمريكياً، زارَ سوق المواشي رفقة نجله علي وهو الآخر موظف بالقطاع الخاص وراتبه ليس ببعيد عن راتب والده، لكنهما معاً لم يستطيعا شراء أضحيةٍ واحدة حسبما يقول عبدالقادر.
ويضيف عبدالقادر في حديثه لـ"الموقع بوست" أن الوضع المعيشي للمواطنين في عدن بات في أسوأ حالاته كون السواد الأعظم من أهالي عدن يعتمدون فقط على الراتب الحكومي، والذي أصبح بفعل انهيار العملة المحلية لا يساوي شيئاً.
ويذكر،"لم يسبق وأن استقبلت أسرتنا عيد الأضحى دون أن نتمكن من شراء أضحية، إلا هذا العام، فقد حاولنا شراء أضحية وفق ما لدينا من إمكانات لكننا لم نجد.
أما بالنسبة لسوق المواشي بمنطقة اللحوم بدارسعد، شمالي عدن، فالوضع هناك تخطى وضع سوق المنصورة، فقد تجاوز سعر الأضحية الواحدة 160 ألف ريال يمني، فيما الحد الأدنى لا يقل عن 70 ألفا، وذلك فيما يختص برؤوس الأغنام، نظراً لكون هذه المواشي تعتبر محلية ويعرفها المواطنون بـ(البلدي) حيث تُجلب من المحافظات المجاورة كأبين، وهي ذات جودة عالية مقارنة بتلك المستوردة من إفريقيا، لكن أسعارها الخيالية جعلت من الحصول عليها بالنسبة للمواطن البسيط أشبه ما يكون بالخيال.
التزامات فاقت الإمكانات
ما إن يأتي عيد الأضحى من كل عام، حتى تتعاظم الالتزامات على الأسر وتحديداً من يعتمدون على رواتب الدولة فقط، وهم السواد الأعظم من المواطنين، فمن جهة يأتي التزام شراء الأضحية ومن جهة أخرى التزام شراء ملابس العيد وقبل كل هذا مؤونة الأسرة من المواد الغذائية لفترة شهر(راشن)، وليس هذا فحسب فبعد انقضاء أيام العيد يأتي التزام آخر مع بدء العام الدراسي، فشراء القرطاسيات والحقائب وملابس المدارس ليست بالأمر البسيط، بظل الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها عموم المواطنين، بفعل الانهيار الحاصل للعملة المحلية.
ويقول المواطن وحيد سالم بأنه حذف ملابس العيد من قائمة المشتريات، فملابس العيد الفائت لا تزال جيدة، مُعللاً ذلك الإجراء بأنه اضطراري حتى يوفر قيمة الأضحية والتي اشتراها بـ 57 ألف ريال يمني.
وأضاف وحيد في حديثه لـ"الموقع بوست" أن الكبار لا يهتمون بالكماليات من ملابس عيد وغيرها بعكس الأطفال، فالتحدي الأكبر يكمن في كيفية إقناع الأطفال بأن ملابس العيد الفائت جيدة وتصلح لأن تُلبس في عيد آخر، دون إشعارهم بحالة العجز الموجودة.