[ تعرض حزب المؤتمر إلى هزّات كبيرة عقب مقتل علي عبدالله صالح ]
مرَّ حزب المؤتمر الشعبي العام بمنعطفات كثيرة منذ ثورة فبراير/شباط 2011 وحتى اليوم، أدت إلى انقسام أعضائه وقياداته بين مؤيد للشرعية وموالٍ للحوثيين.
عقب الهزات الكثيرة التي تعرض لها المؤتمر وتحديدا بعد موت الرئيس السابق علي عبدالله صالح أواخر العام 2017، يحاول رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي لملمة الحزب، فقد عقد لقاءً بالقاهرة مع عدد من قادة الحزب.
ومنذ أشهر بدأ قادة حزب المؤتمر بفتح خطوط للتواصل مع القادة الآخرين في الحزب المؤيدين للشرعية، وهو ما أثمر عنه اللقاء الذي جمع بينهم والرئيس هادي، وهي الخطوة التي أيدتها الكتلة البرلمانية للمؤتمر، والتي دعت إلى توحيد الجهود ونبذ أي خلافات أو تباينات.
وكان هادي قد وجه دعوة لكافة قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام إلى نبذ الخلافات والتكاتف ورص الصفوف لمواجهة ميليشيا الحوثي الانقلابية واستعادة النظام الجمهوري ومؤسسات الدولة وبناء اليمن الاتحادي الجديد، وذلك خلال اجتماعه مع قيادات الحزب بالقاهرة.
إعادة الحزب إلى الواجهة
ومؤخرا قام هادي بتعيين حافظ معياد مستشارا اقتصاديا لرئيس الجمهورية، في ضوء تلك المعطيات، يرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تريدان أن تعقدا صفقة مع هادي هدفها إعادة المؤتمر إلى واجهة الشرعية في استمرار للسياسة الكارثية التي اعتمدتها طيلة الفترة الماضية عبر تصعيد الخصومة مع أحزاب الشرعية ومحاولة إقصائهم من العملية السياسية.
وقال لـ"الموقع بوست" إن السعودية والإمارات تريدان أن تعقدا صفقة، الطريق ليس مهيئا لإنجازها، كونها تمثل نسخة معدلة من انقلاب 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وأضاف "المؤتمر لا يزال يمارس دور الشريك في الانقلاب على الشرعية ويتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن انهيار الدولة"، معتبرا ما يجري اليوم "محاولات وقحة لمكافأة المجرمين والقتلة، وتجاوزا لمبدأ الشراكة الوطنية والثوابت التي اتفق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني الشامل".
وتابع "حزب المؤتمر الشعبي العام يمثل تجسيدا للتركة السياسية المبعثرة التي خلفها صالح بعد أن جرب الاستثمار الخطر في هذا الحزب، أملا في استعادة السلطة التي فقدها مرتين، مرة بسبب الثورة الشعبية، ومرة حينما تآمر مع الحوثيين وانقلب على السلطة الانتقالية التي كان شريكا فيها".
واستطرد "لقد تشظى الحزب في حياة صالح وتمزق بعد مقتله إلى أربعة أقسام، بعضها يتبنى خط الانقلاب وبعضها يدعم الشرعية وبعضها اتصل بأجندات إقليمية خطيرة، وهدفها إعادة بناء سلطة هشة ويمن ضعيف ومخترق ومفكك".
مستقبل الحزب
ولا يزال حتى اليوم هناك جدل كبير حول إشراك المؤتمر جناح صالح الذي كان متحالفا مع الحوثيين بالسلطة، وعن ذلك استعرض عضو مؤتمر الحوار الوطني السابق سلطان الرداعي أسباب رفض الحزب التي ذكر أنها تعود إلى عدم مغادرة البعض لمربع ثورة التغيير 2011، ولم يتقبلوا أن يكونوا في خندق واحد مع من ثاروا عليهم سابقا، متجاهلين المستجدات والأحداث والحروب التي جرت بعد ذلك.
وتابع لـ"الموقع بوست" وهناك من يرفض بدعوى أنه كان حليفا لمليشيات الحوثي الإمامية في انقلابها وإسقاط الدولة، وأنه لم يعترف بالشرعية إلى الآن، وآخرون لديهم تخوف من أن تستخدمه الإمارات لتنفيذ مخططها وضرب خصومها داخل اليمن، وأن تكون تجربة حفتر (ليبيا) جديدة لدينا في البلاد، إضافة إلى وجود مخاوف من تفرده بالساحة السياسية".
في ضوء ذلك، يعتقد الرداعي أن مستقبل المؤتمر تحدده قياداته الفاعلة وأسرة صالح وقيادة الشرعية برئاسة هادي، موضحا "إذا تم التوافق بين الثلاثة الأطراف والتنسيق لإعادة الحزب تحت قيادة رئيس الجمهورية، وبمشاركة فاعلة من أسرة صالح لما لها من مكانة اعتبارية لدى قواعد الحزب العريضة، مع تفعيل دور القيادات الفاعلة للاستفادة من تجربتها وخبراتها المتراكمة، سيكون حزب فاعل ومؤثر".
أما إذا ظلت أسرة صالح رافضه شرعية الرئيس هادي والعمل تحت قيادته وبقت قيادات المؤتمر الفاعلة، فمصير الحزب التشظي، خاصة في ظل بقاء تيار صنعاء الذي يدعي التمثيل الشرعي للمؤتمر تحت عمامة الحوثي لمواصلة خدمة مشروعه، وفق الرداعي.
وأكد في ختام حديثه أن الكرة بملعب أسرة صالح والقيادات الفاعلة لتحديد المسار الذي سيسلكه الحزب، الذي هو من القوى الجمهورية التي وقفت في وجه الإمامة.
جناح سياسي للحوثيين
عقب مقتل صالح كانت هناك دعوات لاحتواء حزب المؤتمر من قِبل الشرعية، كون مليشيات الحوثي ستحاول الاستفادة منه وجعله ممثلها سياسيا أمام المجتمع الدولي، خاصة بعد حرص الجماعة على حوثنته.
وفي يوليو/حزيران أطاحت جماعة الحوثي بالقيادية في المؤتمر فائقة السيد من موقعها كوزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة المشتركة مع حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء.
وفي الشهر ذاته وصل وفد من حزب المؤتمر الذي كان يترأسه صالح، إلى العاصمة السعودية الرياض، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في البلاد.
وفي وقت سابق بعد موت صالح، جمدت الكتلة الوزارية للمؤتمر الشعبي العام في صنعاء مشاركتها في حكومة الانقلاب التي تقودها مليشيا الحوثي.
وكلّف حزب "المؤتمر الشعبي العام"، في صنعاء، القيادي صادق أبو راس برئاسة الحزب، خلفا للراحل علي عبد الله صالح، الذي قتل علي أيدي مسلحي جماعة الحوثي، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي.