[ تصعيد جديد للحوثيين يؤجج الصراع بالمنطقة ]
تدخل الأزمة اليمنية مرحلة أكثر صعوبة من سابقاتها، وذلك بعد توسيع الحوثيين لدائرة أهدافهم الخارجية التي بدأت قبل أشهر باستهداف السفن في خطوط الملاحة الدولية، وانتهت بإعلان الجماعة قصف مطار أبوظبي الدولي بالإمارات.
أعلن الحوثيون عن استهداف ناقلتي نفط تابعتين للشرطة الوطنية السعودية للنقل البحري في البحر الأحمر، إضافة إلى استهدافهم لمطار أبوظبي الدولي بطائرات صماد 3 المسيرة، نقلا عن وكالة سبأ التابعة للحوثيين.
السعودية أكدت مهاجمة الحوثيين لسفنها، بينما أبو ظبي أعلنت عن وقوع حادثة في المطار تسببت بها مركبة نقل الإمدادات.
جاء هذا بعد تهديد الحوثيين في وقت سابق أبوظبي أنها ستكون هدفا استراتيجيا لصواريخهم، وهو الأمر الذي لم يستبعده عسكريون في حال استمرار الدعم الإيراني للجماعة.
كما تزامن ذلك التصعيد مع مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة في البلاد، وإيقاف معركة الحديدة التي يمر عبر مينائها قرابة 70% من الاحتياجات الأساسية لليمنيين.
ردود أفعال مختلفة
وكان قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قد وجه تهديدا مباشراً للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قائلاً إن البحر الأحمر لم يعد آمناً، في إشارة منه إلى قيام مليشيات الحوثي ، بشن هجوم على ناقلتي نفط سعوديتين مؤخرا.
أما الرئيس حسن روحاني فكان قد هدد بإغلاق مضيق هرمز، ومواجهة الولايات المتحدة بطرق مختلفة بقوله "لدينا مضائق كثيرة وهرمز أحدها".
الأمم المتحدة بدورها اعتبرت التطورات الأخيرة باليمن، تؤكد مدى حاجة البلاد لحل سياسي عاجل.
وأدانت البحرين استهداف الحوثيين لناقلتي النفط بالبحر الأحمر، مؤكدة أنه تهديد خطير للملاحة الدولية، وخرق صارخ لكافة القوانين والأعراف الدولية.
نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر من جانبه، اعتبر استهداف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر، بأنه عمل إرهابي يكرس مساعي الحوثيين وبدعم من إيران لتعطيل حركة الملاحة البحرية ورفض السلام والمبادرات المقدمة بخصوص تسليم الحديدة.
من جانبه اعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش"، استهداف الحوثيين لناقلتي النفط السعودية، اعتداء ممنهج على الملاحة البحرية، مؤكدا استعداد بلاده لنشر مزيد من القوات بالشرق الأوسط.
في سياق متصل كانت السعودية قد أعلنت عن إيقاف مرور جميع شحنات النفط الخام الخاص بها والذي يمر عبر مضيق باب المندب بشكل فوري ومؤقت حتى تصبح حركة الملاحة آمنة في المضيق، بينما تقول الكويت إنها قد تتخذ قرار وقف صادرات النفط عبر مضيق باب المندب.
تنامي الغضب ضد إيران
وفي قراءته للمتغيرات الجديدة، توقع الباحث عبدالسلام محمد أن تكون إيران على موعد مع غضب دولي لم يسبق له من قبل، وستدفع ثمنا كبيرا لتهديداتها ضد ممرات النفط الدولية وتنفيذها لذلك من خلال ميلشياتها في اليمن.
وذكر أن إيران تريد أن يشكل الحوثيون تهديدا دائما لأمن الخليج جنوبا، لافتا إلى أن بإمكان الخليج أن يحول الجنوب امتدادا لأمنه القومي، لكن من خلال استعادة الدولة اليمنية والشراكة معها في تأمين باب المندب وإنشاء موانئ نفط لا تتحكم فيها إيران أو ميلشياتها.
وقال إن تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز يعطي للسعودية فرصة التشارك مع الشرعية اليمنية في تفعيل موانئ المهرة وحضرموت لتصدير النفط الخليجي إلى البحر العربي والمحيط الهندي، وكذا تحرير الحديدة وتأمين الساحل كاملا مع استمرار استهداف الحوثيين للسفن بباب المندب.
ورأى أن التحالف كان قادرًا على حسم معركته في الحديدة لكنه كان مصرا على اشراك دولي فيها لضمان نجاح العمليات وعدم تحمل تبعاتها، وهو يجبر العالم اليوم على تأديب إيران بعدما اثبتت انها تُمارس تهديداتها الإرهابية ضد أمنه عمليا من خلال ميلشياتها في اليمن.
تداعيات مختلفة
وحول تداعيات الأحداث الأخيرة باليمن، يعتقد المحلل السياسي فيصل علي أن قواعد الاشتباك تغيرت، متوقعا أن يتحول كل هذا الحراك العسكري إلى ملف المفاوضات السياسية.
وعن إمكانية ضرب أمريكا لإيران إذا ما أغلقت الأخيرة مضيق هرمز، استبعد ذلك كون المشروع الأمريكي منذ القرن الماضي في الشرق الأوسط يمضي باتجاهين متضادين؛ لتحقيق السلام مع إسرائيل وارضاخ المنطقة لسلطته بعد تمزيقها طائفياً.
وبحسب علي فإن الاتجاه الأول يمضي نحو دعم السعودية كقائدة لأهل السنة، ودعم إيران كقائدة للشيعة، من أجل تمزيق المنطقة.
تحشيد إيراني
في سياق متصل، كان الكاتب أحمد شبح قد تحدث في مقال له حمل عنوان (تحشيد إيراني عابر للحدود)، عن قيام الحشد الشعبي بالعراق بفتح مكاتب للتجنيد ومعسكرات لتدريب مقاتلين استعدادا لإرسالهم للقتال في صفوف مليشيا الحوثي في اليمن.
وأكد أن المشروع الإيراني في المنطقة بات اليوم أكثر وضوحا، وأن المنطقة مقبلة على فصل جديد للمعركة يتعدى التصريحات والتهديدات الكلامية.
ووفقا لشبح "قد تنجح طهران في تخفيف بعض الضغوط التي يواجهها الحوثيين، واجبار خصومها على انشاء سياج دفاعي وتكديس قوة وعتاد، وتحريك أدواتها وأوراقها النائمة لزعزعة استقرار ممالك النفط وإرباك عواصم الخليج من الداخل تحت لافتات حقوقية ومظلومية سياسية واستضعاف مذهبي".
ولفت إلى أن "مخزون العدد والعتاد، الذي بات بيد طهران يساعدها في ابقاء المعركة خارج أرضها؛ بعيدا عن حدودها وقرب حدود خصومها وأعداؤها، ويمنحها إمكانات المناورة والتحكم في زمان ومكان المواجهة، ويساعدها للدفع بقوتها وقدرتها إلى أطراف حدود المملكة ودول الخليج العربي ضمن مخطط التقرب من مكة، عبر العراق شمالا وصنعاء جنوبا، ويمنحها قدرة هجومية وابقاء العرب في وضع دفاعي -في أحسن الأحوال- ويسهل اختراق خطوطهم الدفاعية".
وتوقع أن تدفع طهران النظام العراقي للتدخل رسميا وارسال المقاتلين لمساندة الحوثيين، كما فعل نظام الراحل علي صالح الذي أرسل كتائب من الجيش للمشاركة في حرب العراق (صدام) ضد إيران 84- 85م. وقد تستدعي حلفائها الدوليين للتدخل عسكريا في اليمن.
يُذكر أن صحيفة واشنطن تايمز، كانت قد قالت إن استراتيجية الولايات المتحدة في اليمن تراجعت مقابل سيطرة وكيل إيران المتمثل في المسلحين الحوثيين.
ومن شأن إغلاق باب المندب، أن يلحق مخاطر كثيرة بتجارة النفط العالمية. إذ يتحكم المضيق في الوصول إلى محطات النفط المتعددة وخط أنابيب النفط الذي تملكه شركات حكومية من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ويدعى السويس - المتوسط أو خط أنابيب سوميد.
لذا فإن إغلاق باب المندب سيمنع وصول نفط الخليج العربي إلى قناة السويس أو خط أنابيب سوميد وتحويلها إلى الطرف الجنوبي من إفريقيا، مما يزيد من وقت العبور وتكلفته، بالإضافة إلى ذلك، لن يعود بالإمكان لتدفقات النفط الأوروبي والجنوبي الإفريقي التوجه إلى الأسواق الآسيوية عبر قناة السويس وباب المندب.
وتشير التوقعات بوصول التكاليف الإضافية للنقل لأكثر من 45 مليون دولار يوميا، كما الارتفاع في تكاليف الشحن بإضافة 6000 ميل بحري بالنسبة للناقلات التي ستعبره.