[ سقط عشرات الشباب في مجزرة جمعة الكرامة في 2011م ]
سبعة أعوام مضت، منذ أن نفذ النظام السابق الذي كان يرأسه علي عبدالله صالح، مجزرة جمعة الكرامة التي قُتل فيها العديد من شباب ثورة فبراير/شباط السلميين، وأدت إلى تنامي الغضب الشعبي ضد صالح.
سقط في مثل هذا اليوم عام 2011، بأيدي أفراد الأمن الملثمين الذين أشعلوا النيران في أحد مداخل ساحة التغيير، 57 قتيلا، و200 جريحا، نتيجة لرصاص القناصة الذين تمركزوا في المنازل المحيطة بالساحة.
لكن لم تجف دماء قتلى جمعة الكرامة حتى اليوم، إذ إن محاكمة المتهمين بالقضية الذين تم القبض على بعضهم بواسطة شباب الثورة، لم تتم بشفافية، وحدث تلاعب كبير، في محاولة للتستر على تلك الجريمة التي استنكرها المجتمع الدولي.
وأدى غياب الدولة بعد انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، إلى إهمال ملف محاكمة القتلى، خاصة أن أغلب الثوار بعد سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة، اضطروا بعد التضييق الكبير عليهم إلى مغادرة البلاد.
وتحل على اليمنيين الذكرى السابعة لمجزرة جمعة الكرامة، في ظل متغيرات كثيرة، أبرزها مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
محاكمة القتلة
ويعتبر الصحفي وأحد شباب ثورة فبراير عدنان الراجحي، أن احتفاء شباب الثورة بهذه المناسبة، تغير كثيرا عن سابقيه بعد مقتل المدبر الأول لمجزرة جمعة الكرامة علي عبدالله صالح، الذي لقي مصرعه علي يد حليفه الحوثي.
واستدرك في تصريحه لـ"الموقع بوست" لكن ما يزال هناك متورطون آخرون في المجزرة، لافتا إلى وجود أطراف في الحكومة الشرعية لديها تفاصيل عن القتلة، ويجب أن تساهم في الكشف عنهم لينالوا جزاءهم، على حد تعبيره.
وأفاد بأن شباب ثورة فبراير/شباط 2011، يرون أن الاقتصاص للشهداء عهد لا يمكن التخلي عنه، برغم ما تمر به البلاد من حرب، وحدوث مجازر مروعة.
وعلل ذلك بالقول: "لقد ضحوا بأنفسهم من أجل أن نعيش بكرامة، ويجب أن نصون هذا العهد، فجمعة الكرامة بالنسبة لنا كانت المسمار الأخير في نعش نظام المخلوع صالح، رغم الدموية والمشاهد التي لا يمكن أن تفارق أذهاننا".
تحديات
وبالنسبة للكاتب محمد العليمي، فيعتقد أن ثورة فبراير أنجزت جزءا أساسيا من التغيير المتمثل بتغيير رأس النظام السياسي، وإحداث خلخلة في بنية النظام السابق، فضلا عن تفكيك الكتلة السياسية التي كانت تستند على النفوذ العسكري والتجاري والقبلي.
لكن الثورة -وفق العليمي الذي صرح لـ"الموقع بوست"- اصطدمت أيضا بتحديات كبيرة، كونها استطاعت كسر النظام السياسي، وحققت جزءا مهماً من شكل المستقبل عبر إنجاز وثيقة الحوار الوطني، لكنها لم تستطع أن تحقق مبادئ العدالة الانتقالية، أو إنصاف الضحايا خاصة في جمعة الكرامة.
وأضاف "مجزرة الكرامة مُغيبة، فتواطؤ أجهزة القضاء والسياسة والنفوذ، عملت على تغييب حقيقة الجريمة وهوية القاتل، وظلت الحقيقة تائهة حتى اليوم".
ويرى العليمي أن هناك إهمالا متعمدا من قبل النظام الجديد لأسر الشهداء، والتراخي في تطبيق أدنى حدود العدالة الانتقالية المتمثل بمعرفة الحقيقة.
استفزاز
وكان الرئيس عبدربه منصور هادي، قد قام بتعيين الأخ غير الشقيق للرئيس السابق صالح "علي صالح الأحمر" بمنصب قائد لقوات الاحتياط "الحرس الجمهوري سابقا".
ولاقت مثل تلك التعيينات انتقادات واسعة، خاصة أنها تزايدت بعد ظهور أجندة جديدة لبعض الدول المشاركة بالتحالف العربي، كالإمارات التي تسعى لإعادة حلفائها للواجهة.
في هذا الصعيد اعتبر الراجحي، أن قيام الحكومة الشرعية بلملمة وتجميع رموز النظام السابق، وتعيينهم في مفاصل الدولة العسكرية والمدنية، استفزت الكثير وخاصة أهالي الشهداء، مُطالبا الحكومة بأن تدرس حساسية هذا الأمر بالنسبة لأهالي الشهداء.
بينما أكد العليمي أن مثل تلك القرارات التي تعيد تدوير رموز نظام صالح، ولا سيما الذين وقفوا إلى جانب مليشيات الحوثي، سواء أكانت بقناعة ذاتية، أم بناء على ضغط من السعودية والإمارات، فإنها تعتبر صفعات لتضحيات شهداء جمعة الكرامة، وكل الشهداء الذين تساقطوا منذ ثورة 11 فبراير/شباط وحتى اليوم.