[ فوضى وانفلات أمني بعدن ]
تتصاعد بشكل مستمر حدة العنف والاضطرابات الأمنية، في المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة القوات الموالية والمدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة.
تنوعت تلك الاضطرابات بين تفجيرات إرهابية تستهدف غالبا مؤسسات تابعة للدولة، واغتيالات عديدة، كانت هي العنوان الأبرز بالمحافظات الخاضعة للقوات الموالية لأبوظبي.
يوم أمس الاثنين فقط، اغتيل جندي في أمن المطار بعدن وكذا ضابط في أمن العاصمة المؤقتة، إضافة إلى انفجار سيارة مفخخة بنقطة تفتيش في شقرة بأبين، ليكشف ذلك حجم الكارثة التي تعيشها المحافظات المحررة التي تهيمن أبوظبي في الغالب على أكثرها.
مع تزايد واستمرار تلك الاضطرابات التي تقف خلفها مليشيات الإمارات، تتكشف إستراتيجية أبوظبي الرامية إلى مد نفوذها في مختلف المحافظات، من أجل تحقيق أهدافها واستمرار السيطرة على المناطق الساحلية والموانئ ذات الموقع الإستراتيجي.
وكان وزير النقل صالح الجبواني حمل الإمارات مسؤولية الوضع المزري الذي تعيشه المحافظات المحررة، متهما أبوظبي بالمساهمة في انتشار كبير لتنظيم القاعدة وهو ما لم تشهده تلك المناطق من قبل.
أهداف أبوظبي الخفية
في هذا الصعيد يؤكد الإعلامي عبدالله الحرازي أن الاضطرابات في المناطق المحررة هي الهدف الأساسي للتواجد الإماراتي هناك، كون تلك الدولة تريد استمرار انعدام الاستقرار لحسابات خاصة.
وبحسب الحرازي الذي تحدث لـ"الموقع بوست" فإن الإستراتيجية الإماراتية لا تهدف إلى منع الاضطرابات في المناطق المحررة، بل التحكم بعناصرها.
وعزز ذلك بالقول "إن ثلاثة أعوام كانت أكثر من كافية لخلق مناخ مستقر وأنموذجي، حيث تحتكر الإمارات عبر مليشياتها كل أدوات القوة من سلاح ومقاتلين لم يعد ينازعهم أحد، بعد التخلص من كل قوة محتملة قد تهددها، خاصة ما تبقى من قوات حكومية أو أفراد المقاومة الشعبية".
ولفت إلى إنشاء الإمارات وتكوين مليشيات منفصلة تابعة لها بمسميات عديدة، وكذا رعاية جماعات مشبوهة تستهدف إقلاق السكينة وتقدم مبررا لبقية مليشياتها، للسيطرة على مالم تطله يد العبث الإماراتية تحت مسمى بسط الاستقرار.
وأضاف "المواطن اليمني يُذعن أملا في أمن منشود، لكنهم يفاجؤون بما يحدث بعد ذلك، إذ تصارع مليشيات الإمارات طواحين هوائها منذ 6 سنوات، والنتيجة لا أمن ولا استقرار ولا خدمات ولا تنمية".
وعدَّ الحرازي استمرار أبوظبي بذلك الدور بأنه تجريف لكل مقومات ومؤسسات الدولة، واستحداث مسرحيات صراع هوجاء لإشغال الناس عن المطالبة بالخدمات وعن العبث الخفي للتواجد الإماراتي.
وخلص إلى أن الإمارات تريد لعب دور استعماري وإشغال اليمنيين بصراع بعضهم، فيما تتحكم هي بما تريد من مقدرات ومواقع إستراتيجية.
سلطة موازية للشرعية
وكانت الإمارات قامت بتشكيل قوات تابعة لها في مختلف المحافظات المحررة، والتي قالت تقارير تابعة للأمم المتحدة إنها تعمل على تقويض الشرعية.
ويقول المحلل السياسي محمد الغابري، إن الاضطرابات الأمنية في أي بلد أو منطقة، ناتجة عن سبب جوهري يتصل بالسلطة.
وتابع لـ"الموقع بوست" أن السلطة في أي بلد هي التي توجِد الأمن والسلم الداخليين، وحين تحدث اضطرابات فإنها تشير إلى وجود خلل في السلطة وأنها ضعيفة.
وحول ما يجري في المحافظات المحررة، أوضح أن هناك تنازع على السلطة وتعدد مصادرها، بينما السلطة الرسمية ضعيفة لا تمتلك القرار.
وأفاد بأن دولة الإمارات تقيم سلطة موازية للسلطة الشرعية، والقانون الطبيعي يقول بأنه يستحيل قيام سلطتين في مكان وزمان واحد، كون ذلك يعني أن كل واحدة منها تصدر أوامر في شأن واحد، لكنها أوامر متصادمة.
ونتيجة لذلك رأى الغابري أن الاضطرابات الأمنية التي تشهدها المناطق الخاضعة للقوات الموالية للإمارات، ستستمر في ظل وجود سلطة موازية للسلطة الشرعية.
وتتزايد نتيجة لاستمرار الاضطرابات الأمنية وخلق الأزمات في مختلف المحافظات المحررة، مخاوف المواطنين من عدم الخروج من مربع الفوضى والصراعات، التي بدورها تنعكس على حياتهم بشكل كبير.