[ لم تستطع حكومة بن دغر تصدير النفط والغاز - أرشيفية ]
بعد مرور قرابة أربع سنوات منذ آخر ميزانية تم اعتمادها لليمن مطلع العام 2014، تم اعتماد ميزانية للبلاد التي تعيش في ظل الحرب، التي تدهورت معها مختلف مناحي الحياة.
وأقرّت الحكومة اليمنية موازنة الدولة لعام 2018، بتسعمئة وثمانية وسبعين مليار ومئتين وثلاثة مليون وخمسمئة ألف ريال، ونفقات تقدر بترليون وأربعمئة وخمسة وستين مليار واثنين وأربعين مليون وستمئة وواحد وثلاثين ألف ريال وبعجز مالي يبلغ 33%.
تضمنت النفقات الضرورية ورواتب الموظفين، باستثناء المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ما عدا موظفي الصحة والقضاء والجامعات واللجنة العليا للانتخابات. لكن مصير موظفي المناطق غير المحررة مرتبط بضرورة توريد إيرادات مختلف المؤسسات إلى البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن، وهو ما يعني أن معاناتهم ستستمر فيما لم تلتزم تلك المؤسسات.
وقال رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، إنها تظل موارنة تقشفية محكومة بظروف الانقلاب، وحدوث التمرد على الشرعية، وخضوع نصف السكان وربع الأرض تقريباً تحت سلطة الانقلاب.
وذكر أن الحوثيين تسببوا بتوقف اقتصاد البلد وخاصة تصدير النفط الذي كانت تعتمد عليه موازنة الدولة بنسبة 75%، بعد انقلابهم في سبتمبر/أيلول 2014.
وبرغم أن الميزانية لا تفي باحتياجات البلد التي دمرتها الحرب، لكن اقتصاديين يعتقدون أنها ستعمل على إنعاش الاقتصاد في اليمن، والذي بدوره سيعمل على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، إن نجحت الحكومة بالحصول على الإيرادات.
صعوبات
وإزاء التفاؤل بإعلان تلك الميزانية، التي يمكنها أن تقلل معاناة المواطنين اليمنيين، الذين يعيشون ظروفا صعبة جراء ارتفاع الأسعار، وانقطاع رواتب قرابة 1.200.000 موظف، هناك مخاوف من عدم قدرة الحكومة على توفير الموارد المالية المطلوبة للإيفاء بالتزاماتها.
وتعود تلك المخاوف إلى عدم قدرة الحكومة على بسط نفوذها على الموانئ اليمنية وحقوق النفط والغاز، إضافة إلى استمرار وصول إيرادات بعض المؤسسات الحكومة إلى يد مليشيات الحوثي الانقلابية.
والثلاثاء الماضي، قدمت موانئ خليج عدن شكوى أنَّ الإمارات تمنع وصول 13 ناقلة وسفينة إلى ميناء عدن منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقبل أيام كشف وزير النقل صالح الجبواني، عن توجه الحكومة اليمنية لإسناد مهمة وتأمين مينائي عدن والمكلا بحضرموت، لقوات خفر السواحل والداخلية اليمنية، بعد أن كانت تحت سيطرة قوات تابعة لدولة الإمارات.
وهو ما يعني أن الحكومة اليمنية تعمل باتجاه الاستفادة من مختلف المؤسسات الإيرادية، لتستطيع أن تحول أرقام الموازنة المُعلنة إلى واقع ملموس، لكن ذلك يضع تساؤلات عدة عما إذا كانت أبو ظبي ستُسهل على الحكومة القيام بذلك، خاصة أنها كانت تطمح بمد نفوذها ودعم اقتصادها عبر سيطرتها على موانئ اليمن الاستراتيجية.
عقبتا التحالف والحوثيين
وفي هذا الصعيد أفاد الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية فاروق الكمالي، أن الحكومة اليمنية محاصرة من الحوثيين والتحالف على السواء، لعدم سيطرتها على موارد المحافظات المحررة.
وبيَّن في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن قيام الإمارات بمنع تصدير خام المسيلة من ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت منذ أغسطس/آب الماضي، فضلا عن سيطرة الحوثيين على إيرادات مينائي الحديدة والصليف، وعلى أموال ضخمة من الضريبية، ومن الإيرادات الجمركية في مناطقهم، باستحداثهم منافذ جمركية في ذمار ورداع وصنعاء.
ورأى أن الموازنة التي أُعلنت لا تعكس الواقع، والحكومة لا تستطيع الحصول على إيرادات سنوية بنحو تريليون ريال.
فالتحالف العربي -بحسب الكمالي- يمنع تصدير النفط الذي يمول 75% من الموازنة العامة للدولة، ويحرم البلد من إيرادات تُقدر بنحو ملياري دولار سنويا، فيما لا يزال إنتاج الغاز الطبيعي متوقفاً منذ 33 شهرًا بسبب التحالف، مما يحرم اليمن من إيراد سنوي يصل إلى 700 مليون دولار.
توقعات
وتعليقا على الموازنة المُعلنة، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، إنها مؤشرات عامة للموازنة وليست موازنة تفصيلية، لتضمُنها إيرادات متوقعة تقدر بترليون ريال، ونفقات تقترب من ترليون ونصف ترليون ريال.
وفي منشوره على صحفته بموقع "فيسبوك" انتقد عدم حديث الحكومة عن رواتب المعلمين، وعدم إيلائها العملية التعليمية الأولوية في تسليم الرواتب.
واعتبر إعلان الموازنة بأنه خطوة إيجابية، ستسهل عملية تقييم أداء الحكومة، لكنه طالب بإعلانها بشكل مُفصل ونشرها لعامة الشعب، لتعكس فيه عملية الانفاق في الموازنة العامة للدولة.
وتوقع أن يفوق العجز 70%، إذا لم يتم السماح للحكومة بتصدير النفط والغاز، وستكون مؤشرات الموازنة أرقاما لا معنى لها.
وأكد نصر على ضرورة أن تتواكب تلك الخطوات، مع تفعيل حقيقي لأجهزة الرقابة والمحاسبة، ومكافحة الفساد، وتعزز الشفافية والمساءلة.
يُذكر أن آخر ميزانية لليمن والتي صادق عليها البرلمان مطلع العام 2014، بلغت إلى 2.88 تريليون ريال (13.4 مليار دولار)، فيما كان يبلغ العجز المتوقع حوالي 679 مليار ريال يمني.