[ تتشتعل جبهة نهم عند حاجة التحالف لإرسال إشارات سياسية - أرشيفية ]
منذ مطلع الاسبوع الماضي بدأ الجيش الوطني بإحراز تقدم واضح في جبهة نهم، التي تعد البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء، والخاضعة لسيطرة الانقلابيين منذ أكثر من عامين.
وأعلن الجيش الوطني تحرير مواقع عسكرية جديدة في مديرية نهم شرقي صنعاء، وقتِل وجُرح خلالها عدد من أفراد مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
وتزامنت تلك الانتصارات مع زيارة تفقدية للخطوط الأمامية في جبهة نهم، قام بها نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر، قبل يومين.
أكد خلالها أن الجيش الوطني مع كل أبناء الشعب اليمني تحت قيادة الشرعية، ماضون في استكمال التحرير واستعادة الدولة اليمنية، وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار وتحقيق السلام، بحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".
مصير غامض
وعقب مرور عامين على بدء الحرب في اليمن، صار الغموض يسود الساحة اليمنية، بعد ظهور أجندة جديدة للتحالف العربي تتناقض مع الأهداف المُعلنة من قِبلهم.
وبدا التناقض واضحا بعد تضارب تصريحات السعودية حول رؤية الرياض للحل في اليمن؛ ففي الوقت الذي أكد فيه ولي العهد، محمد بن سلمان، استمرار الحرب، إلى أن يتأكدوا أنه لن يتكرر فيها حزب الله، ذهب سفير الرياض في اليمن محمد آل جابر، وبعد ساعات من تصريح ولي العهد، إلى التأكيد أن بلاده ستتخذ طريق السياسة للحل.
فيما قال آل جابر، إن بلاده تسعى إلى تحريك الحل السياسي في اليمن، وتدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في سبيل حل الأزمة وإعادة إحياء المشاورات بين أطرافها.
وأمام هذا المشهد المعقد، لم يعد اليمنيون يثقون بجدية وفاعلية التحركات التي تحدث في بعض الجبهات، خاصة أن المعارك في جبهة نهم تحديدا مر عليها أشهر كثيرة، دون إحراز تقدم يمكنه أن يقلب الموازيين في اليمن.
فرض معادلة جديدة
وإزاء ذلك التشاؤم، يرى الصحافي كمال صالح أن هناك العديد من المعطيات التي تجعل التقدم الكبير الذي حققه الجيش الوطني خلال الأيام الماضية، مهم أكثر من أي وقت ومن أي تقدم آخر، خلال الأشهر الماضية.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" ففي الوقت الذي يشهد تحالف الانقلاب، تصدعا متزايدا، جاء تقدم الجيش الوطني في نهم، متسببا بصدمة حقيقية لدى مليشيا الحوثي، والتي بدورها بدأت بتحميل الرئيس المخلوع علي صالح، مسؤولية هذا الحراك الذي تشهده نهم، حتى أن بعض الإعلاميين المحسوبين على جماعة الحوثي، اتهموه بالمسؤولية عما يحدث هناك.
وأضاف "كما أن هذا التقدم يأتي في ظل تزايد الحديث عن الحل السياسي، وبالتالي فالجيش الوطني يريد من وراء هذا التحرك الجاد في نهم، التأكيد للجميع بأنه قادر على فرض المعادلة التي يريدها بعيدا عن محاذير السياسة وتقديراتها".
ووفقا لصالح فإن زيارة الفريق علي محسن لنهم، مثلت أيضا تأكيدا على أن الحسم هو خيار الشرعية، وأن على الجيش الوطني ومنتسبيه أن يمضوا في طريق الحسم العسكري، وألا يلتفتوا لتقلبات السياسة.
وأكد أن متابعة نائب الرئيس لسير المعركة في نهم، هي رسالة قوية، ورد عملي على خطاب الرئيس المخلوع التي تحدى فيها الشرعية، أن تحقق أي تقدم في نهم أو غيرها.
وتوقع أن يكون هناك تقدم فعلي في نهم، لكنه أشار إلى إمكانية ضغط بعض الأطراف الفاعلة في الملف اليمني، لتحديد سقف معين لذلك التقدم.
وأكد أن المطلوب هو أن تستفيد الشرعية من المعطى السياسي لفرض ما تريده، وأن تترك مجالا للجانب العسكري بالتوازي مع أي حراك سياسي.
ورأى أن الحسم الكامل في اليمن، مرتبط بعدة معطيات وليس فقط بالجانب العسكري، موضحا أن ما حدث خلال الأعوام الثلاثة الماضية، جعل اليمن تصل إلى حافة الانهيار.
وتابع "وبالنظر إلى وضع المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين، ندرك جيدا أنه يجب وضع العديد من الاعتبارات بالحسبان، كالوضع الإنساني، والاقتصادي، وغيره، وهذا كله يؤكد لنا بأن الحسم الكامل فضلا عن الحسم العسكري، لن يكون".
الدفع نحو المشاورات
وبدأ المجتمع الدولي مجددا، محاولاته لحلحلة ملف السلام بعد أن أوشكت الحرب على الدخول في عامها الثالث.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، قد زار يوم الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول، المملكة العربية السعودية التي يتواجد فيها الرئيس عبدربه منصور هادي وعدد كبير من المسؤولين اليمنيين، في إطار جولة جديدة لإحياء مشاورات السلام في البلاد.
وقدم ولد الشيخ اقتراحاً لوقف النزاع المسلح في اليمن، والتوصل إلى حل سياسي، مشيرا إلى أن خطوات السلام تقوم على ثلاث ركائز تتمثل بـ"إعادة العمل بوقف العمليات العدائية، وتطبيق تدابير محددة لبناء الثقة من شأنها التخفيف من المعاناة الإنسانية، والعودة إلى طاولة المفاوضات، بهدف التوصل إلى اتفاق سلام شامل".
وأكد أن النزاع في اليمن هو في الأساس نزاع سياسي "لذلك لا يمكن حله إلا بالمفاوضات السياسية"، لافتا إلى أنه يكثف الجهود حالياً مع جميع الأطراف، لتأمين الظروف التي من شأنها إعادتهم إلى مفاوضات جدية.
وتبعد نهم عن أمانة العاصمة حوالي 40 كيلو مترا، وتتميز بطبيعة جبلية وعرة، وهو ما أدى إلى بطء التقدم فيها، وحظيت مؤخرا بزيارات مكثفة لنائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن الأحمر.