[ من المتوقع أن تشهد الجبهات حول صنعاء تحركا عسكريا في الأيام المقبلة ]
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط عمران بيد مليشيا الحوثي بتواطؤ من المخلوع صالح، الذي أراد الثأر لنفسه من أسرة آل الأحمر عقب الإطاحة به في ثورة فبراير/شباط 2011، كما تشير إلى ذلك عديد من التقارير الإعلامية، هناك من يرى أن وقوفها ثانية وعودتها إلى الدولة قد اقترب أكثر من أي وقت مضى.
فبعد التعيينات الجديدة التي طالت رئاسة هيئة الأركان، وتصريحات الرئيس عبدربه منصور هادي، ونائبه علي محسن الأحمر التي أكدا فيها أن الحل في اليمن سيكون عسكريا، عاد الأمل مجددا إلى الكثير من متابعي الشأن اليمني.
فقد شكل سقوط عمران في يوليو/حزيران 2014 الضربة الأقوى التي طالت الجمهورية اليمنية، فقد أعقبها في ذات العام سقوط آخر لرمز الدولة (العاصمة صنعاء) التي تمثل عمران بوابة شمالية لها.
ومن المتوقع أن تشهد الجبهات حول صنعاء تحركا عسكريا واسعا يتم التحضير له، خاصة في الجوف الحدودية مع المملكة العربية السعودية والمتاخمة لصعدة، مما يعني أن الضغط سيكون كبيرا على الحوثيين في معقلهم وفي العاصمة أيضا.
وتتمتع عمران بموقع إستراتيجي مهم، فهي تبعد عن العاصمة صنعاء قرابة 50 كيلومترا، وتتصل بصعدة من الشمال، وصنعاء من الجنوب، ومحافظتي حجة المحويت من الغرب، ومحافظتي الجوف وصنعاء من الشرق. وتتمتع بتضاريس وعرة لوجود كثير من المرتفعات والجبال فيها، وكانت معقلا لعائلة آل الأحمر التي تمتلك ثقلا كبيرا في البلاد، وإليها تنتمي كذلك قبيلة حاشد.
ضخ دماء جديدة
وقبل أيام تم تعيين العميد ركن د. طاهر علي عيضة العقيلي رئيسا لهيئة الأركان العامة، خلفا للواء محمد علي المقدشي الذي شغل المنصب منذ 4 مايو/أيار 2015.
ويراهن كثير من المتابعين للشأن اليمني على التعيين الأخير، كون العقيلي ينتمي إلى قبيلة حاشد كبرى القبائل اليمنية شمالي صنعاء، وهو كذلك ينتمي إلى محافظة عمران الحدودية مع عدة محافظات أبرزها صنعاء ومعقل الحوثيين صعدة.
ويعتقد الصحافي خليل العمري أن قرار تعيين اللواء العقيلي يأتي في إطار تغييرات عسكرية شهدتها المؤسسة العسكرية، شملت مناطق عسكرية إستراتيجة كـ"السابعة" في نهم شرقي صنعاء، والمنطقة السادسة بالجوف، وأخرى سابقة حدثت في المنطقة الرابعة والخامسة والأولى والثانية.
ويرى في تصريحٍ لـ"الموقع بوست" أن الجيش الوطني يخوض حرب تحرير، ومن الأفضل أن يظل مواكبا للتطورات ومتجددا بدماء قيادات عسكرية جديدة فيه.
وأكد على ضرورة أن على الجيش الوطني أن يعمل على استقطاب الضباط في شمال العاصمة صنعاء للانضمام إلى صفوفه، والتنسيق مع ما تبقى من المقربين من المخلوع صالح للانضمام للشرعية، فضلا عن التواجد الميداني في كل الجبهات، والعمل على توفير رواتب شهرية لمنتسبي الجيش، وهي المهمة التي يقول العمري إنها ليست سهلة، لكنه يؤمل الكثير على "العقيلي".
توسع نطاق المعارك
وحول إمكانية بدء تحرير محافظة عمران التي ستسهم كثيرا في عملية استعادة الدولة، يعتبر العمري التحركات العسكرية الأخيرة في الجبهات العسكرية، وتصريحات الرئيس هادي ونائبه الأحمر التي أكدا فيها أن الحوارات السياسية مع الانقلابيين انتهت بسبب تعنتهم، تعطي مؤشرا على بدء مرحلة عسكرية أوسع.
وستكون جبهات شرق صنعاء والجوف (غرب عمران) وما بعد ميدي، هي الجبهات الأكثر اشتعالا في الأيام المقبلة، خاصة مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مأرب والجوف وميدي، وتواجد علي محسن نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بمأرب، على حد اعتقاد العمري.
مسارات أخرى
على خلاف ما يعتقده العمري، فالمحلل الإستراتيجي والعسكري العميد الركن مساعد الحريري، لا يرى أن الأعمال العسكرية على الأرض جديدة، كونها مستمرة في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.
لكنه لفت -في تصريحه لـ"الموقع بوست"- إلى الحديث المتداول إعلاميا عن وجود اتفاق بين دول التحالف العربي والمخلوع صالح، للانقضاض على الحوثي، معتبرا أن ذلك لن يكون مجديا بعد أن أصبح صالح ضعيفا وسيطر الحوثيون على المعسكرات التابعة للحرس الجمهوري، وسيكون سببا في استمرار الصراع في البلاد.
ويُبدي الحريري بعض التشاؤم، فالحرب بالنسبة له سوف تستمر لأجل المصالح التي يسعى وراءها بعض من يوجد في صفوف الشرعية، أو في مليشيا الحوثي، ويتم بذلك استنزاف اليمن وكل المساعدات المقدمة لها.
القبيلة في المعادلة
وظلت عمران منذ سقوطها في يوليو/حزيران 2014 بيد الانقلابيين، هادئة لا تعكر صفوها أي معارك، ليتضح بذلك حجم حرص الحوثيين على وأد أي تمرد فيها، وولاء القبيلة هناك، الذي تؤكد الأبحاث المعنية بهذا الأمر أنه ولاء القبائل اليمنية مرهون بالطرف الأقوى.
وحول ولاءات القبيلة في عمران، فذكر أن عقليتها مبرمجة على أن الدولة قائمة والحرب هي ضد ما يسمونه بـ"العدوان"، لكنهم -وفق المحلل الإستراتيجي- يجيدون التمثيل بالعمل مع الجانبين، ومحاولة استلام مخصصاتهم من قبل الانقلابيين والتحالف العربي في ذات الوقت.
ويستبعد إمكانية سقوط صنعاء، نظرا للطبيعة الجغرافية الوعرة هناك، والكثافة السكانية في العاصمة والتي تعيق التحالف في توجيه ضربات ضد الأهداف الحوثية، بالإضافة إلى الحاضنة الطائفية للحوثيين هناك.
واعتبر أن تمسُّك الشرعية بالفيدرالية تحت مسمى الدولة الاتحادية، هو المؤشر الأقوى للإجماع الإقليمي والدولي الذين يقفون مع الحل السلمي، مطالبا الانقلابيين بالقبول به كونه المخرج الوحيد من الحرب.
وفي حال تعنت الحوثيين ورفضهم، فيقول الحريري إن تحرير تعز والحديدة هو الحل، والاكتفاء بإعلان الأقاليم.
الجدير بالذكر أن اللواء 310 مدرع الذي كان يقوده العميد الركن حميد القشيبي، يعد أقوى ألوية المنطقة العسكرية السادسة، ويوجد به 50 دبابة و800 صاروخ كاتيوشا، ومنصتا إطلاق صواريخ، وشارك قائده في الحرب ضد الحوثيين بعد أن بدأت المعارك فيها مطلع العام 2014، وكذلك في الحروب الستة التي خاضها الجيش الوطني بين عامي 2004 و2010.