[ شكل ميناء ميدي أهمية كبيرة للحوثيين حيث يتم عبره تدفق الأسلحة منذ سنوات ]
تتواصل المعارك في جبهة ميدي الساحلية التابعة لمحافظة حجة الواقعة شمال غربي اليمن، والتي تعد الأكثر إثارة للجدل، في ظل التقدم البطيء الذي تشهده تلك المنطقة الإستراتيجية.
سبق وأن تم تحرير ميدي مطلع العام 2016، لكن سرعان ما استعادتها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، ويعزو مراقبون سبب عدم إحكام القبضة على تلك المدينة، إلى الفساد داخل ألوية الجيش هناك، وعدم تسليح الوحدات المرابطة فيها كما ينبغي.
وكان الانقلابيون طوال الفترة الماضية قد استعدوا جيدا لتلك المعركة التي يخشون خسارتها، فعملوا على زراعة آلاف الألغام البرية والبحرية في ميدي، وهو الأمر الذي أدى إلى تأخير تقدم قوات الجيش فيها، وكذا تهديد السفن في خطوط الملاحة الدولية بالألغام العائمة، وفق مراقبين.
تمتلك ميدي موقعا إستراتيجيا جعلها محط اهتمام الانقلابيين، ويوجد بها جزيرة "ذو حراب" التي تقع على الممر المائي في البحر الأحمر، وجزيرة "بكلان"، وجزيرة "الدويمة" الموازية للشريط الساحلي للبحر الأحمر، والتي تبعد عن شاطئ ميدي مسافة قدرها 300 متر فقط، بالإضافة إلى ميناء "ميدي" الذي يخدم محافظة حجة والمحويت والجوف وصعدة.
ويحث محللون قوات الشرعية والتحالف العربي على ضرورة التحرك في أكثر من منطقة في ميدي، وعدم حصرها في مناطق معينة حددها الحوثيون وجعلوها مربع قتال، يتم خلاله حصد أرواح جنود الجيش الوطني.
ميدي الورقة الأبرز في يد الانقلابيين
تقع ميدي على مقربة من المياه الإقليمية السعودية، وهي محاذية للمملكة باعتبارها إحدى مديريات حجة الحدودية معها، وباتت تشكل ورقة ضغط مهمة بالنسبة للحوثيين خاصة أثناء المفاوضات، فهم يستطيعون عبرها تهديد الرياض بصواريخهم لوجود العديد من المرتفعات الجبلية فيها، بالإضافة إلى قصف المناطق الحدودية بين البلدين.
يستميت الحوثيون في ميدي التي يوجد بها ميناء ميدي، خشية أن يفقدوا هذا المنفذ الأقرب إلى معقلهم في صعدة، لأن لديهم يقين أنهم لن يستمروا في صنعاء ولا في غيرها، كما يقول متابعون، لذا يحاولون الإبقاء على خط يربط صعدة بالعالم الخارجي، وبالتالي يتحقق طموحهم بالحصول على منفذ بحري يشكل رئة حقيقية لهم مستقبلا.
وشكل ميناء ميدي بالنسبة للحوثيين -منذ فترة ما قبل انقلاب 2014- أهمية بالغة، إذ تلقوا عبره الأسلحة المهربة التي تأتيهم من ميناء عصب الأرتيري، ليتم نقلها إلى صعدة، فضلا عن كونه الطريق الآمن لذهاب المقاتلين الحوثيين إلى المعسكرات الإيرانية في أرتيريا.
في حال استطاعت القوات الشرعية المسنودة من التحالف العربي إحكام قبضتها على ميدي، فإن ذلك سيساهم في تأمين خطوط الملاحة الدولية، والحدود السعودية، وستبسط قوات الجيش يدها على باقي مديريات حجة الواقعة شمال غرب صنعاء، وهو ما سيؤثر إيجابا بشكل كبير فيما يتعلق بمسألة استعادة صنعاء، بالإضافة إلى قطع خطوط الإمداد البحرية والبرية عليهم.
استعادة ميدي وباقي مديريات حجة، ستشكل أهمية بالغة، حيث ستكون صعدة تحت طائلة القوات الشرعية، بالإضافة إلى إسهام ذلك في تحرير ما تبقى من مناطق الساحل الغربي في البلاد.
معركة ستقلب المعادلة
مطلع العام الجاري، انطلقت عملية عسكرية واسعة لتحرير الساحل الغربي في اليمن، لكنها توقفت عند الحديدة التي ما تزال في مربع التفاوض، ولم تصل بعد إلى ميدي.
وبالنسبة لتصعيد لقوات الشرعية الأخير في جبهة ميدي، يعتقد الصحافي خليل العمري أنه يأتي في إطار معركة الساحل الغربي لليمن، مشيرا إلى استمرار المفاوضات بشأن الحديدة ومينائها، مؤكدا أن فشل مساعي المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ الذي قدم خارطة حل جديدة تهدف لتسليم المدينة، فإن معركة استكمال الساحل الغربي ستبدأ بقرار سياسي.
وحول الوضع في ميدي يقول لـ"الموقع بوست" إن القوات الشرعية المسنودة من التحالف العربي، حققت طوال الفترة الماضية عديد من الانتصارات، أبرزها السيطرة على منفذ حرض الحدودي، وتحرير وتأمين ميناء ميدي الإستراتيجي، بالإضافة إلى معسكرات كمعسكر الأمن المركزي، والمعسكرات التابعة لحرس الحدود، وكذا تأمين مزارع كبيرة كانت تتخندق فيها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، وانتزاع آلاف الألغام.
بدأت قوات الجيش الوطني في ميدي -وفق العمري- بإمكانيات بسيطة جدا مقارنة مع قوات صالح والحوثي الانقلابية، لكنها تقدمت واكتسبت خبرة كبيرة مع الأيام، وباتت اليوم أفضل من الأمس لوجستياً وبشريا، وأضيف إليها وحدات من قوات التحالف العربي "سودانية وسعودية".
ولفت إلى استمرار المعارك في ميدي، والخسائر المستمرة في صفوف الانقلابيين، إثر استهداف مواقعهم وتعزيزاتهم بشكل يومي مستمر، برغم تحويلهم لمدينة ميدي إلى أنفاق ومخابئ، وزراعتهم لآلاف الألغام فيها.
الخيار الأكثر فاعلية
ويعتقد المحلل السياسي عبدالهادي العزعزي أن تقدم القوات الشرعية في ميدي في هذا التوقيت، يعني أن العملية العسكرية لا تزال الخيار الأقوى والأكثر فعالية، برغم أنها بطيئة قياسا على فارق الإمكانيات والعتاد.
وأشار في تصريح خصه "الموقع بوست" إلى تحرك القوات الشرعية والتحالف في أكثر من جبهة وعلى نطاق محدود، برغم أهمية معركة الساحل الغربي الشمالي منه والجنوبي. مُنتقدا تقدمها البطيء، كون الحرب بحاجة إلى سرعة التقدم على الأرض، توازيها أيضا تحركات سياسية داخلية.
"فالحرب تعني تفاوض بقوة السلاح، وتحرك إعلامي بالإضافة إلى تحرك القيادات السياسية العليا التي ينبغي أن تلتزم بخطاب مطمئن وتعبوي، فضلا عن ضرورة الاهتمام بالمناطق المحررة وتطبيع الحياة"، يوضح العزعزي.
ونحن -كما يذكر العزعزي- أمام مشهد مرتبك سياسيا، فبرغم وصول قوات الشرعية والتحالف العربي إلى مشارف صنعاء، والوصول إلى معسكر خالد بتعز، إلا أن المعارك لا تتجاوز بعض الخطوط، لافتا إلى وجود قوة بشرية في تعز وميدي تحتاج لدفعها للمعركة وتجهيزيها بالسلاح والمستلزمات الأساسية للمعركة، وإعادة توزيع للقوة.
وحث المحلل السياسي اليمني على ضرورة الإسراع والدفع بالجيش نحو استعادة الدولة تحت قيادة موحدة، وليقوم بمهامه في مرحلة ما بعد التحرير، محذرا من خطورة تفتت الجبهة الداخلية، التي بدورها تعمل على ظهور مشاريع غير وطنية، ومشيرا إلى أهمية التقدم العسكري الذي يخلق الأمل لدى المواطن.
الجدير بالذكر أن عقيل الشامي، هو الذي يقود المليشيا الانقلابية في جبهة ميدي، التي تشهد معارك منذ أكثر من عامين.