[ بقايا حطام مروحية أمريكية أثناء عملية إنزال في البيضاء ]
كانت البيضاء من أولى المحافظات التي دخلتها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، عقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، فقاومت بشراسة برغم فارق التسليح لصالح الأخيرين، وباتت من أبرز المناطق التي استنزفت الانقلابيين، برغم إهمال القوات الشرعية والتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
الكثير من الجدل يدور حول تلك المحافظة، التي يغلب عليها الطابع القبلي، وينتمي الكثير منهم إلى التيار السلفي، وعديد من الأحزاب أبرزها حزب التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام.
أدى ذلك الإهمال -كما يقول متابعون لمجريات الأحداث في البيضاء- إلى عدم وجود قيادة موحدة للمقاومة الشعبية هناك، برغم انحصارها في مناطق محددة أبرزها ذي ناعم والزاهر.
مبررات الإهمال
لم تحظَ مقاومة البيضاء بالدعم الكافي من قِبل القوات الشرعية والتحالف العربي، ويعود ذلك -حسب مراقبين- إلى مزاعم تتحدث عن اختراقها من قِبل بعض قوى التطرف والإرهاب منها القاعدة، وبدعوى انتماء بعض أبنائها إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي تنتهج تجاهه سياسة العِداء بعض الدول المشاركة في التحالف العربي والتي تقف ضد تيارات الإسلام السياسي.
ويتحدث محللون عن وقوف النظام السابق وراء تزايد نشاط القاعدة في "البيضاء" بمساهمته بنشر التطرف لتحقيق مكاسب مالية من الدول المانحة، فانعكست آثار ذلك على مجريات الأمور في المحافظة عقب انقلاب 2014.
استغل الحوثيون تواجدهم بالبيضاء التي انصب تركيزهم على إسقاطها منذ وقت مبكر لحسابات كثيرة، وعملوا على التسويق لأنفسهم أمام المجتمع الدولي، على اعتبار أنهم مكافحون للإرهاب، الهاجس الذي يقظ مضاجع الغرب.
أدت شيطنة البيضاء إلى تضررها وبشكل كبير -كما يقول مراقبون- فكان لافتا استهداف الولايات المتحدة الأمريكية لعناصر يُشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، فضلا عن إدراج عدد من أبناء المحافظة في قائمة داعمي وممولي الإرهاب، كان أبرزهم محافظ البيضاء المُعين من قِبل الرئيس عبدربه منصور هادي، وهي الخطوة التي -عدَّها محللون- استهدافا للشرعية وللمقاومة.
إمكانيات متواضعة صنعت الكثير
ويقول الصحافي المتخصص بشؤون البيضاء فهد الطويل، إن المقاومة الشعبية في البيضاء تشكلت بجهود ذاتية وإمكانيات شخصية.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن المقاومة هناك تقاوم المليشيا الانقلابية منذ أكثر من عامين، بما توفر من إمكانيات شخصية وقبلية بأيدي المقاومة الشعبية الذين يخوضون مواجهات عنيفة، ويقومون بعمليات شبه يومية ضد معاقل الحوثيين في مناطق قيفة، وذي ناعم، والزاهر، والصومعة، والوهبية.
وتتركز المقاومة في المحافظة -كما يذكر الطويل- في تلك الجبهات الساخنة، وتخوض فيها معارك شبه يومية ضد الانقلابيين، معتمدة على الضربات الخاطفة والهجمات المباغتة وأساليب الاستدراج والكمائن والقنص، أسفرت عن مقتل العشرات من المليشيا، وكبدتهم خسائر فادحة.
وعن سبب عجز الانقلابيين عن التقدم في البيضاء، أوضح الطويل أن ذلك يعود إلى تصدي المقاومة لهم، وعدم سماحها لهم بإحراز أي نصر.
ونتيجة لذلك، تلجأ المليشيا الانقلابية -بحسب الطويل- إلى سياسة "العقاب الجماعي" فترد بقصف منازل وقرى المواطنين بصواريخ الكاتيوشا والمدفعية والدبابات بشكل عنيف وعشوائي، بالإضافة إلى سياسة الاختطافات ضد المواطنين المدنيين.
معاناة وأمل التحرير
من جانبه أفاد القيادي الميداني والناطق الإعلامي بجبهة ذي ناعم محمد مطلوب العمري، بأن جميع جبهات البيضاء تشهد مواجهات عنيفة ومستمرة مع مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
وأكد لـ"الموقع بوست" أن المقاومة الشعبية بالبيضاء منذ أكثر من عامين ونصف، تقاوم بمجهود شخصي وبدعم من المغتربين اليمنيين في الخارج، وتتلقى دعما بسيطا جدا من التحالف والشرعية، لافتا إلى وصف الانقلابيين للمحافظة بـ"الثقب الأسود"، نتيجة للخسائر التي لحقت بهم.
وأشار العمري إلى امتلاك المحافظة مخزون بشري كبير، سيساعد الشرعية في إسقاط صنعاء، مُضيفا بأنه في حال تحرير البيضاء سيتم تأمين الجنوب كليا، وسيقطع المدد عن بيحان بشبوة، وستلتحم المقاومة بالجيش في مأرب.
ودعا العمري الشرعية والتحالف العربي إلى إمداد مقاومة البيضاء بالأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى معالجة الجرحى، والاهتمام بأُسر الشهداء، وكذا ضم أفراد المقاومة إلى الجيش الوطني، وتسليم مرتباتهم.
وتعاني مقاومة البيضاء -حسب العمري- من إهمال كبير من قِبل التحالف والشرعية في ملف علاج الجرحى الذين قضى الكثير من أفراد المقاومة نتيجة لعدم تلقيهم العلاج، بالإضافة إلى نقص الدعم الحربي، ومتطلبات المقاتلين من سلاح ثقيل وذخائر.
وطالب التحالف والشرعية بتحرير المحافظة، وتدخل الطيران الحربي لقصف أسلحة الحوثيين الثقيلة المتنوعة، والتي أصبحت منتشرة بكثرة في جميع المواقع، وهو الأمر الذي باتوا يعانون منه.
وتحدث القيادي الميداني في مقاومة البيضاء "العمري" عن وجود أخبار تتحدث عن اعتزام التحالف والشرعية تحرير المحافظة، وتسلم الإمارات العربية المتحدة لملف المحافظة، مؤكدا أنهم سيكونون عونا لهم.
داعش يهدد البيضاء
وثمة خطر أكبر يتهدد محافظة البيضاء، فقد تحدث ناشطون فيها عن معسكرات أنشأها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لتدريب أفراده فيها، وتقع تلك المعسكرات على مقربة من مليشيا الحوثي والمخلوع صالح التي تسيطر على أجزاء كبيرة من المحافظة.
وكشف الناشط السياسي عمار التام، وهو من أبناء البيضاء، عن استمرار داعش في إنشاء المعسكرات، كي تصبح المحافظة خنجرا في خاصرة اليمن، مشيرا إلى أنه يتم تأسيس معسكرات لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في البيضاء وعلى مرأى ومسمع من كل الجهات.
ولفت إلى أن كل أبناء المنطقة أصبحوا يتكلمون عن هذه المعسكرات، وقال "هناك من لا يريد اليمن أن تستقر، بل يريد استنساخ السيناريو العراقي في اليمن والحشود الشعبية والتحالفات الدولية لذلك".
وأضاف "ستكون البيضاء الحجة القادمة لإنهاء ما تبقي من اليمن، وهذه التنظيمات ستظل نائمة إلى أن يحين وقتها حين تحركها أجهزة المخابرات القذرة".
وكان تنظيم داعش نشر صورا قبل أشهر، قال إنها لمعسكرات تدريبية له بالبيضاء.