[ احتل ميناء الحديدة أهمية كبيرة في الصراع الحالي في اليمن - أرشيفية ]
حازت محافظة الحديدة الساحلية وميناؤها الإستراتيجي، غربي اليمن، على اهتمام غير مسبوق، في صعيد الصراع الحالي في البلاد التي تشهد حربا شديدة منذ أكثر من عامين.
واستأنف الفاعلون في الأزمة اليمنية تحركاتهم بتبنيهم لملف الحديدة، وذلك لإنهاء الأزمة التي تعيشها اليمن، وتسببت بتدهور مختلِف مناحي الحياة في البلاد.
وتحدث المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، يوم الاثنين 17 يوليو/تموز، عن خطة تهدف إلى معالجة الوضع بالحديدة ومينائها، تتضمن شقين أحدهما عسكري يتعلق بتشكيل لجنة عسكرية لجنة عسكرية من الطرفين (الشرعية والانقلابيين)، للتوصل لحل شامل ووقف إطلاق النار، تمهيدا لإطلاق مفاوضات مباشرة بين الجانبين.
السفيراليمني في واشنطن الدكتور أحمد بن مبارك، ذكر يوم الثلاثاء 18 يونيو/تموز ، أن الحل في اليمن بيد اليمنيين أنفسهم في الوقت الراهن، مُتهما مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، بإفشال جميع المحاولات التي قامت الحكومة الشرعية بها لحل الأزمة في البلاد.
وتزامنت هذه التحركات مع خطاب المخلوع علي عبدالله صالح الأخير، الذي دعا فيه إلى مصالحة وطنية، وهو ما عدَّه مراقبون دليلا على عدم قدرة شريكي الانقلاب (الحوثي - صالح) على إنهاء المعركة عسكريا لصالحهم.
ويرى مراقبون أن مساعي المجتمع الدولي لن تثمر، لوجود كثير من التعقيدات المتصلة بالإرادة الدولية، ونتيجة لعدم جدية شريكي الانقلاب في السلام، وعدم استعدادهم للالتزام بالمرجعيات الثلاث أبرزها قرار 2216، والتي من شأنها أن تضمن السلام المستدام في البلاد.
الالتفاف على المرجعيات
ويبدو -بالنسبة للمحلل السياسي ياسين التميمي- مقترح تسليم الحديدة بأنه يتجاوز الصيغة التكتيكية المرحلة والطبيعة التجزيئية، ويتجه شيئا فشيئا نحو تكريس نموذج للحل الشامل يقوم على فكرة مسك العصا من المنتصف، للاحتيال على مرجعيات الثلاث المتعارف لأي حل سياسي.
ودلل على قوله أثناء حديثه مع "الموقع بوست" بإشارته إلى حديث ولد الشيخ في مداخلته أمام مجلس الجامعة العربية الأخير الذي انعقد على مستوى المندوبين، الذي تحدث فيه عن تشكيل لجنة عسكرية لإدارة مدينة الحديدة والميناء.
واعتبر التميمي ذهاب ولد الشيخ إلى الجامعة العربية، مؤشرا قويا على أن الحل سيكون مزيجا من الترتيبات الأممية مع تبنٍّ عربي لها.
ويشير التميمي إلى عدم مرونة الانقلابيين حيال ذلك المقترح، والرهان -كما يؤكد المحلل السياسي اليمني- سيكون على التطمينات التي قد تصل إليهم من التحالف العربي، خاصة في ظل وجود أنباء تتحدث عن استمرار التواصل عبر قنوات سرية بين التحالف والانقلابيين.
وإن حدث ذلك، فهذا يعني أن الطرف الذي يمكن أن يبقى هامشيا، هو السلطة الشرعية التي تُستهدف من أطراف قوية في التحالف العربي، يؤكد التميمي.
تعثر طريق السلام
أما الكاتب والباحث ثابت الأحمدي فلا يرى أن تسليم الحديدة سينهي الحرب في البلاد، باعتبارها جزءا من مخطط شامل يستهدف المنطقة بشكل عام، لإعادة صياغتها وفق رؤى معينة.
وأكد لـ"الموقع بوست" أن الحديث عن تسليم مدينة الحديدة ومينائها، لن يتم، مُعللا ذلك بالقول "إن الانقلابيين يعرفون أنها حلقة من السلسلة الطويلة في اللعبة، وسواء تم تسليمها أو لم يتم، فإن ذلك لن يزيد من الأمر شيئا أو ينقص، والخيار الأسلم لهم الحفاظ عليها كورقة رابحة يناورون بها".
وحول السبب الثاني ذكر أن الحديدة يوجد بها الميناء الأول في الشمال سابقا قبل الوحدة، والثاني بعد ميناء عدن عقب الوحدة بين شطري البلاد، وهو ما يجعلها تحتل أهمية إستراتيجية كونها منفذ بحري مهم، بالإضافة إلى ما تُدره من أموال على الانقلابيين في الوقت الحالي.
وأضاف أن الشرعية لن تستفيد من الحديدة -فيما لو تم تسليمها- كما استفاد منها الانقلابيون طوال فترة سيطرتهم عليها، وذلك يعود -بحسب الأحمدي- إلى رداءة أدائها، وإخفاقها في الاستفادة مما هو متاح وممكن.
كما أشار الباحث اليمني في ختام حديثه إلى إمكانية بقاء الخلايا الانقلابية النائمة تعمل لصالحهم، فيما لو تم تسليم المدينة، وهو ما يجعل هذا الملف شديد التعقيد.
يُذكر أن المشاورات في اليمن متوقفة منذ أغسطس/آب 2016، عقب فشل ثلاث جولات من المفاوضات السابقة والتي كانت برعاية الأمم المتحدة.