[ صورة عامة لجنود تابعين للشرعية - إرشيف ]
كان آخر مرتب يستلمه المجندون في معسكرات المنطقة العسكرية الرابعة في العاصمة المؤقتة عدن، هو مرتب شهر ديسمبر من العام المنصرم، ليبقوا بعدها خمسة أشهر ونصف يعانون الجوع والعوز، فخلال هذه الفترة الطويلة والتي تقارب نصف سنة بقيت مرتباتهم معلقة لأسباب لم توضحها قيادة هيئة الأركان.
طال صبر العسكريين وهم ينتظرون مرتباتهم، وتضاعفت معها معاناتهم وساءت ظروفهم المعيشية، واتجه أغلبهم إلى الاستدانة لتوفير قوت أسرهم أو إيجاد أعمال أخرى حتى ولو كانت شاقة وذلك لضمان عدم نيل الفاقة من أطفالهم وعائلاتهم، أما من استطاع منهم الالتحاق بقوات الحزام الأمني فقد كان سعيد حظ، فمرتبات أفراد الحزام الأمني تصرف كل شهر بانتظام وبواقع ألف ريال سعودي للجندي، وذلك عائد للدعم السخي والاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لهذه القوة الأمنية التابعة لها.
توجيهات ولا تنفيذ
توجيهات رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، بصرف أربعة مرتبات لمنتسبي الجيش والأمن، والصادرة مطلع مايو/ أيار المنصرم، لم ترَ طريقها للتنفيذ، طيلة شهر مايو وحتى منتصف يونيو الجاري، والذي شهد بدء إجراءات صرف مرتبات شهري يناير وفبراير.
وكان من المفترض أن تكون مرتبات شهري يناير وفبراير قد سلمتا لمنتسبي الجيش والأمن، على أن يبدأ تسليم مرتبات شهري مارس و أبريل منتصف يونيو، إلا أن كل هذا لم يحدث، بالرغم من كون هذه التفاصيل توجيهات أصدرها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي إلى رئاسة هيئة الأركان.
رئيس هيئة الأركان اللواء محمد المقدشي هو الآخر لم يتوقف خلال الخمسة الأشهر الماضية عن الإدلاء بعشرات التصريحات والتي تتحدث عن قرب موعد صرف مرتبات العسكريين، والانتظام في صرفها بعد أن استكملت أعمال الربط الإلكتروني للقوى البشرية بمختلف الوحدات العسكرية. ظل منتسبو القوات المسلحة في المنطقة الرابعة كزملائهم بباقي المناطق العسكرية، يتابعون تصريحات رئيس هيئة الأركان بشغف كبير، فهي تتحدث عن مصدر رزقهم والذي منه يعيشون ويعيلون أسرهم.
توالت التصريحات وتعاقبت، بينما بقيت المرتبات قيد التعليق ولم تصرف، لتكون بذلك التصريحات الحكومية صادرة لمجرد الاستهلاك الإعلامي، حسبما يعلق العسكريون.
فرحة لم تكتمل
"استلمت 6750 ريال بدلا من 120 ألف ريال وهي مجموع مرتبي أشهر يناير وفبراير"، يقول أحد أفراد قوات الدفاع الساحلي، وملامح الصدمة لا تزال بادية على وجهه.
يقول الجندي في حديثه لـ"الموقع بوست": "كان خبر بدء صرف مرتباتنا، مفرحا بالنسبة لي فقد مرت علي 5 أشهر ونصف من دون أن استلم أي مرتب، مما انعكس سلبا على وضع أسرتي المعيشي، حيث لجأت لتخفيض ما تحتاجه أسرتي من مشتريات، فهي بكل الأحوال مسجلة في دفاتر الديون لدى المحلات".
وأضاف "كنت أعتقد بأني سأتمكن من سداد جزء من ديوني والتي تجاوزت 300 ألف، لكن قيام قائد معسكرنا بتنفيذ خصميات خارج القانون، وقاربت 95% من مستحقاتنا المالية، بدد كل آمالي"، يذكر الجندي الذي فضل عدم الكشف عن هويته خشية أن يتم فصله من المعسكر.
ويتابع "لم أغب كثيرا خلال شهري يناير وفبراير، لكي يتم خصم مستحقاتي كاملة عدا 6750 ريال"، مشيرا إلى أن قائد معسكر الدفاع الساحلي زكي الحاج، قد نفذ خصميات مشابهة على كل أفراد المعسكر، مستثنيا المقربون منه فقط.
ويلفت إلى أن عيد الفطر أضحى على الأبواب، وأطفاله لا يتوقفون عن مطالبته بشراء ملابس جديدة للعيد، مؤكدا بأنه قد شطب على المشتريات الثانوية من قائمة أولوياته فهو بالكاد يستطيع توفير الحد الأدنى من الأساسيات، مستدركا بالقول "العيد عيد العافية، وحسبي الله ونعم الوكيل".
ليس أفراد معسكر الدفاع الساحلي، وحدهم من طالتهم الخصميات الجائرة بحق مرتباتهم، والتي ظلوا ينتظرونها خمسة أشهر ونصف، فقد شهدت أغلب معسكرات المنطقة الرابعة المتواجدة في العاصمة المؤقتة عدن حوادث مشابهة وفي مقدمتها معسكر الشرطة العسكرية بالتواهي.
ولم تتوقف الخصميات الجائرة بحق مرتبات الجنود عند حد معين، فنسبتها متغيرة من معسكر إلى آخر، وتبدأ من 25% وتنتهي بـ100%، حيث وصل الأمر في بعض المعسكرات إلى خصم المرتبات بشكل كامل عن الجنود، وذلك بحجة غيابهم، والذي ينكره الجنود وبشدة.
إلى ذلك فقد شهدت بعض المعسكرات التي نفذ فيها قادتها خصميات بحق مرتبات الأفراد، اشتباكات مسلحة استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة، بين الجنود المحتجين على الخصميات من جهة وبين حراسات اللجان المالية التابعة لقيادات المعسكرات.