[ فتحت الاوضاع في عدن منحى جديد للصراع ]
تعيش العاصمة المؤقتة عدن منذ ستة أيام صفيح سياسي ساخن، بعد إقالة الرئيس عبدربه منصور هادي لمحافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي.
يومٌ بعد آخر يستمر أتباع الزبيدي والوزير المقال المحال إلى التحقيق هاني بن بريك بالتصعيد والخروج في مظاهرات للتنديد بإقالة المحافظ السابق، نظمتها فصائل الحراك الجنوبي، يقابلها كذلك مسيرات مؤيدة لقرارات الرئيس هادي التي قضت كذلك بتعيين عبدالعزيز المفلحي محافظا لعدن.
يوم الخميس شهد أبرز الخطوات التصعيدية، بعد ولادة بيان عرف بـ"إعلان عدن التاريخي" الذي تم فيه تفويض عيدروس الزبيدي بإعلان قيادة سياسية برئاسته لتمثيل الجنوب لتحقيق أهدافه، حسب تعبير البيان.
وتفتح التحركات الأخيرة في عدن بابا واسعا أمام التساؤلات المرتبطة بدلالات ذلك التصعيد، وإمكانية أن يمهد لسيناريوهات محتملة من بينها الفوضى.
تفتيت الحراك الجنوبي
يعتبر المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني الفعالية الاحتجاجية التي شهدتها العاصمة المؤقتة اليوم، بأنها جاءت كردة فعل على قرار إقالة عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن.
ووصفها أثناء حديثه مع "الموقع بوست" بأنها ردة فعل غاضبة، وهو ما جعلها باهتة وغير مدروسة، وخرجت بما يسمى "إعلان عدن التاريخي"، مؤكدا أنه لا جديد فيه يستحق أن يخلده التاريخ، كونه ذكر تشكيل المجلس السياسي وهو تكرار لمكونات جنوبية سابقة، تجذر الانقسام والتفرقة وسط شارع الحراك الجنوبي.
وأشار الهدياني إلى ردود الفعل الغاضبة المؤيدة لقرارات الرئيس هادي والمناهضة للدولة، داعيا قيادات الشارع الجنوبي إلى ترك أسلوب التحشيد الذي يمزق لحمة الجنوب، وإلى التشارك مع كل نسيج ومكونات عدن والجنوب، بعيدا عن لغة الوصاية وادعاء التمثيل.
وتعد المقاومة الجنوبية والحراك هما اليوم جزء من المعادلة، وشركاء في كل مفاصل السلطة، ولهذا وجب عليهم مغادرة الشعارات وتثوير الشارع ضد سلطة هم ممثلين فيها حتى يتحقق للناس الأمان والاستقرار، وتستكمل الحكومة الشرعية والتحالف معركة تحرير البلد من الانقلابيين، كما يؤكد الهدياني.
على النقيض
فيما يذكر المحلل السياسي مساعد الحريري، أن خروجهم في المظاهرات هو للدفاع عن قضية الجنوب وتضحياتهم الباسلة، واعتراضا على قرارات الشرعية التي أرادات إلغاء الشراكة معها والتحالف العربي، باستهدافها للزبيدي وبن بريك الذين عملا من أجل تحرير المحافظات الجنوبية.
وقال لـ"الموقع بوست" إن حصول المقاومة الجنوبية على تلك المناصب كان استحقاقا لدورهم الذي قاموا به على الأرض، منتقدا صدور تلك القرارات في السابع والعشرين من أبريل/نيسان وهو ذكرى حرب صيف 1994 التي شنها المخلوع صالح ضدهم.
وتنزع الشرعية بتلك القرارات -وفقا للحريري- البساط من تحت أقدام المقاومة الجنوبية وتنهي الشراكة معها، وتأتي بمن يمثلها باسم القيادات الجنوبية، على حد تعبيره.
اقرأ أيضا: إعلان عدن.. خطوة تاريخية أم متاجرة بالقضية الجنوبية
واعتبر الحريري تفويضهم للزبيدي الذي يترأس كيانهم السياسي، بأنه خطوة مهمة كونه يمثل قيادات الجنوب الموحدة، لافتا إلى أنه سيعمل مع الشرعية والتحالف العربي.
وحول إن كانوا يهدفون من خلال تصعيدهم إلى الانفصال، ذكر أن ذلك غير وارد، وأن هناك مخرجات حوار وطني، مؤكدا على ضرورة أن يعرف الجنوبيون علاقتهم بالشرعية، إن كانت قائمة على شراكة حقيقية أم لا.
وأشار الحريري إلى أن الزبيدي سيعلن خلال الأيام القادمة عن التشكيلة الكاملة للكيان السياسي، وكذا تحديد مهامه وبرنامجه.
الصراع على السلطة
ولا يتفق الناشط السياسي محمد المقبلي مع ما طرحه الحريري، ويقول إن الحراك الجماهيري في عدن اختلف هذه المرة، كون القائمين على الحشد لم يأتوا من ميادين النضال كما كان سابقا.
وأكد لـ"الموقع بوست" أن تلك الحشود جاءت من داخل بنية السلطة ذاتها التي يناهضونها، وهو أمر يفسر على أنه صراع على السلطة أكثر من الصراع على القضية، مدعما رأيه بتصدر الزبيدي وبن بريك الذين تم إقالتهما للمشهد.
ويعتقد المقبلي أن تلك الاحتجاجات لن تفرز واقعا أو معطيات جديدة، طالما ومشروع الدولة الاتحادية هو المعترف به شرعيا وإقليميا ودوليا.
وكان من الملاحظ أن أكثر الحشود تابعة لمحافظة الضالع التي ينتمي لها المحافظ المقال الزبيدي، ولا تمثل كل الجنوبيين.
خفايا البيان
وأبدى الكاتب والناشط السياسي يحيى أبو الرجال عديد من الملاحظات على بيان ما يسمى بـ"إعلان عدن التاريخي"، أبرزها وصفه لسلطة الرئيس هادي بأنها "سلطة الإرهاب السياسي المسيطرة على القرار"، وهذا يعني أن من يتحالف مع سلطة إرهابية إرهابي بالضرورة، والسعودية والإمارات هما المتحالفتان مع الشرعية.
وبين في تصريح خاص لـ"الموقع بوست" أن تفويضهم للزبيدي وكذا اختبار قيادة سياسية تدير الجنوب، يعني أن المحافظ المقال سيصدر قرارات بتعيين محافظين ومدراء أمن وغيرها من المناصب والإدارات، وهو ما يتنافى مع ما زعموه في البيان حول التزامهم بالتحالف مع الشرعية وحلفائها.
وعد رفض الكيان السياسي الجنوبي لقرارات الرئيس هادي، خروج عدن عن سيطرة الشرعية، وهو ما يعني فشل التحالف العربي.
واستند البيان كما يفيد أبو الرجال إلى عاصفة الحزم في إعلان تقرير المصير، واعتبر أن ذلك كان أحد أهداف عاصفة الحزم، وهذا مجافي لما هو معلن أمام العالم بأن تلك العملية العسكرية تهدف لاستعادة الشرعية.
وأفاد الناشط السياسي أن الحراك كما يظهر في البيان معترف بسلطة صنعاء الحالية، ولم يذكرها أو يقول إنه مع التحالف في حربه ضدها، وذكر فقط أنه مع التحالف لمواجهة إيران.
ويرى أن تركيزهم في البيان على موضوع التمثيل الخارجي للقضية الجنوبية بشخص الزبيدي، يهدف إلى حشد التأييد الدولي لتقرير المصير، وهذا البند هو الأهم والغرض الأساسي للتظاهرة.