[ صاروخ باليستي ]
بعد مرور عامين على الحرب في اليمن، ما تزال الصواريخ ذراع الحوثيين القوية وعصاهم التي يتكئون عليها كلما اشتد عليهم الخناق في الجبهات داخل البلاد، أو بدأ المجتمع الدولي عملية إنعاش للسلام المجمد منذ أغسطس/آب 2016.
يدرك الانقلابيون أن الصواريخ ورقة رابحة في أي مفاوضات، وفي الحرب كذلك، فكثيرا ما لوحوا وهددوا بها المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن.
عمل التحالف ومنذ الأيام الأولى لحربه ضد الانقلابيين في اليمن، على تدمير منظومة الصواريخ التي نهبها الحوثيون وأخفوها في أماكن سرية، أو تلك التي يقومون بتطويرها بمساعدة إيران وخبراء تابعون لها، وذلك للحيلولة دون وصولها الأراضي السعودية وإلحاق الضرر بالمدنيين، فضلا عن حماية خطوط الملاحة الدولية التي يتم مهاجمتها بتلك الأسلحة.
تأثرت منظومة الصواريخ مع تدمير التحالف عديد من منصات الإطلاق، لكن لا أحد يعلم إلى أي مدى بلغ الضرر بها، أما أعداد الصواريخ فعددها مجهول بسبب استمرار إيران بتهريب الأسلحة لهم.
واتهم مؤخرا المتحدث باسم التحالف العربي، أحمد عسيري، إيران بالوقوف وراء تزويد الحوثيين بمنصات إضافية لإطلاق صواريخ باليسيتة في اليمن، وكذا تحويل الانقلابيين لميناء الحديدة إلى نقطة لتهريب الأسلحة.
وذكر في تصريحات صحفية أن الانقلابيين يطلقون الصواريخ الباليستية من منصات مدسوسة وسط المناطق المأهولة بالسكان.
ووصل مدى تلك الصواريخ 800 كيلو مترا، بفعل تطوير تكنولوجيا السلاح التي يقومون بها، بعد أن كانت أقل من ذلك بكثير.
مصدر الصواريخ
خلال الايام الماضية، كشف الانقلابيون دخول صاروخ "قاهر M2" خط المواجهة ويبلغ مداه 400 كيلو متر، وهو ليس الأول من نوعه، فقد قامت بتطوير عديد من الصواريخ الباليستية المختلفة، وتطلق عليها أسماء كـ"قاهر 1-2، سام 1-2، بركان 1-2-3، توشكا".
ويزعم الانقلابيون أن مراكز أبحاث تابعة لهم هي من تقوم بتطوير تلك الصواريخ، وهو ما ينفيه الخبراء العسكريون، وأكد نفيهم نائب الرئيس علي محسن الأحمر، الذي تحدث في تصريحات صحفية، عن وجود 150 خبيرا إيرانيا ومن حزب الله والحشد الشعبي، يقدمون خدمات عسكرية للحوثيين.
وعن مصدر تلك الصواريخ التي يهدد بها الانقلابيون السعودية والخليج، يقول الباحث في الشأن الإيراني عدنان هاشم إن عملية تهريب السلاح الإيراني إلى الحوثيين بما فيها الصواريخ البالستية تمر بعملية معقدة.
تبدأ تلك الرحلة -كما يقول هاشم لـ"الموقع بوست"- من موانئ الحرس الثوري في إيران وتنتهي في الشواطئ اليمنية.
ويبيِّن أن إيران تمتلك وحدة متخصصة في عملية تهريب السلاح، تتبع فيلق قدس (الوحدة 190)، وتتم عبر عدة غطاءات، إما تتم بداخل بضائع إلكترونية وأجهزة حساسة، أو عبر مساعدات غذائية.
وفيما يتعلق بالصواريخ البالستية، يتم تهريبها على هيئة قطاع غيار، أو قطع مفككة، بما فيها طائرات دون طيار، ويقوم خبراء تابعون للحرس الثوري وحزب الله اللبناني بعملية إعادة تركيبها وتطويرها داخل اليمن، كما يؤكد هاشم.
وتستغل إيران الشريط الساحلي الذي يبلغ أكثر من 2000 كيلو متر، في تهريب الأسلحة لوكلائها في اليمن، خاصة عبر القرن الأفريقي الذي تفصله عن البلاد المياه فقط.
ورقة ضغط
وقبل أيام أعلن الحوثيون إطلاق (109) صاروخ باليستي منذ بداية الحرب قبل عامين، استهدفت الأراضي السعودية، وبعض الجبهات الداخلية كمأرب الخاضعة لسيطرة القوات الشرعية، باستثناء بعض أجزاء مديرية صرواح.
ويرى المحلل السياسي فيصل علي أن الحوثيين استفادوا من تلك الصواريخ، في إبقائهم في خارطة المفاوضات طوال فترة الحرب.
وهم يحاولون -بحسب علي في حديثه لـ"الموقع بوست"- البقاء طويلا في مربع المفاوضات حتى يحصلوا على مكاسب سياسية في أي تسوية قادمة.
وأضاف علي أن المخلوع صالح الرئيس المنتمي للأقلية الزيدية الشيعية، والذي حكم اليمن 33 عاما من على كرسي الحكم، وحوالي 6 سنوات من الأقبية الأمنية التي بناها إبان فترة حكمه، عمل على استيراد الأسلحة الروسية والصينية والكورية، فساهمت بتقوية الانقلاب الذي رعته حركة الهاشمية السياسية.
ويتابع "بعد خروج صالح من الحكم (منذ ثورة فبراير/شباط 2011) كانت الصواريخ تصل على السفن الإيرانية، جيهان 1، وجيهان 2، وغيرها من السفن المعلن عنها وغير المعلن".
واستطرد علي "يُدرك المخلوع صالح أن الصواريخ قوة تدميرية تُجبر الخصم على قبول الشروط"، داعيا للتخلص منها قبل الشروع في أي مفاوضات جادة.
اليد الطولى للحوثيين
ويتفق مع علي المحلل العسكري علي الذهب، الذي يؤكد استغلال الانقلابيين للصواريخ الباليستية للتأثير على الموقف السعودي الداعم للشرعية، حيث مثلت اليد الطولى والبديلة عن الطيران الذي حُيّد في الأيام الأولى للحرب.
ويمثل جانب من الصواريخ التي يسيطر عليها الحوثيون، علاوة على ورقة الحدود، ورقة أخرى قوية ترجح كفتهم عن كفة حليفهم صالح، وقد بدا ذلك واضحا منذ الإعلان عن التفاهمات السرية بينهم وبين السعوديين، بحسب الذهب في حديثه لـ"الموقع بوست".
وتطرق الذهب في ختام حديثه إلى أثر تلك الصواريخ، التي وصلت المدن السعودية المتاخمة للحدود اليمنية، والتي أُخليت تماما من سكانها، وتعطلت تبعا لذلك الأنشطة الاقتصادية والتجارية.
يذكر أن الانقلابيين يقومون بإطلاق الصواريخ عبر منصاتهم المنتشرة في صنعاء، حجة، ذمار، وصعدة الحدودية مع السعودية ومعقل الحوثيين.