[ 21 فبراير الذكرى الخامسة لانتخاب هادي رئيساً للبلاد ]
بعد مضي خمس سنوات على ترشيح أكثر من سبعة ملايين ناخب للرئيس عبدربه منصور هادي، ما يزال اليمنيون يواصلون نضالهم من أجل استعادة الجمهورية التي انقض عليها حليفي الانقلاب (الحوثي وصالح) في 21 سبتمبر/أيلول 2014، في محاولة يائسة لإجهاض ثورة 26 سبتمبر 1962، وثورة فبراير 2011.
ومنذ تولي الرئيس هادي لسدة الحكم في مثل هذا اليوم(21 فبراير)، في انتخابات توافقية، جاءت عقب المبادرة الخليجية، التي باتت اليوم إحدى مرجعيات الحل السياسي في اليمن، مرت البلاد بتحولات كثيرة، أبرزها وثيقة مؤتمر الحوار الوطني والتي نصت على شكل الدولة الجديد، وهيكلة الجيش التي تم تقوضيها، وكذا مساندة التحالف للشرعية بقيادة السعودية، من أجل استعادة البلاد من قبضة الانقلابيين.
وبرغم الكثير من العقبات التي وضعها الانقلابيون، في طريق هادي والدولة، بدءا بحصاره، وخيانة الحوثيين لثورة الشباب، والحيلولة دون استعادة البلاد، يمضي اليمنيون نحو إنهاء الانقلاب، وإقامة الدولة الاتحادية التي اتفقوا عليها في مؤتمر الحوار الوطني.
أعلن الرئيس هادي -الرجل الذي قال في أحد خطاباته "لم استلم من المخلوع صالح سوى العلم"، وكان نائبا لصالح منذ 1994 وحتى 2011- أعلن العام الماضي 11 فبراير عيدا وطنيا، فهي الثورة التي مثلت إرادة الشعب.
مثل وصول هادي للسلطة مرحلة جديدة في تاريخ اليمن، بعد أن استطاع اليمنيون إفشال مشروع التوريث الذي كان يطمح إليه المخلوع صالح، لكن ما زال أمام الرئيس اليمني الكثير من التحديات، خاصة في ظل استمرار أذرع الانقلابيين وداعميهم الإقليميين بتاجيج الصراعات داخل اليمن.
إرادة شعبية
ويُعدُّ تاريخ ٢١ فبراير/شباط ٢٠١٢ -بحسب الإعلامي عبدالله الحرازي- نقطة تحول جوهرية أفرزته ثورة شعبية سلمية أبهرت العالم، وتجلت فيها الإرادة الجماهيرية السلمية من خلال مشاركة ٧ ملايين ناخب يمني، أتيحت لهم فرصة الاقتراع.
ويتابع لـ"الموقع بوست": "كان يمكن أن يزيد الرقم، لولا ما شهدته بعض المناطق الجنوبية ومحافظة صعدة من منع المواطنين بالقوة من المشاركة، من قِبل الحراك الانفصالي في الجنوب والمليشيا الحوثية في الشمال، وهو ما أثبت حينها خيوط التنسيق والارتباط بالمخطط الإيراني الذي ساءه أن يخرج اليمنيون من عنق الزجاجة، بشكل سلمي وحضاري".
ويستطرد: "ومع ذلك فشلوا حينها، وأصر اليمنيون على خلع صالح واستبداله برئيس توافقي وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، والتي كادت أن تنجح لولا عراقيل هذا الحلف، إضافة إلى المخلوع وحزبه، واستمرت العملية الانتقالية تواجه الصعوبات، إلى أن حدث انقلاب 21 سبتمبر وبدعم إقليمي".
ويذكر الحرازي أن الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة "تمكنوا من اجتياز الكثير من الصعوبات، وحقول الألغام الدافعة باتجاه الصراع العنيف، وكادوا أن يصلوا بسفينة اليمنيين إلى بر الأمان، وكان الشعب اليمني على بعد خطوتين من الخلاص، هي الاستفتاء علي الدستور وإنجاز الانتخابات، غير أن التحالف الانقلابي قرر الانقضاض على الوضع، مستغلين أبشع استغلال إصرار الشعب على التغيير السلمي، وتغليب القيادة التوافقية للخيارات السلمية، فأغراهم حلم اليمنيين وصبرهم، وظنوه عجزاً واستسلاما لشهوة التسلط وإجبار الناس على الحكم بالغصب، فضلا عن إشعال الحروب والصراعات".
تحول مهم في تاريخ اليمن
واعتبر المحلل السياسي فيصل المجيدي، انتخاب الشعب لـ"هادي" طليعة لتتويج ثورة فبراير، التي نتج عنها تغييرات كثيرة، ونقطة مفصلية في عمل السلطة اليمنية، وكسرا لقواعد الفكر السلالي الذي يحرص على أن يكون الرئيس تابعا لمذهبهم.
ويقول لـ"الموقع بوست" إن هادي كان جزءا من النظام السابق، لكنه لم يقم بأي محاولات تؤدي إلى إضعاف الدولة، وعمل على إخراج البلد من أزمات متتابعة مرت بها طوال العقود الماضية، فكان محل إجماع كل القوى السياسية والشبابية.
ومضى بالقول "النظام السابق أراد من هادي أن يكون جسرا للعودة إلى الحكم، لكن الأخير فضل أن يكون ممثلا للناس، فدعا إلى مؤتمر الحوار الوطني، وقام بهيكلة الجيش، بعيدا عن مصالح المخلوع وحلفائه".
وكان الرئيس هادي موفقا -بحسب المجيدي- لرفضه التسوية السياسية بين النخب، وطلب انتخابه من قِبل الشعب الذي كان حينها يريد الخروج من الأزمة التي أدت إلى انقسام الناس.
النهج الديمقراطي
ويتفق معه المحلل السياسي سمير الصلاحي، الذي قال إن إصرار الرئيس هادي على الانتخابات برغم توافق القوى السياسية عليه والتأييد الشعبي الذي حظي به، يؤكد على حفاظه على المسار الديمقراطي الذي انتهجه.
وعن أهمية تلك الخطوة التي قام بها هادي، يُبيّن لـ"الموقع بوست" أنه لو لم يتم انتخابه شعبيا، لكانت قوى الانقلاب اليوم تبرر انقلابها عليه، بمخالفته للمسار الديمقراطي وصندوق الاقتراع.
ووفقا للصلاحي "كانت اليمن تعيش فترة ثورة حقيقية لاقتلاع نظام فاسد جثم على صدور اليمنيين ردحا من الزمن، ومع طول أمد الثورة الشعبية، اتضح للمجتمع اليمني حقيقية، كثير من الساسة الذين فضلوا البقاء مع مصالحهم المرتبطة ببقاء نظام المخلوع، وكان الرئيس هادي حينها واحدا من قليل من مسؤولي الدولة، الذين رفضوا قمع الثوار ومصادرة أحلامهم، وهو ما جعله محل ثقتهم وتقديرهم وترحيبهم بتوليه منصب رئاسة الجمهورية".
"والحال نفسه كان لدى النظام السابق ورموزه، ولأنهم كانوا يدركون صعوبة السيطرة على الوضع، وافقوا على مضض على نقل السلطة للرئيس هادي، على أمل أن يمكنوا من احتوائه لاحقا، لتمرير أجندتهم وهذا مالم يتم"، يردف الصلاحي.
الخلاص من الانقلاب
ومع استمرار القوات الشرعية المسنودة من التحالف العربي بالتقدم في مختلف الجبهات استكمالا لمشروع استعادة الدولة، يؤكد الإعلامي الحرازي أن الانقلاب وبعد عامين من استنزاف كل المقدرات التي سطا عليها من دولة اليمنيين، بات يعيش آخر مراحله قبل الانهيار والسقوط الحتمي، خاصة مع المعطيات الدولية والإقليمية الجديدة.
ولا يتوقع أن تصمد القوى الانقلابية عاماً آخر على الإطلاق، وسيحتفل اليمنيون بيوم خلاصهم وانهزام أسوأ تحالف إرهابي، حول حياتهم إلى جحيم، على حد تعبيره.
الجدير بالذكر أن القوات الشرعية باتت اليوم تسيطر على أكثر من 85% من أراضي الدولة، وفق مسؤوليين في الحكومة اليمنية.