[ تعرضت صحيفة أخبار اليوم للمضايقات أكثر من مرة ]
منذ اليوم الأول لانقلاب ميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح على السلطة الشرعية في سبتمبر من العام 2014، والصحفيون ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها تواجه حقولا من الألغام المزروعة في مسيرة نقل الحقيقة.
صحيفة "أخبار اليوم" واحدة من بين عشرات الوسائل الإعلامية التي أغلقتها ميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح الانقلابية فور احتلالها العاصمة صنعاء أواخر العام 2014، وقامت بنهب ممتلكاتها ومعداتها في انتهاك صارخ لحرية الصحافة المكفولة قانونياً، لتنتقل بعدها للإصدار من العاصمة المؤقتة عدن أواخر العام 2015.
لم يكن الإصدار من العاصمة المؤقتة عدن يعني توقف المضايقات والاعتداءات التي تتعرض لها صحيفة "أخبار اليوم" وموزعوها، فقد تعرضت باصات التوزيع لعدة عمليات تقطع ونهب لمبالغ مالية كانت بحوزتهم، دون أن يكون للأجهزة الأمنية أي دور يذكر في إيقاف هذه الاعتداءات أو حتى التحقيق في هذه الحوادث.
قصة الاعتداء
وكان آخر هذه الاعتداءات مطلع الأسبوع الجاري، الموافق يوم الأحد 12 فبراير، حيث كانت العاصمة المؤقتة عدن مع موعد من الفوضى الأمنية التي تسبب بها رفض قائد حماية أمن مطار عدن، لتوجيهات رئاسية قضت بتغييره، لتشهد بعدها التشكيلات العسكرية في عدن انقساماً بين موالين للرئيس هادي وآخرون موالين للقوات الإماراتية المتواجدة بمعسكر البريقة.
وصادف هذه الفوضى مرور أحد باصات توزيع صحيفة "أخبار اليوم" من حاجز أمني يتبع الحزام الأمني بشارع التسعين بمديرية المنصورة، ليقوم بعدها أفراد الحزام الأمني بإيقاف الباص وتفحص بطائق السائق ومساعده، والذي تبين بأنه ينتمي لفصيل المقاومة الشعبية الذي يقوده المقدم محمد البوكري.
كان الخلاف بين فصيل البوكري الموالي للرئيس هادي والمخالف لقوات الحزام الأمني التابعة للقوات الإماراتية حجةً لإنزال السائق ومساعده من على الباص والاعتداء عليهما بأعقاب البنادق، قبل أن تشتد الاشتباكات بجولة كالتكس، وتمتد إلى منطقة قريبة من الحاجز الأمني، ليقوموا بالانسحاب آخذين معهم باص التوزيع تاركين خلفهم سائق الباص ومساعده، في حادثة تعكس مدى الوضع الصعب الذي تعيشه وسائل الإعلام في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها عدن.
لا جديد في الأمر
يقول رئيس تحرير صحيفة "أخبار اليوم" الصحافي إبراهيم مجاهد: "الاعتداءات التي تعرضت لها صحيفة أخبار اليوم ليست بجديدة فقد سبق وأن تعرضت لانتهاكات فظيعة سواءً تجاه صحفييها أو ممتلكاتها، ففي صنعاء قامت ميليشيات الانقلابيين بنهب ممتلكات الصحيفة ومطابعها ومخزونها من الورق والمواد الخام والباصات الخاصة بالصحيفة، ومطاردة محرريها كباقي الصحف والوسائل الإعلامية التي جابهت الانقلاب ولم تذعن له".
ويضيف مجاهد في حديثه لـ"الموقع بوست": "حين قامت هيئة التحرير بالانتقال إلى عدن بعد تلك الجرائم والانتهاكات التي تعرضت لها الصحيفة بصنعاء، تعرضت لحملة مضايقات وتحريض قذرة وصلت حد التحريض على القتل ومصادرة ممتلكاتها، وللأسف أن من تبنى الجزء الكبير من هذا التحريض هم صحفيون وإعلاميون يتبعون فصيل سياسي معين".
وتابع يقول: "ما يحز في النفس أن الحملة التحريضية والانتهاكات التي نتعرض لها في عدن تتم في ظل صمت عجيب وغريب للأجهزة الأمنية والسلطة المحلية والحكومة الشرعية والرئيس هادي، الذين لم يحركوا ساكناً".
وأضاف: "بل وصل الأمر مؤخراً أن قام أحد قيادات الحزام الأمني بالاعتداء على موزعي الصحيفة واحتجاز حريتهم لساعات ونهب الباص الخاص بالصحيفة في حين يفرض عليه عمله حماية المواطنين وممتلكاتهم".
مجاهد: جريمة صارخة
ويشير إلى أن "ما قام به هذا القيادي جريمة صارخة في حق حرية الصحافة والإعلام في اليمن ولا تقل عن الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الانقلاب بحق أخبار اليوم وكثير من الصحف في صنعاء".
واختتم إبراهيم حديثه بمطالبة الجهات المعنية في الحكومة والسلطة المحلية والحزام الأمني بعدن وقيادة التحالف بسرعة معاقبة من قام بهذا العمل ورد الاعتبار لموظفي الصحيفة اللذين تعرضا للضرب بأعقاب البنادق والسب والاحتجاز التعسفي، وإعادة الباص وما بداخله من وثائق وصحف ومبالغ مالية. وحمل جميع هذه الجهات مسؤولية التأخير في القيام بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية والإنسانية.
ودعا الإعلاميين "الذين يقفون وراء حملات التحريض إلى التوقف عن هذا الأسلوب الرخيص الذي من خلاله يقدمون أنفسهم للعامة وللوسط الصحفي كأدوات للأجهزة القمعية التي يديرها طرفي الانقلاب وإنن تدثروا بعباءات مختلفة".
مسعد: تصرف غير مسؤول
وتعقيباً على ذلك يقول الصحافي فؤاد مسعد إن استهداف الصحافة بهذا الشكل البربري هو تصرف غير مسؤول، وأياً كانت دوافع الاعتداء فإنه عمل يسيء للحكومة والسلطات والجهات المعنية، ويجب أن يواجه هذا العدوان برد فعل واعٍ يدرك مخاطر انتهاك حرية الرأي والتعبير ومصادرة حق من أهم الحقوق المكفولة.
ويضيف مسعد في حديثه لـ"الموقع بوست" أن التصرفات الخاطئة التي تقدم عليها جهات وقوى محسوبة على الحكومة الشرعية تعد مؤشراً على خطورة الأمر، لأن هذه الأعمال العدائية بحق الصحافة تشبه تصرفات المليشيات الانقلابية التي استهدفت وسائل الإعلام وكانت صحيفة "أخبار اليوم" من أبرز الصحف التي تعرضت لانتهاكات الحوثيين.
الصوفي: أمر مؤسف
أما رئيس المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين الصحافي حسين الصوفي فيقول إن "ما تعرضت له صحيفة أخبار اليوم أمر مؤسف كونه يأتي في العاصمة المؤقتة عدن، والذي من المفترض أن تشكل نموذجاً يحتذى في حرية التعبير والحقوق والحريات".
ويضيف الصوفي في حديثه لـ"الموقع بوست": "يجب على السلطات المحلية والأمنية ومن فوقهم الحكومة الشرعية الحفاظ على مدنية عدن المعروفة منذ القدم بحرية التعبير حيث كانت في العشرينيات من القرن الماضي قبلة للصحفيين ولأصحاب الرأي الفارين من الأنظمة القمعية".