[ مسيرة نسائية - 2011 ]
شكلت ثورة 11 فبراير اليمنية، التي صادف ذكراها اليوم السبت، منعطفا جديدا في تاريخ المرأة اليمنية، وتحولا جديدا في تاريخ الشعب اليمني، وظهرت المرأة إلى جانب شقيقها الرجل للمطالبة بالتغيير، والبحث عن ميلاد جديد لوطن ظل خلال 33 عاما تحت حكم المخلوع علي صالح يرضخ للمعاناة والإستبداد والظلم والتجهيل.
ووجدت المرأة في ثورة فبراير نقطة مضيئة لها بإعادة حقوقها وحضورها السياسي، وساهمت في كل اللجان والتكتلات الثورية وتقود بعضها حتى ألغت بعض المفاهيم التي كانت سائدة قبل الثورة مثل"مسيرة المرأة تبدأ من بيتها وتنتهي بدخولها قبرها".
وجاءت الحرب العبثية التي تخوضها ميليشيات الحوثي في اليمن منذً أواخر العام 2014 لتضيف للمرأة متاعب كثيرة ومعاناة جسمية واجهتها وتواجهها بكل صرامة.
وفي هذا التقرير يسلط "الموقع بوست" الضوء على دور نساء ثائرات في زمن الثورة وزمن الحرب.
دور مشرق وبهي حولته الحرب إلى مأساوي
ترى الكاتبة الصحفية والأديبة فكرية شحرة أن الدور المشرق والبهي الذي منحته ثورة فبراير للمرأة اليمنية من مشاركة ومساندة وصنع المستقبل تحول في ظل الحرب إلى وضع مأساوي مؤلم.
وأشارت شحرة في تصريح لـ"الموقع بوست" إلى أن الحرب حولت وضع المرأة اليمنية الثائرة إلى وضع مأساوي مؤلم، فقد انحصر في دفع الأبناء والأزواج والإخوة لساحات الموت وإقامة مآتم الحزن التي لا تنتهي.
وأضافت: "لكننا لن نقلص هذه الوقفة بالجانب المؤلم منها فقط، فهذه المرأة يقع على كتفيها الرقيقين أيضا عبء استعادة الدولة بصبرها وتحملها تبعات الحرب من تشريد وموت وخوف وفقد".
واعتبرت شحرة أن ما حدث من التفاف على أهداف ثورة 11 فبراير التي سعت المرأة بجوار الرجل لتحقيقها سببه هذا الانقلاب الغادر وتحالفه مع رمز الشر الذي خلعناه في 11 فبراير.
وأكدت شحرة أن "الواجب علينا أن لا نيأس في استعادة الدولة وتحقيق الحرية والمدنية التي كنا نحلم بها في 11 فبراير مهما عظمت تضحيات هذا الشعب، فالكرامة لا تفاوض فيها أبدا".
المرأة أصل في الحياة وسر دافعيتها
الدكتورة نورية الأصبحي، رئيسة مؤسسة انطلاقة للتنمية وأحد النساء اليمنيات المناضلات في ثورة فبرابر، تقول إن المرأة اليمنية تمكنت من التصدي لأسوأ وضع شهده التاريخ اليمني القديم والحديث، إن لم يكن الأسوأ على منطقتنا العربية.
وأكدت الأصبحي في تصريح لـ"الموقع بوست" أن المرأة لعبت أداورًا تتبرأ منها القسوة ذاتها من حيث انتفاضتها في ثورة فبراير على نظام مستبد والبحث عن سبل الحياة المعيشية بحثا عن لقمة تمكنها وعائلتها من استمرار الحياة، ومواجهة النزوح وأوجاعه، مع الحفاظ على عائلتها أو من كانت في محل استقبال النازحين بحثا عن التخفيف عنهم بشتى أنواع الاحتياجات في زمن الحرب.
وتابعت: "لم تكن المرأة ببعيدة عن تحمل ضعف مسؤولية الرجل، حيث إنها هي المولد الحقيقي لأداء الرجل، وخسارته خسارة مضاعفة لها كون فقدها لأحد أفراد عائلتها يشل حركتها الحسية والمعنوية بحكم عاطفتها الجياشة".
وأشارت الأصبحي إلى أن المرأة واجهت أعتى ظلم، فقد شردت وعذبت وحرمت من أدنى حقوقها، حتى وصل الحال أن تنتهك كرامتها وإنسانيتها وحقها النفسي والمعنوي، إضافة للتحديات المجتمعية والعادات والتقاليد والأعراف التي كان حجر عثرة في طريقها من أي اتجاه.
وأفادت أن المرأة حاولت الصعود في ثورة فبراير وعملت لها منعطفًا جديدًا وتاريخًا جديدًا حوّل المرأة إلى شريك حقيقي للرجل في معظم الأمور الحياتية، إلا أن مصيرها كان التوقف في ظل الحاجة والحرب والفقر الذي أزهق وليدها من حضنها والتهم طفلها من حارته وزوجها من مكان عمله وأخيها من بين محبيه وأباها من منبر عمله.
وذكرت الدكتورة الأصبحي أن المرأة شاركت الرجال في كل مجال في السلم والحرب وفي كل الظروف قامت بدورها على أكمل وجه وتسد فراغات عدة تركها الرجل بسبب الحرب، وتفرغت للدفاع عن قضايا الوطن وحمايته، أو بترك البيت لمهام إضافية.
واسترسلت الأصبحي في حديثها لـ"الموقع بوست" قائلة: "عن أي وجع أصف المرأة وقد فاضت روحها جوعاً وألماً وقهرا، عن دورها في الصبر الجميل والقبيح على حد سواء، اغتالتها يد الإرهاب في زمن الحرب، أو وأدتها معاول العادات والتقاليد البالية التي أرادت أن تحجب النور على السماء، لكن استرسلت أشعتها تخترق دجى السنين لتشعل حرارة وقوة ووقود في كنه الليل المظلم كانت وستظل تلك المنارة المطلة على مأذن السلام تنبت زهرا وتلد طلا وتحيي قلوباً تستجمع خلايا الحياة وترسل روحها طاقة لا تنفذ".
واعتبرت الأصبحي أن المرأة "باتت هي حجاب لعائلتها من يد الشر القابضة على جمر الحياة، الصامدة في وجه الحاجة والضرورة والموت، زادت المرأة بسالة في حاضرها عن ماضي كفاحها الاجتماعي المدمر، إلا باستثناءات صغيرة لبعض النسوة، لم يقتصر دورها على مرحلة عمرية، فهي الأنثى في أي عمر كانت وفي أي مستوى تعليمي وصلت، كفاح مستمر وزادتها الحرب وجعاً".
واختتمت الأصبحي حديثها قائلة بأن الحرب "عاثت بالنساء داهمتها الآلام من كل اتجاه كأنها لم تألوا جهدا في بذل الوسع لإنجاز البقاء رغم الموت، وسوء الأوضاع، الحياةُ التي أوجعتها وقتلتها ألف مرّة وما زالت تتنفّس أملاً".
المرأة تواصل ثورتها حتى في عهد الانقلاب
بدورها تفيد الناشطة أميمة المخلافي أن المرأة اليمنية أضافت في تاريخ نضالها الذي أبلج في فبراير المجيد دورًا بارزًا بغرس حضورها القوي والمؤثر.
وأضافت المخلافي في تصريح لـ"الموقع بوست" أن مشاركة المرأة في ثورة فبراير كانت مؤثرة وقوية، حيث شاركت في مختلف النشاطات ابتداء من تكوين الائتلافات والحركات الثورية مع بداية ثورة فبراير 2011.
وتابعت: "وكان لها الحضور القوي والنصيب الأوفر في ساحات العزة والكرامة بعموم الجمهورية وأبرزها في العاصمة صنعاء".
وأكدت أن المرأة اليمنية قدمت في ثورة فبراير التضحيات الجسيمة إلى جانب شقيقها الرجل لاقتلاع الفوضى وجذور الفساد، وتنوعت فنون نضالها بالدعم والمساندة الكبيرة في أشكال العمل النضالي.
وأوضحت المخلافي بأن المرأة اليمنية أيضا دفعت ضريبة غالية من أجل الوطن، فكان منها الشهيدة في ساحة الحرية بتعز ومهما تحدثنا لن نعطيها حقها.
وبينت أن المرأة اليمنية واصلت مراحل نضالها حتى في عهد الانقلاب الغاشم في 2014، فكانت أم الشهيد وأم المختطف في سبيل استعادة الدولة وإعادة تثبيت جذورها للأرض، فكانت هي الثورة والثائر في صنعاء حين اختفت مظاهر الثورة فيها باختطاف الرجال أو تشريدهم.