منذ أسابيع، توقف الانقلابيون عن إطلاق صواريخ باليستية تجاه الأراضي السعودية، أو بعض المحافظات اليمنية، كمأرب، التي تعد منطلقا للعمليات العسكرية التي ينفذها التحالف العربي، الداعم للشرعية في البلاد، وهو ما يضع علامة استفهام حول أسباب انقطاع إطلاق الصواريخ، التي كثيرا ما هدد بها الحوثيون دول الجوار.
واعترضت منظومة الدفاع الجوي التابعة للتحالف العربي "باتريوت"، عشرات الصواريخ طوال أكثر من عام ونصف، أبرز تلك العمليات تدمير صاروخ استهدف به الحوثيون مكة المكرمة أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وجاء هذا التوقف بسبب استمرار الضغط العسكري على الانقلابيين، الذي تمارسه قوات الجيش الوطني، مسنودة من قوات التحالف العربي، والمتمثل بتحرير أماكن جديدة في العديد من الجبهات، أبرزها السواحل الغربية لمدينة تعز، الذي تستغله إيران لتزويدهم بالسلاح، وكذا مواصلة التقدم في صنعاء، والجوف، وشبوة، وصعدة معقل الحوثيين.
ويكثف الانقلابيون من إطلاق الصواريخ على الأراضي السعودية تحديدا، كوسيلة للضغط تتزامن غالبا مع تحريك المجتمع الدولي لملف الحل السياسي للأزمة التي تشهدها اليمن منذ قرابة عامين.
انهيار قوات الحوثيين
وعلى هذا الصعيد، يعتقد المحلل العسكري، علي الذهب، أن توقف الحوثيين عن إطلاق الصواريخ، يعود إلى كثير من الأسباب، أبرزها اتجاه الحوثيين بصواريخهم بحرا، مع استمرار المعارك في الساحل الغربي للبلاد، لتأمين مضيق باب المندب.
وقال الذهب في حديثه لـ"الموقع بوست" إن التفسير الأكثر قبولا يتصل بأسباب فنية يعاني منها الانقلابيون، كتأثر منصات الإطلاق، جراء استهداف التحالف العربي لها، وكذا خروج بعض الصواريخ عن الجاهزية، وتعذر نقل المزيد منها إلى الحدود، نتيجة لاستهداف الطائرات لهم، إضافة إلى سيطرة قوات الشرعية على مناطق جديدة، لا سيما في صعدة.
وتوقع الخبير العسكري الذهب استئناف الحوثيين لإطلاق تلك الصواريخ، إن طالت الحرب، لا سيما وأن محمد العاطفي، وزير الدفاع في ما يسمى"حكومة الإنقاذ"، والمُعين من قِبلهم، ابن هذا الحقل، فهو قائد مجموعة ألوية الصواريخ.
ودمر التحالف العربي منذ انطلاق عملياته في مارس/آذار 2015، العديد من منصات الصواريخ في بعض المحافظات، منها: حجة، ذمار، صنعاء، وصعدة الحدودية مع السعودية.
إيران وتهريب الصواريخ للانقلابيين
ويستهدف الانقلابيون من وقت لآخر بعض المناطق بصواريخ يزعمون أنها محلية الصنع، ويطلقون عليها أسماءً مثل "النجم الثاقب، زلزال، بركان"، إلا أن الخبراء العسكريون يؤكدون على عدم قدرة الحوثيين على إنتاج صواريخ كتلك.
وتتهم اليمن والمملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي إيران بعدم الالتزام بقرار 2216 الأممي، والصادر في أبريل/نيسان 2015، والذي يحظر تزويد الانقلايين بالأسلحة.
وقبل أيام، قال سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في الأمم المتحدة، إن إيران قامت بخرق قرار لحظر السلاح المفروض على اليمن، بموجب قرار 2231، وذلك في جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير نصف سنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن القرار.
ورصد التقرير ضبط العديد من شحنات الأسلحة المهربة من قِبل إيران للانقلابيين في اليمن، أبرزها ما تم ضبطه قرب السواحل العمانية في فبراير/شباط 2016، وشحنة أخرى أبلغت عنها الولايات المتحدة الأمريكية في يونيو/حزيران 2016، إضافة إلى إحباط التحالف العربي في سبتمبر/أيلول 2015 لعملية تهريب أسلحة متنوعة على متن زورق إيراني، شملت صواريخ.
واستغلت إيران منذ نشأة الحركة الحوثية مطلع تسعينيات القرن الماضي الشريط الساحلي الطويل نسبيا لليمن والذي يبلغ طوله أكثر من 2000 كم، وعملت على تهريب الأسلحة للحوثيين، لكن الفترة الأبرز -بحسب تقرير سري لخبراء في الأمم المتحدة رفع إلى مجلس الأمن الدولي- تعود إلى 2009.
مصدر آخر للصواريخ
لكن عقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء، كان سلاح الدولة المنهوب هو أضخم مصادر سلاحهم، إلى جانب ما حصلوا عليه من سلاح خلال الحروب الست التي وقعت بين 2004 و2010، حيث نقلت إلى مخازن سرية تابعة لهم.
ووفقا لتقديرات عسكرية، فإن اليمن تمتلك ما بين 300 إلى 500 صاروخ سكود، التي تعد نوعا من أنواع الصواريخ الباليستية التكتيكية التي كان أكثر مصادرها الاتحاد السوفيتي، حيث زود بها جنوب اليمن نهاية سبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي، إضافة إلى عدد غير معروف من هذه الصواريخ، كان مصدرها إيران، عبر عمليات تهريب كشفت عنها تقارير أمريكية مؤخرا.
عمل الإيرانيون، بالتعاون مع كوادر عسكرية من حزب الله اللبناني، على تطوير بعض الصواريخ التي بحوزة الحوثيين بزيادة أمديتها، حتى وصل ذلك -وفقا لخبراء عسكريين- إلى أكثر من 700 كم، فمثلا: صاروخ "سكود - دي"، روسي الصنع، الذي استهدف به الحوثيون منطقة مكة، قدر مداه بأكثر من 800 كم، ويشار إلى أن بعض الدول المصنعة للسلاح، تكون ملتزمة بتشغيل الصواريخ التي تقوم ببيعها، وكذا صيانتها.
حتى الآن، لا تزال إيران مستمرة في دعم الحوثيين، إمعانا في خلق تهديد دائم للأمن الوطني السعودي، وهو امتداد لدعم سابق أدى إلى تمكنهم من السلطة عبر انقلاب عام 2014، الذي أدى إلى تدخل التحالف العربي، بقيادة الرياض، بعد طلب الرئيس عبدربه منصور هادي.
وقد أعلن المتحدث باسم التحالف العربي، اللواء الركن أحمد عسيري، في 2016، أن التحالف العربي استطاع تدمير 90% من الصواريخ والطائرات الحربية التي استحوذ عليها الحوثيون.
الجدير بالذكر أن قاعدة العند العسكرية بلحج، تعد أول قاعدة تدريب وإطلاق صواريخ في المنطقة، حيث أنشئت بمساعدة الاتحاد السوفيتي.