[ احتجاجات غاضبة في جامعة صنعاء ]
تعود الجامعات مجددا إلى الواجهة، للقيام بدورها الريادي والمجتمعي، الذي برز منذ انطلاق شرارة ثورة فبراير/شباط 2011، متحدية- هذه المرة- صلف الانقلابيين، الذين علموا على قمع كل الاحتجاجات السلمية بالسلاح.
وأعلنت اليوم نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء، تدشين مرحلة الإضراب الشامل في الجامعة، ابتداء من اليوم السبت 7 يناير/كانون الثاني، التي تأتي تنفيذا لقرارات المجلس الأعلى للتنسيق بين نقابات أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في الجامعات الحكومية، وقرارات الهيئة الإدارية في هذا الشأن.
ويواصل أكاديميو جامعة صنعاء الاحتجاجات التصعيدية، رفضا للانتهاكات التي تطالهم، والمخالفات غير القانونية التي يقوم بها الانقلابيون، وللمطالبة بتسليم رواتبهم المتأخرة، وكذا الإفراج عن أعضاء هيئة التدريس المعتقلين لدى المليشيا الانقلابية، وهو ما ينذر بثورة مؤسسات ستهدد كيان الانقلابيين، مع توقعات بتوسع رقعتها.
وطالب أعضاء نقابة هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة صنعاء، في بيان صادر عنهم في الرابع من الشهر الجاري، أكاديميو الجامعة، بالتمسك بوحدة الصف، وعدم الالتفات إلى أي شائعات أو مهاترات، تحاول التشويش على قضيتهم العدالة والمشروعة.
استمرار التصعيد
وعلى هذا الصعيد، تقول الدكتورة فاتن محمد، أستاذ الصحة النفسية المساعد بجامعة صنعاء، إن وضع الجامعة من سيء إلى أسوأ، نتيجة لاستمرار انتهاكات الحوثيين، وعدم تسليمهم رواتب الموظفين.
وذكرت لـ(الموقع بوست)، أن الانقلابيين يقوموا بتحويل إيرادات الجامعة للبريد، ثم إلى البنك المركزي التابع لهم، وإلى بنك التسليف الزراعي، ويتم صرفها بطريقة غير قانونية، والاستيلاء عليها، بدلا من تشغيل الجامعة بها، باعتبارها مؤسسة إيرادية.
ويعيش أكاديميو جامعة صنعاء، ظروفا صعبة، فهم- وفقا للدكتور فاتن-" غير قادرين على الوصول إلى الجامعة، لعدم امتلاكهم نقود المواصلات"، لافتةُ إلى أن إيرادات الجامعة كافية لصرف مرتباتهم، وتشغيل الجامعة، التي لم تعد تحصل على أي مبالغ لتغطية النفقات التشغيلية.
وتؤكد أن الإضراب سيستمر في الجامعة، وسيدخل مرحلته الأخيرة اليوم السبت، ولن يتوقف حتى يتم الاستجابة لمطالبهم.
وتشير الأكاديمية في جامعة صنعاء، إلى أنهم وقبل بدء الخطوات التصعيدية التي بدأت بتعليق الشارات، ثم الإضراب الجزئي، قاموا بفتح قنوات تواصل مع الجهات التي تدير الجامعة، لكنهم" ردوا بسخف، وعدم احترام لمطالبهم"، حد تعبيرها.
وبيَّنت في ختام حديثها، بأن عديد من المؤسسات، تؤيد ما قام به الأكاديميون، وهم مستعدون للإضراب، مشيرة إلى قيام بعض المدارس بخطوات مماثلة، نتيجة لتدهور أوضاعهم الاقتصادية.
وتعرضت أموال الدولة للنهب من قِبل الحوثيين، بعد سيطرتهم على البنك المركزي، وتبديد أمواله تحت مسمى" المجهود الحربي"، وهو ما أدى إلى حرمان موظفي الدولة من مستحقاتهم، وضاعف من معاناتهم.
الغضب الشعبي المهدد للانقلابيين
ويبدو الرهان كبيرا على فاعلية مثل تلك الاحتجاجات، الرافضة لممارسات الانقلابيين وفسادهم، فالمحلل السياسي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور عبدالباقي شمسان، يعتقد أن المناخ العام المجتمعي جاهز للاحتجاج الكاسح، وسينبثق باتساع حال تقدم قوات الشرعية نحو تخوم صنعاء، وسيموت الخوف من السلاح، وسيشعر الانقلابيون وأتباعهم نفسيا وواقعيا أن الجميع ضدهم، وأنهم مرفوضون، وسيتلاشى دورهم.
وتحتل الجامعة- وفقا لـ"شمسان" الذي تحدث لـ(الموقع بوست)- مركز المبادرة والقيادة لكل مطالب التحديث المجتمعي ، ولهذا تم استهدافها دوما من قبل نظام صالح، وكانت أيضا هدفا مركزيا أثناء الإعداد لإسقاط الدولة، وهو ما يفسر محاصرتها بما يسمي" اللجان الثورية"، والسيطرة عليها بقوة السلاح، وبالتعينات في مفاصل صناعة القرار الأكاديمية والإدارية والمالية.
ويتابع" استمر المخطط بخلق كيان موزاي وبديل لاتحاد طلاب اليمن تحت مسمى ملتقى الطالب الجامعي، وملتقى الأستاذ الجامعي بديل للنقابة، كما تم إغراق الجامعة بتعينات مليشاوية، وكذا تسجيل آلاف من الطلبة التابعين لهم، علاوة على منح درجات نجاح لآلاف من أتباعهم المتواجدين في جبهات القتال"
وليجعلوا الأكاديمي يفقد قدرته الموضوعية للقيام بدورهم الطليعي، في قيادة وتوجيه المجتمع، يذكر" شمسان" أن الانقلابيين قاموا بعمليات القمع الممنهجة، وإهانة كادر التدريس، بما يجعلهم يلهثون وراء لقمة العيش والمحافظة على وجودهم المادي.
ويستطرد بالقول" إن كل تلك الإجراءات لم تكتم الأنفاس وتطلعات الحرية، وهذا ما ترجم في الفعاليات النقابية لأعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء، المستمرة برغم الاعتداءات المتكررة، والقمع، والتنكيل"، مشيرا إلى إمكانية أن يتم كبح تنامي تلك الاحتجاجات بـ" توزيع نص مرتب، حتى لا ينتقل الاحتجاج نحو قطاعات أخرى".
الدور الريادي للجامعة
ومن أجل أن تتحول تلك الاحتجاجات إلى انتفاضة، يقول الصحافي والمحلل السياسي، رشاد الشرعبي، إنه يجب أن يكون هناك استعداد لتقديم التضحيات، وأن يستمر الأكاديميون في إضرابهم، وتتوسع رقعة تلك الاحتجاجات في مختلف المؤسسات، الخدمية والتنويرية.
ويضيف في تصريحه لـ(الموقع بوست)، هناك عمليات قمع وتوحش من قبل المليشيا الانقلابية، وصلت حد الاختطاف والاعتداء على أساتذة الجامعة ذكور وإناث، ويجب أن يواجه ذلك بإصرار.
ويُعول" الشرعبي" كثيرا على جامعة صنعاء المؤسسة الرائدة، وأن ترتفع مطالب الأكاديميين المتعلقة بالرواتب، وتتسع لتكون متعلقة بالبيئة الجامعية، والفساد المالي والإداري.
وشهدت جامعة صنعاء انتهاكات ممنهجة قام بها الانقلابيون، ضد أساتذة الجامعة، والطلاب على حد سواء، آخرها صدور توجيه من قِبل رئيس جامعة صنعاء المُعين من الحوثيين، بصرف نصف مرتب، مقابل تسليم أسئلة الامتحانات، وهو الأمر الذي اعتبره الأكاديمون ابتزازا غير مقبولا.
ومنذ منتصف العام 2016، بدأت احتجاجات واسعة، في بعض القطاعات العسكرية والمدنية، نتيجة للفساد المستشري، فضلا عن حوثنة الدولة، الذي تقوم به المليشيا، وتهميش غير الموالين لهم، وعدم صرف المرتبات.