بعد اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، بدأت قيادات في حزب الإصلاح المنتمية للمحافظات الجنوبية، بتأييد مطالبة الجنوبيين بحق تقرير المصير، وهو تحوُّل مهم في مسيرة الحزب، الذي كان موقفه متشددا إزاء الوحدة بين شطري البلاد.
واستمر" الإصلاح" في نهجه الذي اتخذه منذ أواخر 2014 وحتى اليوم، والتقى مؤخرا رئيس المكتب التنفيذ لحزب الإصلاح في عدن، النائب إنصاف مايو، والقيادي في الحزب علي عشال، مع الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد.
وذكرت مصادر مطلعة، أن اللقاء أكد على ضرورة بلورة اصطفاف جنوبي؛ لمواجهة التحديات والمخاطر، يقوم على أساس شراكة الجميع، وعلى قاعدة" جنوب يتسع لجميع أبنائه، بدون إقصاء أو إلغاء لأي طرف أو مكون سياسي.
ويبدو أن ذلك الانفتاح الذي تتجه نحوه قيادات الإصلاح الجنوبية، يأتي في إطار التحولات النوعية التي يشهدها الحزب، وسيبقى دوره فاعلا في الجنوب، وربما سيقود نحو انفتاح أكبر سيشمل قواعد الحزب في شمال البلاد، في هذه المرحلة الحساسة التي تشهدها اليمن.
تأييد مطالب الجنوبيين
وعلى هذا الصعيد، يقول ناطق حزب التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن، خالد حيدان، إن" الإصلاح هو أول الأحزاب التي دعت لمعالجة آثار حرب صيف 1994 وما أنتجته"، لافتا إلى أن ذلك كان ضمن مؤتمر الحزب الأول الذي عقده عقب الحرب.
ويتابع في حديثه لـ(الموقع بوست)، أن قيادات الإصلاح في المحافظات الجنوبية، كانت ضمن المنضمين في الحراك الشعبي، الذي انطلق هناك في 2007، للمطالبة بمعالجة القضية الجنوبية بمختلف نواحيها.
ويمضى بالقول، وظل الإصلاح يرى أن القضية الجنوبية ومطالبها قضية عادلة، فاستطاع في مؤتمر الحوار الوطني، أن يبلور رؤيته بوضوح، نحو حل عادل للقضية الجنوبية في إطار الدولة الاتحادية.
ويؤكد" حيدان" أن الحزب ومن خلال قياداته وخاصة الجنوبية" مع خيار أبناء الجنوب، فيما لو قرروا تقرير مصيرهم"، لافتا إلى أن اليمن يشهد انقلابا على كل الثوابت، التي جعلت الإصلاح غير غائبا عن أي تحولا، أو توجهات سياسية.
لملمة الجراحات الوطنية
ويرى الكاتب والباحث السياسي، ثابت الأحمدي، اللقاء الذي جمع بين قيادات في حزب الإصلاح، والرئيس الجنوبي السابق علي عناصر، أن مجرد اللقاء يعدُّ حالة إيجابية بين فرقاء العمل السياسي، أيا كانت درجة خلافاتهم، وبصرف النظر عن النتائج التي خرجوا بها.
ويعتقد في حديث خصه(الموقع بوست)، أن مثل تلك اللقاءات" تأتي في إطار لملمة الجراح الوطنية الغائرة، جراء الاعتداء الغاشم من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية، التي قوضت أركان الدولة والسلم الاجتماعي معا"، مؤكدا أن القضية الوطنية قضية كبرى، ولم تعد قضية حزب أو جماعة أو تيار ما، وما يجمع الشعب اليمني أكبر مما يفرقه.
ووفقا لـ"الأحمدي" فالإصلاح هو جزء من الجنوب اليمني، ومن الحراك ذاته، مثله مثل أي حزب آخر، ولم يكن يوما ما ضد الجنوب أو ضد الشمال، مبيّنا أن موقف الحزب من القضية الجنوبية طرحه لأول مرة وبوضوح في مؤتمره العام عام 2006، مشيرا إلى أن مسألة تقرير المصير مصطلح هلامي للاستهلاك السياسي، بعد أن شخص الحوار الوطني القضية اليمنية بكاملها، وخرج بحل للقضية الجنوبية.
مواقف متناغمة مع الشارع
من جهته يصف الناشط في الحراك الجنوبي، باسم الشعيبي، موقف بعض القيادات في حزب الإصلاح بالجنوب، وأبرزها رئيس المكتب التنفيذ لحزب الإصلاح في عدن، النائب إنصاف مايو، بأنه متقدم كثيرا بالنسبة للموقف العام والرسمي لحزب الإصلاح من قضية الجنوب، ومسار الحل المناسب.
ويفسر لـ(الموقع بوست)، مواقف القيادات الجنوبية في الإصلاح، هي لمعرفتهم بالميول الشعبية للمواطنين، وإدراكهم لاستحالة تمرير أي حل للقضية الجنوبية دون موافقة الشعب الذي سيقرر مصيره، دون وصاية او تفصيل لحلول جاهزة تفرضها النخبة بحسب مصالحها، حد قوله.
ويشير إلى أن تصريحات بعض قيادات الإصلاح، التي ترى أن الأهم هو مصلحة المواطن في الجنوب، هي تصريحات لم يصدر بشكل رسمي موقفا داعما لها، من قِبل قيادات الحزب العليا التي تؤكد وبقوة رفض القبول بخيار تقرير المصير للشعب في الجنوب، مؤكدة على أن تقسيم الجنوب إلى إقليمين هو الحل الأمثل للقضية الجنوبية، على حد تعبيره.
وما هو أسوأ من ذلك الموقف بالنسبة لحزب الإصلاح- وفقا لـ"الشعيبي"- هو" الموقف العدائي الذي تنتهجه وسائل الإعلام المحسوبة عليه، ضد القوى الجنوبية المختلفة، التي تتبنى موقفا سياسيا معارضا لها، أو رؤية مناهضة لخيار الأقاليم، وهذا لا يخدم فكرة التقارب الجنوبي مع الحزب الإسلامي، الذي بات واضحا أنه فقد الكثير من المكاسب في الشمال، جراء الانقلاب الحوثي العفاشي".
ويتهم سياسيون، إيران، بدعم الحراك الانفصالي الذي بدأ منذ عام 2007، مطالبا بالاستقلال، أو الحكم الذاتي، والذي تناغمت أهدافه مع الحوثيين، لتحقيق مكاسب لطهران.