هاجم الحوثيون طهران، بعد تصريحات رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، الذي قال إن بلاده قد تصبح لديها قاعدة عسكرية في سوريا أو اليمن.
وقال رئيس ما يسمى بـ" المجلس السياسي الأعلى" صالح الصماد، إن " اليمنيين سيواجهون كل من يحاول انتهاك سيادة اليمن تحت شعارات الدفاع عنه"، مؤكدا أنه لن يكون هناك فرق بينهم وبين التحالف العربي الداعم للشرعية.
وأضاف أنه "لا منة لأي طرف على الشعب اليمني، فالصديق خذلنا قبل العدو، واستغل قضيتنا لمصالحه الخاصة قبل أن يتحرك بإنسانيته".
وقلل محللون من أهمية تصريحات "باقري"، كون أحلام إيران تلك ستصطدم بكثير من الحواجز، أبزرها المملكة العربية السعودية التي تتصدى لمشروعها التوسعي في المنطقة وبقوة، منذ أن أعلنت عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015.
خداع ومغالطات
لكن الأغرب هي تصريحات "الصماد"، التي يعدّها الباحث في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم، أنها للاستهلاك الإعلامي فقط، كون العلاقة وطيدة بين الحوثيين وطهران.
وأوضح لـ(الموقع بوست) "الصماد غاضب من إيران التي لم تعترف رسميا بالمجلس السياسي رغم ترحيبها المستمر بوجوده، ولذلك تحدث عن الخذلان".
وأضاف أن إيران تعتبر اليمن جزءا من حربها مع السعودية، وقاعدة مهمة لمواجهتها، والحوثيون جزء من محور طهران للمقاومة، ويخوضون معركة واحدة لخدمة مصالحها، لافتا إلى أنه لن" تكون مشكلة في حال كان الحوثيين مهيمنين على السلطة، وليس في حالة حرب أن يتفاخروا بالقاعدة الإيرانية على السواحل اليمنية".
ويضيف الباحث: "العلاقة بين الحوثيين لم تكن يوماً فاترة، بل على العكس، يرجع الفضل لإيران في حصول الحوثيين على قبول غربي ونشاط حقوقي وإنساني داعم للجماعة في الخارج".
وعن طبيعة طموح إيران الذي تسعى للوصول إليه عبر اليمن التي تشرف على مضيق باب المندب الاستراتيجي، يؤكد "هاشم" أنها ترغب بالتأثير على الملاحة الدولية، ودول الخليج العربي، بصفتها منتجة للنفط.
رسائل.. وأمنيات بعيدة المنال
بدوره يعتقد المحلل العسكري علي الذهب، أن تصريحات رئيس الأركان الإيراني، قفزة استباقية، تتضمن رسائل معينة لأطراف دولية فاعلة، كالولايات المتحدة الأمريكية، في ظل عهد رئيسها الجديد، الذي يحمل في أجندته مسائل خاصة بالمنطقة تمس الجانب الإيراني.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعهد في حملته الانتخابية أن يلغي الاتفاق النووي الذي أبرم في تموز/يوليو 2015، بين إيران ومجموعة الدول الست، واصفا ذلك الاتفاق بـ"الكارثي".
واتهم "ترامب" إدارة الرئيس باراك أوباما، أنها جعلت إيران أقوى، بشكل يستوجب الشكر من طهران.
ويشير "الذهب" لـ(الموقع بوست) إلى أن إيران فرضت وجودها في البحر الأحمر من خلال قاعدة مصغرة في إحدى الجزر الأرتيرية قبل أكثر من أربع سنوات، ولعل ذلك من قبيل المنافسة على البحر الأحمر بين مختلف الدول العظمى والقوى الجديدة الصاعدة، كالصين، وتركيا، وإيران، بعد تراجع الدور العربي منذ التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد، ومعاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني، نهاية سبعينيات القرن الماضي.
وفي سياق الطموح الإيراني في السيطرة والنفوذ في المنطقة؛ يمكن القول إن إيران بحاجة لإنشاء قواعد عسكرية في اليمن، لكن يظل الأمر أمنية عظيمة بالنسبة لها، خاصة في اليمن؛ لأنه يعني اكتمال التطويق المخطط له، للانقضاض على المملكة السعودية وتجزئتها طائفيا.
علاقة قوية
وترتبط إيران بعلاقة قوية مع الحوثيين الذي يزعم "الصماد" عداءهم لها، استمرارا في نهج خداع أتباعهم الذي يسيرون عليه، ففي مايو/أيار الماضي، نشر موقع قدس أونلاين بالفارسية تصريحاً لأمين عام مصلحة تشخيص النظام في إيران، محسن رضائي، ترجمه(الموقع بوست)، زعم حقهم القرآني في التدخل باليمن، وفي كل الدول العربية، قائلا " یبدو أن الملك سلمان لم یطلع على القرآن ال?ریم، ولابأس أن ی?لف نفسه ویقرأ هذا ال?تاب السماوي، مرة أخری بدلا من طبعه على أعداد ملیونیة".
وتساءل "رضائي"، " ?یف یم?ن أن نلتزم الصمت، في الوقت الذي یتعرض الشعب الیمني یومیا لغارات جویة من قبل الذین یزعمون أنهم خدمة المسجد الحرام" في إشارة إلى المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي الداعم للشرعية.
وكشفت مصادر يمنية لـ"الشرق الأوسط" في مايو/أيار الفائت، عن وجود ثلاث غرف عمليات تابعة لوفد الانقلابيين المشارك في مشاورات الكويت٬ مهمتها تسيير عمل الفريق٬ ومساعدته في التلاعب بمسار المشاورات التي تشرف عليها الأمم المتحدة.
وذكرت المصادر أن غرف العمليات مرتبطة عبر شبكة اتصالات موزعة بين طهران والكويت ودولة خليجية٬ وتضم خبراء إيرانيين وأجانب.
وتساند الهادوية الزيدية في صعدة طهران، منذ أن حدثت الثورة الخمينية إلإيرانية 1979، وأنشأوا عام 1986" اتحاد الشباب" الذي كان يتم تدريس الشباب فيه بعض المواد المرتبطة بتلك الثورة، وهو ما يؤكد الصلة الوثيقة بين الحوثيين وإيران، منذ وقت مبكر، فدعمتهم بالسلاح عبر التهريب، وكذلك سياسيا وإعلاميا، فضلا عن تدريبهم تدريبهم في قاعدة عسكرية تابعة لها في جزر" دهلك" الإرتيرية، وفي جنوب لبنان، ومدينة مازدان الإيرانية وسوريا وغيرها.
ليس هذا فحسب، فإيران تستغل المناسبات المختلفة لجمع التبرعات للحوثيين، من أجل استمرار الحرب في اليمن، وتنفيذ أجندتها الرامية إلى توسع نفوذها.
وأعلن نائب رئيس لجنة الإغاثة في مؤسسة الإمام الخميني في محافظة كرمان الإيرانية، حجة الله مصطفى طاهري، أن حجم المساعدات لليمن، التي جمعوها عن طريق التبرعات في طرق مسيرة القدس التي يقومون بها سنويا، بلغت خلال العام 2015، مليار و286 مليونا و674000 و210 ريالا (ما يعادل 41 مليونا و889 ألف دولارا).
كما تعمل طهران على جمع التبرعات لذراعها في اليمن، عن طريق بعض اليمنيين المواليين للحوثيين خارج اليمن، وكذلك عبر وفود تابعة لهم.
ويتواجد حوالي 1200 طالب يمني في "قم" الإيرانية، يدرسون في مدارس دينية، كمدرسة الحجتية التابعة لقم، ومسئولهم التنظيمي هو" حجة الإسلام" عبدالمجيد الحوثي كما يلقبه الإيرانيين، كما يتواجد في إيران الآن بعض القيادات في الحركة منهم: محمد البخيتي، أحمد الشامي، عبدالمجيد الحوثي، شمس الدين شرف الدين رئيس" رابطة علماء اليمن" والتي تمثل الحركة الحوثية فقط، والأمين العام للرابطة عبدالسلام الوجيه.