[ اليمين المتطرف في الدول الغربية بدا السيطرة على مقاليد الحكم بشكل لافت ]
تعهد الرئيس المنتخب "دونالد ترامب" بـ"التعامل بنزاهة مع كل الدول"، مشيرا في خطاب الانتصار بنيويورك الأربعاء، إلى أنه سيكون رئيسا لكل الأميركيين.
كما وعد برفع نسبة نمو الاقتصاد الأمريكي، مؤكدا على أنه سيجري إصلاحات في المؤسسات الأمريكية الداخلية وسيبني المدارس والمستشفيات، وسيبدأ عملية إعادة بناء بلاده وتجديد الحلم الأمريكي، حسب قوله.
وأضاف "أقول لكل الديموقراطيين والجمهوريين والمستقلين: لقد حان الوقت نكونلكي متوحدين".
جاء ذلك عقب فوزه بالسباق الأمريكي الكبير على منافسته الديمقراطية "هيلاري كلينتون" ليصبح الرئيس الـ45 لأميركا.
وعلى عكس كل استطلاعات الرأي التي رجحت فوز كلينتون، حصل ترامب على أكثر من 270 من الأصوات الإجمالية البالغة 538، ليفوز بمنصب الرئاسة الأميركية بفارق كبير.
وقال مراقبون إن مراكز قياس استطلاع الرأي ركزت على الولايات الساحلية المتمدنة التي تدين للديمقراطيين، فيما أهملت ولايات الوسط معقل الجمهوريين، الأمر الذي جعل الاستطلاعات ترجح كفة كلينتون.
سياسيون علقوا على فوز "ترامب" اليميني المتطرف بوصفه امتداد طبيعي لتمدد اليمين وسيطرته على مجالس قيادات بعض الدول الأوروبية الكبرى.
فيما رأى صحفيون أن ارتفاع نسبة المسلمين في دول الغرب ولد فوبيا لديهم للحفاظ على الهوية الدينية، خصوصا في ظل الهجرة التي تشهدها بعض الدول العربية إلى القارة العجوز.
يذكر أن اليسار الديمقراطي سيطر على مقاليد الحكم لدى الدول الغربية طوال العقود الماضية، خصوصا بعد تجارب دامية عاشتها قبل ذلك، إبان سيطرة الكنيسة وتعدد الطوائف.
الشعوب الغربية تميل لليمين
المحلل السياسي اليمني "مأرب الورد" أوجز للموقع بوست وصفه للمشهد بفوز "ترامب" بالقول "يمكن للامعقول أن يحدث، وأن مرشح الاستطلاعات قد يخسر، وظاهرة الخطاب الشعبوي اليميني تتمدد من بريطانيا إلى ألمانيا، واليوم بأمريكا وغدا ربما في فرنسا".
أما الكاتب الصحفي "حمزة المقالح" فيرى أن "سيطرة اليمين المتطرف في الغرب هو ردة فعل أنتجتها سياسة دولهم، وتأثيرها في خارطة الصراع في العالم و في المنطقة العربية تحديدا".
وأضاف "المقالح" في مداخلة مع "الموقع بوست": "تزايد الهجرة نحو أوروبا نتيجة طبيعية لعدم الاستقرار، وللتقارب الجغرافي معها، مع تزايد النمو السكاني للمسلمين في القارة مما ساهم في رفع مستوى التخوف من الإسلام، ليس كدين بل كهوية و ثقافة تهدد الهويات الأوروبية."
وتابع: "كما أن مشروع "محاربة الإرهاب" عزز من هذه المخاوف، وانتقلت إلى البنى المجتمعية الأوروبية والغربية، وكذلك تحكم الشركات الاقتصادية العملاقة العابرة للقارات باستراتيجية الدول العظمى في العالم يسهم في مزيد من الصراع على الثروة و التجارة في المناطق الحيوية في العالم، ومنها الشرق الاوسط".
مخلفات النظام الرأسمالي
ويتابع الصحفي "حمزة المقالح" القول: "هذا القرن- كما يبدو- هو قرن القوميات و الإثنيات، وتحلل لمنظومة القيم الأوروبية التي ظلت سائدة عشرات العقود، هي دورة اكتمال النظام الرأسمالي، وربما يشهد انتهاء لزمن الهيمنة للدولة الواحدة مع ظهور منافسين جدد في العالم، وظهور تحالفات متعددة الاقطاب".
وأردف: "المواطن الغربي، بسبب الجشع الرأسمالي المتزايد والذي بات يتحكم بشكل أو بآخر بالسياسات الخارجية والداخلية بما يلبي تطلعات الللوبيهات الداعمة لهذا الحزب أو ذاك، أصبح المواطن الغربي يشعر باختلال في عدالة التوزيع للثروة، مما ساهم في ازدياد مساحات العاطلين عن العمل أو تدني مستوى الدخل بفعل سياسات دولهم التي باتت ميالة لإرضاء رأس المال الضاغط على حساب الجماهير".
واستطرد: "كانت نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء صادمة للبريطانيين والغرب، كما هي نتيجة فوز ترامب في رئاسة أمريكا في ظل ملفات وتعقيدات كثيرة على المستوى الداخلي والعالمي ككل".
عنصريته لم تمنعه من الفوز
"فوز ترامب بالانتخابات يؤكد أن شعب الولايات المتحدة مازال غير واثق بشكل كبير بقيادة المرأة لأكبر دولة في العالم رغم ما يشاع من أن الشعوب الغربية تحترم وتدعم المرأة في كافة المناصب".
وقال "محمد السامعي" صحفي يمني: "استطاع "ترامب" الفوز رغم الحملة والهالة الإعلامية الكبيرة التي كانت تؤيد "كلينتون" وتصب ضد المرشح الجمهوري، ورغم استطلاعات الرأي المكثفة والمتكررة التي كانت تتوقع فوز المرشحة الديمقراطية، إلا أن النتيجة المفاجئة تؤكد أن المواطن الأمريكي يتخذ قراراته منفردا بعيدا عن تأثير الإعلام ومراكز الأبحاث، وهذا يرجح مسألة انحسار مسألة الثقة بالجانب الإعلامي في المجتمعات المتحضرة".
وتابع "السامعي" للموقع بوست: "فوز ترامب يؤكد ولو بشكل نسبي أن شعارات مناصرة ودعم المرأة ونبذ العنصرية وخطابات الكراهية لم تكن واقعية، فقد فاز من روج لخطابات الكراهية والانتقاص من المرأة، ومن لا يهتم بحقوق الأقليات والمهاجرين وحريات الأديان".
وأردف: "لكنا نأمل أن يكون الواقع السياسي لترامب غير ما سمعناه وشاهدناه خلال الحملة الانتخابية؛
ومع ذلك مازال العامل الحزبي مؤثر بشكل كبير في المسألة السياسية الأمريكية، لذا قد يكون الكثيرون ممن ينتمون للحزب الجمهوري قاموا بالتصويت خشية انحسار الحزب، وليس حبا بترامب أو تأييدا له".
إرث ثقيل للديمقراطيين
أما الصحفي "محمد سعيد الشرعبي" فقال: "الأمريكيون يثقون بقدرت "ترامب" على إخراجهم من الواقع البائس الذي وضعهم فيه "أوباما" داخليا وخارجيا.
وأضاف "الشرعبي" للموقع بوست: "الأمريكيون يصوتون للبرنامج السياسي وليس لشخص المرشح، ولهذا وجدوا برنامج الجمهوري ترامب أفضل لهم من برنامج الديمقراطية هيلاري كلينتون التي كانت جزءا من مشاكل وإخفاقات إدارة أوباما.
وتابع: "الشعب الأمريكي أثبت عدم تأثره بكافة الحملات الإعلامية التي سعت إلى شيطنة المرشح الجمهوري في نظرهم طيلة السباق الانتخابي، وأكدوا أنهم أدرى بمصالحهم من وسائل الإعلام".
وأردف: "لقد أكد نجاح "الحزب الجمهوري" في غالبية مقاعد الكونجرس ذات الموقف الشعبي الرافض للأخطاء الكارثية للحزب الديمقراطي خلال السنوات الأخيرة".