"رائد عبشل" مدير عام مديرية البريقة سابقاً وشخصية اجتماعية معروفة بحي إنماء في مدينة المنصورة بعدن، شارك في الدفاع المدينة ضد غزو مليشيا الحوثي والمخلوع صالح، والتحق بصفوف المقاومة الشعبية في مارس:آذار من العام 2015، كغيره من أبناء مدينة عدن الباسلة.
وبعد تطهير مدينة عدن، من المليشيات الغازية، عاد "عبشل"، إلى منزله، لممارسة حياته الطبيعية بمعية أسرته، إضافة إلى ممارسة نشاطاته الاجتماعية المعتادة في حي إنماء، إضافة إلى كونه كان مولعا بتنظيم النشاطات الرياضية، والمشاركة فيها.
مداهمة مباغتة
في مساء يوم الجمعة الموافق 23 من سبتمبر/أيلول المنصرم, تعرض منزل "رائد عبشل"، لمداهمة غير متوقعة من قبل مسلحين، تابعين مدير مكتب مدير أمن عدن، اللواء شلال شائع، وكما يبدو فإن المسلحين كانوا قادمين لاعتقاله، إلا أنه نجا من ذلك.
فعند الساعة الثامنة والنصف من مساء ذلك اليوم الذي حصلت فيه المداهمة, كان التيار الكهربائي منقطعاً حينها, فيما "رائد" وأصدقاؤه وجيرانه يتبادلون أطراف الحديث كالعادة في المقهى المتواجد أمام منزله.
يقول رائد: "كانت هناك سيارتان غريبتان عن الحي وكانتا تدوران على منزلي لثلاث مرات إلا أنني لم ألقي لهما بالاً, وفجأة دون سابق إنذار إذا بالسيارتين تتوقفان بالقرب من مكان جلوسنا, وينزل بعدها رجل ضخم البنية ويضع لثاماً على وجهه يخفي ملامحه بالكامل".
ويضيف "عبشل" في حديثه المطول لـ(الموقع بوست): " تقدم الرجل الملثم نحوي ودعاني , لنتحدث قليلا أسفل العمارة التي تقع فيها شقتي وأفاجأ بالرجل الملثم والذي لا تظهر من ملامحه سوى شعر رأسه الطويل, يخبرني بأن لديهم أمر قهري بإعتقالي, قلت له من تريدون بالضبط ومن أنتم أروني الأمر القهري وكذا بطائكم التي تثبت أنكم تابعون لإدارة الأمن العام, إلا أنه نهرني وقال لي ستأتي معنا شئت أم أبيت وإذا به يخرج ورقة مهترئةً من جيبه كتب عليها بخط اليد رائد السعدي".
وأضاف: " قلت له أنا لست السعدي أنا عبشل وذاك يافعي و أنا بدوي, لكنه قال نعلم أنك لست المطلوب لكننا نريد أن نهين شرفك وبعدها سيتم " تحكيمك ", وإذا به يقوم بكلبشة يدي ويطلعني إلى شقتي, وقبل طلوعنا كانت عدد من جنوده بينهم مجندة قد إقتحموا شقتي وبدأو بقلبها رأساً على عقب".
وتابع "عبشل" قائلا: " في تلك اللحظات قام احد الجنود بدفعي مستخدما عقب بندقيته ووضعني في زاوية غرفة الإستقبال ليقوم البقية بتفتيش المنزل , تقدمت إبنتي الصغيرة والتي لم يتجاوز عمرها السبع سنوات لتسأل الملثم والذي هو أصلا قائد الفرقة التي قامت بالمداهمة، ويدعى أحمد قاسم المرفدي، لماذا قمتم بتقييد والدي ما الذي عمله، فرد عليها بالقول: والدك لم يعمل شيئاً لكنا سنربيه".
"حينها كنت مكبلاً ولم أستطع عمل أي حركة, لكن أصدقائي الذين كنت جالس معهم قبيل المداهمة قاموا بالتواصل مع قيادة الشرطة بالحي وسمع كل من في الحي بالحادثة وتجمع حينها أكثر من خمسين مسلحا بينهم قائد شرطة حي إنماء وجنود تابعون للشرطة"، يضيف "رائد عبشل".
اعتقال المداهمين
وأشار إلى أنه لم يكن يعلم بتجمع المسلحين وقدوم قوات تابعة للشرطة, حتى قرع أحدهم الباب بقوة ليفاجئه ويفاجئ المسلحين الذين اقتحموا المنزل.
وأوضح بأن الطرق استمر طويلا وبقوة على الباب، إلا أن قائد فرقة المداهمة رفض فتح الباب، وقام بالسؤال من الطارق !! ليجيبه بعدها قائد شرطة إنماء مراد العولقي, وبعدها فتح الباب، ليفاجأ بعشرات المسلحين بجانب العولقي والذي قام بعرض بطاقته العسكرية وتكليف مدير الأمن له بهذا الخصوص.
وقال "عبشل" لـ(الموقع بوست): "قام حينها المرفدي بالإتصال فوراً بمدير مكتب مدير مدير الأمن العام العقيد عبدالدائم أحمد ليطلب منه إرسال تعزيزات, ليقوم مراد العولقي بعدها بأخذ الهاتف ومحادثة العقيد عبدالدائم قائلاً له: ما الذي عمله أصحابك يا عبدالدائم ألسنا مسؤولين عن أمن هذه المنطقة بموجب تكليف من مدير الأمن شلال شائع ولا يجب أن تمر أي مداهمة إلا عبرنا، إلا أن عبدالدائم قام بإغلاق الخط".
وأضاف: "حينها قام العولقي بالتواصل مع العميد صالح القملي مدير البحث الجنائي بعدن ليؤكد هو الآخر أن فرقة المداهمة لا تتبعهم أو حتى نسقت معهم على الأقل, وقال تصرفوا معهم"، وبعدها تم أخذ المسلحين الذين نفذوا المداهمة وعددهم خمسة إضافة إلى أحمد المرفدي، في حين تم التحفظ على المجندة وإرسالها لإدارة البحث الجنائي, في حين لاذ بقية المسلحين بالفرار.
وأشار "عبشل" الذي تحدث لـ(الموقع بوست)، حول الحادثة، إلى أنه تم حجزهم (المسلحين الذين يتبعون مدير مدير مكتب شلال شائع)، في قسم شرطة الشعب لخمسة أيام، تم خلالها التحقيق معهم، والكشف عن فرقة مداهمة تابعة لمدير مكتب مدير الأمن شلال شائع والذي تربطه بالعقيد عبدالدائم علاقة مصاهرة.
اعترافات
وأشار إلى أن هذه الفرقة تتبع لمدير مكتب مدير الأمن بشكل مباشر ولا تخضع لأي جهة أمنية سواءً أكانت إدارة الأمن أو حتى الحزام الأمني.
وتكشف محاضر التحقيقات والتي حصل (الموقع بوست) على نسخة منها مدى العشوائية التي يعيشها الجهاز الأمني بعدن، ففي التحقيقات اعترف قائد فرقة المداهمة أحمد المرفدي بأنه يتلقى أوامره من العقيد عبدالدائم بشكل مباشر، وأكد أن عدد أعضاء الفرقة يبلغ أربعة وأربعين فردا.
وعند سؤاله عن الفتاة التي كانت معهم والتي تدعى ريهام والبالغة من العمر 21 سنة، أشار إلى أنها مجندة تابعة لفرقته والتي تتلقى الأوامر من مدير مكتب مدير الأمن, وتسكن معه في منزله وشاركت معهم في كل المداهمات.
وفي التحقيقات لفت المرفدي إلى أن عمليات إدارة الأمن لا تعلم بمداهماتهم , لأنهم لا يتبعون لها بل يتبعون لمدير مكتب مدير الأمن.
وبعد إحتجازهم لخمسة أيام تم نقلهم لإدارة البحث الجنائي لإستكمال الإجراءات القانونية, كون إنتهاك حرمات المساكن والتعدي على المواطنين وإعتقالهم خارج نطاق النظام والقانون، يعتبر جريمة عظمى وخرقاً للأجهزة الأمنية وانتحالا لصفتها.
مصادر مطلعة أكدت لـ(الموقع بوست) أن إدارة البحث الجنائي قامت بالإفراج عن المرفدي والمسلحين التابعين له, في تواطؤ مباشر من قبل العميد صالح القملي مدير البحث الجنائي، في حين لا تزال سياراتهم محتجزة في شرطة الشعب وعددها سيارتين.
المصادر نفسها أضافت أن هذه الفرقة مخصصة لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية ولا تتبع لإدارة الأمن لا من قريب ولا من بعيد.
وحتى الآن لم يتم إغلاق قضية "رائد عبشل"، حيث أكد لـ(الموقع بوست) أنه تلقى عشرات الإتصالات من قيادات أمنية ومسؤولين رفيعي المستوى في السلطة المحلية كلها تسعى لتحكيم قبلي لإرضاءه مقابل دفن القضية, إلا أنه رفض هذا الأمر، وأكد أنه سيتابع القضية في المحاكم والنيابات وبشكل قانوني يضمن حقوقه.