أطلقت المدمرة الأمريكية "يو اس اس نيتز" في ساعات الصباح الباكر من يوم 12 أكتوبر الجاري، وابلاً من صورايخ كروز، وتوماهوك على مواقع الرادار التابعة للحوثيين، وبإطلاق هذه الصواريخ فقد دخلت الولايات المتحدة رسمياً في الصراع اليمني الذي ما زال مستمراً منذ 18 شهراً.
ويأتي إطلاق هذه الصواريخ رداً على إطلاق الحوثيون المدعومين من إيران صورايخ باتجاه سفن تابعة للبحرية الأمريكية، علما بأن هذه هي المرة الأولى التي تنفذ الولايات المتحدة عمليات قتالية دفاعية، في البحر الأحمر وخليج عدن، منذ أكثر من عقدين من الخدمة التي كانت بمجملها هادئة.
المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية قال إن هذه الضربات ليس لها علاقة بالصراع الدائر في اليمن، وإنما جاءت ردا على عمل عدائي تعرضت له السفن الحربية الأمريكية، ولكن بدلاً من الرد بقوة من المدمرتين الأمريكيتين ضد الحوثيين، كان الرد محدود، وفي سياق الدفاع عن النفس فقط.
وكما يقول جوناثان سكانزير وهو خبير في الشؤون اليمنية الإيرانية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بأن ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية تجاه هذه الهجمات الصاروخية التي تعرضت لها إحدى مدمراتها قرب باب المندب، كان أقل بشكل كبير جدا من الرد المناسب.
وبالرغم من ذلك، فقد وُضعت الولايات المتحدة في موقف صعب دولياً وقانونياً بالرغم من الضربة المحدودة، ومع أن إدارة أوباما، سعت جاهدةً للحفاظ على العلاقات مع إيران منذ المفاوضات الأمريكية الإيرانية وتنفيذ الخطة المشتركة الشاملة للعمل على ضمان أن إيران لن تكون دولة نووية، إلا أنه ومن خلال هذا العمل العسكري التي نفذته أمريكا ضد المتمردين الحوثيين، ومع أنه كان محدودا، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية قد دخلت في حرب أخرى في الشرق الأوسط.
إيران والحوثيين
يقول "فيليب سميث" من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن إيران تعتبر المجموعات الشيعية في الشرق الأوسط مكونات مهمة للحرس الثوري الإيراني، وأن معظم قادة الحوثيين يذهبون إلى إيران لتلقي التعليم الأيديولوجي والديني.
وأكد فيليب سميث أن الكثير من المستشارين التابعين لحزب الله وإيران يتم رصدهم على الأرض لغرض تقديم المشورة لجماعة التمرد الحوثية ، وهم المسؤولون عن تدريب الحوثيون على إطلاق الصواريخ التي استهدفت البحرية الأمريكية.
إن دعم التمرد في اليمن بالنسبة لإيران يعتبر وسيلة قوية لاستنزاف منافسها في الشرق الأوسط، "المملكة العربية السعودية"، كما أن الدعم المقدم من إيران للمتمردين الحوثيين في قتالهم ضد قوات التحالف العربي يهدف للحفاظ على سيطرة الحكومة في صنعاء على بعض المناطق في اليمن.
وقال "سميث" بأن إيران تنظر لهذا الأمر من زاوية إستراتيجية للغاية، وليس فقط استنزاف المملكة العربية السعودية وإنما في كيفية توسيع نفوذها الفكري والعسكري، مضيفا أن "اليمن تعتبر هدفاً جذاباً للإيرانيين في مغامراتهم الحالية لأن السيطرة على الوضع في باب المندب يعني السيطرة على الممر المائي والذي سيمكنهم من السيطرة على البحر الأحمر ونطاق واسع للتجارة".
وذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بقلق بالغ إزاء الدخول في الصراع اليمني خوفاً من اعتبارها مشاركة لأطراف الصراع وبالتالي ستكون عرضة للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وقال لورانس برينان وهو أستاذ مساعد في كلية فوردهام للقانون: " إن السياق المحدود الذي وقعت فيه هذه الهجمات هو لحماية حرية الملاحة والنقل ، وعلى الأرجح فإن هذه الهجمات لم تصل إلى الرد القانوني لأي دولة.
ويقول "سميث"، الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "مثلما اتهمت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بارتكاب جرائم حرب في اليمن، يجب على المجتمع الدولي مقاضاة سوريا وروسيا على جرائم حرب ارتكبت من قِبلهم في سوريا".
إجراء غير كافٍ
في الوقت الذي دخلت فيه الولايات المتحدة الأمريكية الصراع في اليمن الذي يوجد فيه حوالي 14 مليون شخص يفتقرون إلى الغذاء، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تفعل ما فيه الكفاية هناك.
وحول هذا يقول "جوناثان سكانزير"، الخبير في الشؤون اليمنية الإيرانية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بأن البحرية الأمريكية لم تضرب أولائك الذين أطلقوا الصورايخ ولا مخابئ الأسلحة ولا أولائك الشباب الذين انخرطوا بشكل مباشر، وبالنسبة لسكانزير فإن هذا الإجراء ليس كافيا بالنسبة لهم.
ولكن مع الانخراط السابق للولايات المتحدة في حملات القصف ضمن ست دول، فإنها مشمئزة من الغرق في صراع آخر في الشرق الأوسط وبنفس القدر من القلق حول قتال وكلاء إيران الذين تعتبرهم تمديد للحرس الثوري الإيراني.
حتى الآن لا تزال وزارة الدفاع الأمريكية ملتزمة بفكرة أن الهجوم على البنية التحتية للحوثيين يعتبر محدود جداً وأنه سيكون بمثابة الدفاع عن النفس، وكما يقول "سكانزير"، بأن هذه ليست حقا وسيلة لتحقيق النصر. ولكن مع الأشهر الثلاثة الفائتة من ولاية الرئيس أوباما الثانية ، فإن هناك سبب وجيه للسؤال فيما إذا كان هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو مساعدة الشعب اليمني وإنهاء الحرب الحالية أو الجلوس ببساطة جانباً من الصراع الملتهب.
كتبة/ أليكس لوكاي
صحيفة بزنز انسايدر البريطانية