[ المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد ]
يواصل المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، تحركاته ومساعيه، للتحضير لاستئناف محادثات السلام اليمنية التي توقفت في 6 أغسطس/آب الفائت، بعد فشلها في تحقيق أي اختراق في جدار الأزمة، التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام ونصف.
وسيتنقل ولد الشيخ بين الرياض ومسقط، التي يتواجد فيها وفد الانقلابيين، والتي من المتوقع أن يزورها بعد يومين؛ وذلك لتقريب وجهات النظر بين الشرعية المرحبة بالمشاورات وفقا للمرجعيات الثلاث، والانقلابيين الذين يرغبون بتشكيل حكومة قبل الانسحاب من المدن، وتسليمهم للسلاح، مخالفين بذلك قرار 2216.
وتمهيدا لذلك دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الثامن من أغسطس/ آب الماضي، إلى هدنة لمدة 72 ساعة في البلاد، استعدادا لبدء جولة جديدة من المشاورات.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" قبل أيام عن المتحدث الرسمي لولد الشيخ شربل راجي، أن المشاورات السياسية مبنية على التوصيات الصادرة عن محادثات السلام التي جرت في الكويت، ويبنى عليها للتوصل إلى حل سلمي للنزاع.
وهو ما أكده ولد الشيخ، اليوم الأحد، بقوله إن المجتمع الدولي حريص على تحقيق السلام في اليمن، المرتكز على قرارات الشرعية الدولية، وآخرها القرار2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية"سبأ".
ومؤخرا تحدثت مصادر عن وجود خلاف أمريكي مع المبعوث الأممي إلى اليمن حول رؤيته لحل الملف اليمني، وهو ما نفاه مسئول أمريكي رفيع لصحيفة "الشرق الأوسط" لم يكشف عن اسمه، مؤكدا أن بلاده تتفق على ضرورة وقف إطلاق النار فورا في البلاد، إلى جانب ضرورة الوصول إلى اتفاق شامل لتسلسل الخطوات الأمنية والسياسة.
وفي أغسطس/آب كشف وزير الأميركي خطوطا عريضة بشأن مبادرته التي أعلن عنها في الرياض، وشملت تشكيل حكومة وحدة وطنية، بالتزامن مع انسحاب القوى العسكرية من صنعاء وغيرها من المدن، وكذا تسليم جميع الأسلحة الثقيلة إلى طرف ثالث، اقترحته الحكومة الشرعية في مشاورات الكويت.
ترحيب حكومي
وجدد الرئيس عبد ربه منصور هادي، اليوم الأحد 2 أكتوبر/تشرين الأول، رغبة الحكومة في استئناف مشاورات مع وفد الانقلابيين (الحوثي- صالح)، مؤكدا أنه يحرص ويتطلع نحو "سلام جاد لا يحمل في طياته بذور حرب قادمة، بما يؤسس لمستقبل آمن لليمن".
وفي وقت سابق أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، أن الحكومة مستعدة للمشاركة في مشاورات قادمة، ولكن على أساس ما تم الاتفاق عليه وبناء على المرجعيات الثلاث للمحادثات، المتمثلة بالحوار الوطني والمبادرة الخليجية، والقرارات الأممية ذات الصلة، وعلى رأسها قرار 2216.
الانقلابيون الطرف الأضعف
ومع اقتراب جولة المشاورات الجديدة، تدخل الشرعية المحادثات وبيدها الكثير من أوراق القوة، والانقلابيون طرف منكسر، خاصة بعد تحرير مناطق مهمة كصراوح في مأرب التي تمتلك بوابتين مع صنعاء، وكذا السيطرة على مديرية الغيل المعقل الأبرز للحوثيين والواقع في محافظة الجوف الحدودية مع صعدة وصنعاء وعمران، فضلا عن مواصلة المقاومة الشعبية التقدم في محافظتي تعز والبيضاء.
بالإضافة إلى الغضب الدولي والإقليمي من الانقلابيين، الذين هددوا الملاحة الدولية بعد مهاجمتهم لسفينة مدنية إماراتية، كانت قادمة من عدن.
أما سياسيا فقد تمكنت الشرعية في البلاد من المحافظة على شرعيتها أمام العالم، واستغلال ورقة الدبلوماسية لإحياء العلاقات مع الدول المؤثرة في المحيط، وكذا عودة الحكومة إلى عدن بالتزامن مع قرار نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة، والعمل على نقل كافة مؤسسات الدولة الأخرى، وكذا عودة البعثات الدبلوماسية والسفارات إلى عدن، ليكتمل معها سيناريو استعادة الدولة، خاصة بعد بسط الشرعية يديها على أكثر من 85% من الأراضي اليمنية، حسب تصريحات مسئولين حكوميين.
واقتصاديا يعيش الانقلابيون وضعا صعبا، بعد قرار الشرعية نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهي الخطوة الأبرز التي ستجعل حلفهم يتفكك.
كما يشهد حلف (الحوثي- صالح) تفككا وخلافات متصاعدة، جرّاء استمرار اللجنة الثورية بممارسة مهامها، وتعطيل ما يُعرف "بالمجلس السياسي"، الذي شكلوه في الثامن والعشرين من يوليو/تموز الماضي، وكذا الخلافات حول تسمية أعضاء الحكومة بحسب تصريحات صحفية لمقربين منهم.
البحث عن مكاسب
وعلى عكس جولات المشاورات السابقة، تأتي هذه الجولة والانقلابيين في وضع حرج في مختلف الجبهات في الداخل، وكذلك على الحدود مع المملكة العربية السعودية، التي تشهد معارك عنيفة بين الحين والآخر، فقد خلالها الحوثيون عدد من قادتهم أبرزهم حسين الملصي أحد أبرز القادة الميدانيين، وكثير من المقاتلين في صفوفهم.
وسعيا منهم لتعويض هزائمهم التي تلقوها على أيدي القوات الشرعية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، أعلن ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" الذي شكله الانقلابيون، اليوم الأحد، قرارهم بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وتكليف محافظ عدن السابق عبدالعزيز بن حبتور برئاسة الحكومة التي سيقوم بتشكيلها.
وقللّ مراقبون من أهمية هذه الخطوة التي لم تحظَ بتأييد دولي أو إقليمي، ولم تستند على أي خطوة شرعية، مهددة فرص السلام في اليمن، ووصفوها بـ"المتوقعة"، مع قرب جولة المشاورات الجديدة التي يتم التحضير لها.
كما أكدوا أن مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية التي أصبحت الطرف الأضعف، يسعون للدخول في جولة المشاورات بحثا عن مكاسب، تضمن بقائهم، بعد أن رأوا أنهم لن يحققوا أي تقدم إلا بالسلام، وبعد توالي هزائمهم.
وقبل أيام كشفت مصادر في المقاومة الشعبية لصحيفة" العرب" اللندنية، عن عرض سري تقدم به الحوثيون عبر وسطاء للانسحاب من محافظتي تعز والبيضاء، مؤكدة أنهم يهدفون من خلال تلك الخطوة إلى الحفاظ على مناطق نفوذهم التقليدية.
ويرى محللون أنه وبرفض الانقلابيين لفرص السلام التي قد تتمخض عن المشاورات، فإن خيار استعادة ما تبقى من الدولة بالقوة سيكون الخيار الوحيد المتاح، لينتهي بذلك الانقلاب ويتفكك، بعد الخسائر الكبيرة التي صدعت جدرانه.