[ اللواء أحمد عسيري ]
دعا المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي اللواء الركن أحمد عسيري، اليوم الاثنين 26 سبتمبر/أيلول، إلى تسوية سياسية شاملة في اليمن، وليس مجرد هدنة.
وقال اللواء عسيري في تصريحات نقلتها عنه وكالة "فرانس برس": "إذا كان الحوثيون يريدون وقفا لإطلاق النار، فهم يعرفون ماذا عليهم أن يفعلوا"، في إشارة إلى مبادرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والقائمة على المرجعيات الثلاث، المتمثلة بالحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها قرار 2216.
وجاءت تصريحات "عسيري" عقب اقتراح رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي" للانقلابيين صالح الصماد، يوم الأحد 25 سبتمبر/أيلول، لهدنة على الحدود السعودية اليمنية، مع اشتراط وقف الغارات الجوية التي ينفذها التحالف العربي ضد الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وكذا دعوة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح للحوار المباشر مع الممكلة العربية السعودية.
وأكد مراقبون أن تصريحات "الصماد" تؤكد على أنهم يريدوا التفرغ للحرب الداخلية ضد اليمنيين، وهو ما رفضه التحالف العربي، كما عدّوا مقترحه وسيلة لالتقاط أنفاسهم، بعد أن ضيقت الشرعية المسنودة من التحالف الخناق عليهم في عدة جبهات، بالإضافة إلى نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهو ما يعني قصر عمر الحرب في البلاد، بعد قطع الموارد المالية عليهم.
وخلال الأيام الماضية خسر الانقلابيون، عدد من القادة العسكريين، أبرزهم العميد الركن حسن الملصي قائد قوات المخلوع صالح في الجبهة الحدودية مع السعودية، وشغل سابقا منصب قائد وحدة مكافحة الإرهاب، في القوات الخاصة في الحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، كما تمكنت القوات الشرعية من التقدم بشكل كبير في صراوح التي تعد بوابة للدخول إلى العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة المليشيا الانقلابية، وكذا منطقة"كرش" الحدودية بين الشمال والجنوب.
لا قيمة لمقترح "الصماد"
وفي هذا الصدد قلّل المحلل السياسي فيصل علي من أهمية تصريحات صالح الصماد، وقال إنه "لا قيمة لها، ولا وزن سياسي أو عسكري"، لافتا إلى أن ما يمسى بـ"المجلس السياسي" لم يحظّ بأي اعتراف وغير مقر به حتى داخليا، وما زالت السلطة بيد ما يطلق عليه الانقلابيون بـ"اللجان الثورية".
وعن تصريحات المتحدث باسم التحالف العربي أحمد عسيري التي دعا فيها إلى تسوية سياسية شاملة، أكد "علي" لـ(الوقع بوست) أن توقيف الحرب بلا تسوية قائمة على المرجعيات الثلاث، لا يعني إلا المزيد من الحرب.
وأردف المحلل السياسي أن تلك المرجعيات هي الطريق لإنهاء الحرب، ونزع سلاح المليشيا الانقلابية، وتسليم مؤسسات الدولة للسلطة الشرعية، وعودة الحياة إلا المدن، وهو المطلب الشعبي والعربي، وهو ما تسعى إليه أيضا الشرعية بجيشها الوطني المسنود من المقاومة الشعبية.
تصريحات استهلاكية
أما المحلل السياسي فيصل المجيدي فوصف تصريحات "الصماد" والمخلوع صالح التي دعا فيها للحوار مع السعودية بـ"الاستهلاكية"، الهدف منها أن يقول إن الحرب هي بين دولتين، لكنها بين الشعب اليمني وجماعة انقلبت على السلطة، حد تعبيره.
وأكد في حديثه لـ(الموقع بوست) أن تلك الدعوات التي أطلقها الانقلابيون، ما هي إلا وسيلة لإعادة ترتيب أوراقهم، للعودة للاقتتال مرة أخرى.
ووفقا للمحلل السياسي "المجيدي" فإن كل الظروف الشكلية والموضوعية، غير متوفرة في عروض الهدنة التي طرحها الانقلابيون، لافتا إلى أن الحوثيين غير جادين، كما أنهم يتحدثون عن إيقاف إطلاق الصواريخ التي تستهدف المملكة العربية السعودية، ولم يتحدثوا عن الحروب التي يشنوها في تعز ومأرب والجوف والبيضاء.
وبيّن في ختام حديثه أنهم فقط يريدون من خلال تلك المبادرات التي يطلقوها إيقاف الغارات الجوية، واستغلال الفرصة لإدخال الأسلحة التي تقوم إيران بتهريبها لهم.
إبعاد الأنظار عن الهزيمة
من جهته قال الكاتب والصحافي محمد اللطيفي إنه لا جديد في تصريحات عسيري أو تصريحات الانقلابيين، مستدركا بالقول إن الجديد في الأمر "ربما يكون مرتبطا بسياق الأحداث المتسارعة التي حدثت خلال شهر سبتمبر/أيلول، والتي في أغلبها خارج هوى الانقلاب، وبعيدا عن مصالحة".
ودعوة الحوثي لمبادرة تتضمن وقف إطلاق النار من قبلهم على الحدود مع السعودية، فهي وفقا لـ(اللطيفي) الذي تحدث لـ(الموقع بوست) تأتي لإبعاد الأنظار عن الهزيمة الاقتصادية التي تلقتها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، بعد قرار الشرعية بنقل البنك المركزي إلى عدن، وهو القرار سيمثل- إن نجح- حصارا اقتصاديا وسياسيا معا، وسيزيد من عزلة سلطة الانقلاب في صنعاء.
وأضاف الكاتب اليمني أن الانقلابيين يحاولون نقل المعركة من الداخل إلى الحدود، ليحولوها إلى صراع مع السعودية، بدل صراعهم مع الشرعية، واصفا رد "عسيري" بحديثه عن تسوية شاملة بـ(الموفق)، فهي "تعني العودة إلى مرجعيات الصراع مع الشرعية، وهو ما يعني عدم تجاوز الشرعية، خصوصا وأن نقل البنك تم بدعم السعودية"، حد قوله.
كما أكد "اللطيفي" أن الكرة الآن في مرمى سلطات الأمر الواقع في صنعاء، وعليها أن تتجاوب بجدية مع المبادرات الدولية والتي في مجملها لصالحها "إن وعت ذلك"، واستطرد قائلا: "لكن سلطة الحوثي مجرد أداة إيرانية، وقرارها السياسي ليس ملكا لها، فالعقل السياسي الإيراني هو من يحدد خياراتها السياسية، ويرسم لها جدول تحركاتها".