يستقبل أهالي مدينة تعز عيد الأضحى المبارك هذا العام، في ظل استمرار القصف والاعتداءات المسلحة، من قبل مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية على المدينة، إذ أن وجود المليشيا بآلة الموت بمحيط المدينة، قد حالت دون تسرب الفرحة إلى أوساط السكان، مُذ بدأت هذه الحرب على المدينة الحالمة.
وهذا هو عيد الأضحى الثاني الذي يحل على تعز، وهي محاصرة ومدمرة، وتتعرض لأعنف وأبشع هجمات بمختلف أنواع الأسلحة من قبل المليشيا الانقلابية، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن تتساقط القذائف المدفعية والصاروخية على الأحياء السكنية، مخلفة وراءها قتلى وجرحى من المدنيين، خصوصا من الأطفال والنساء.
بأي حال جئت يا عيد؟
جاء عيد الفطر ومضى، وبعد شهرين لم تتوقف خلالها الهجمات المميتة، ولا تساقط القذائف على الأحياء السكنية، حلّ عيد الأضحى، ويبقى السؤال الذي يدور في خلد أبناء تعز: بأي حال جئت يا عيد؟.
فالعيد لدى أهالي مدينة تعز أصبح محطة لتذكر من فقدوهم، جراء الحرب التي شنتها المليشيا على المدينة المسالمة، وكذا لتوقع ما هو آت في ظل ضعف آمال إنهاء هذه الحرب، وهذه الجرائم بحق المدينة، وأهلها.
وتتنوع عادات وطقوس العيد لدى أبناء تعز، بين أداء الصلوات، وزيارة المقابر، وتلاوة الفاتحة على أرواح من قتلتهم المليشيا، وكذا الدعاء لمن جرحوا، أو لا يزالون في سجون المليشيا بسرعة الفكاك من ذلك الأسر، فضلا عن تفقد أسر الجرحى والشهداء.
أين وكيف ؟
في تعز يتساءل الأهالي: "أين وكيف سنستقبل عيد الأضحى؟ أنستقبله على أنقاض بيت مدمر، أم نستقبله وهنا شهيد وشهيدة لم تجف دماؤهم بعد؟".
وفي هذا السياق، يقول المواطن التعزي محمد الشيباني من أبناء مدينة تعز ، إنه لم يعد يرى طعماً أو لوناً للسعادة مثل أكثر سكان مدينة تعز الذين خرجوا من منازلهم هروباً من قصف مليشيا الحوثي والمخلوع، التي أوغلت في دماء الأطفال والنساء والشيوخ وحرق الأخضر واليابس.
ويستقبل أهالي مدينة تعز عيد الأضحى هذا العام مثقلين بالهموم والأحزان والآهات، بعد تدمير الآلة العسكرية لمليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية آلاف المنازل والمئات من المنشآت الاقتصادية وتخريب البنية التحتية، إضافة إلى استشهاد وإصابة الآلاف من المدنيين .
منعونا حتى من الفرح
يقول الحاج سعيد الصبري بعد أن فقد بيته لـ(الموقع بوست): "لم يعد لنا بيت فنحن الآن نسكن في غرفة واحدة، أنا وجميع عائلتي، ولم تعد هناك حياة لكي يكون هناك عيد"، مشيراً إلى أنه تم تفجير منزله من قبل مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية في حي ثعبات ، خلال الحرب التي تشنها على مدينة تعز.
وأفاد الصبري أنه لم يعد يشعر بأي فرحة أو شعور ببهجة العيد، مضيفا: "هذه الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية سلبوا من قلوبنا الأمان، منعونا حتى من الفرح"، منوها إلى أن عيد الفطر مر عليهم وهم مشردون في مدرسة إيواء.
ويستقبل آلاف أهالي مدينة تعز عيد الأضحى في المدارس نازحين، وفي هذا السياق، يصف الشاب عمار الخديري المشهد قائلاً: "في أول أيام عيد الفطر قصفت مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية بيتنا في حي وادي القاضي ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش في المدرسة نازحين".
وأضاف الخديري لـ(الموقع بوست): "وها هو عيد الأضحى يداهمنا والحال كما هو من التشرد واللجوء، لا نعرف متى سينتهي، فكيف سنحتفل بالعيد؟ ويستدرك قائلا:"في تعز ما في أعياد ولا أفراح، في تعز حرب وقصف وشهداء بس".
نجدد العهد البيعة مع الله
تتساءل والدة أحد الشهداء قائلة: "عندما تفقد الأم قلبها ومهجتها وفلذة كبدها، فكيف يكون عيدها؟"، لافتة إلى أن ابنها الشهيد كان أول من يتفقدها ويزورها من أبنائها في العيد.
بدوره يؤكد أحمد المقرمي أن أهالي مدينة تعز يستقبلون عيد الأضحى "ولازال الجرح مفتوح، لكن رغم هذا الجرح يبقى من الواجب أن يفرح المسلمون بعيدهم ويذبحوا الأضاحي، ثم بعد ذلك يوزعونها على الفقراء وعلى الأرحام وعلى الذين تضرروا في هذه الحرب"، مشدداً على ضرورة أن يكون لدى أهالي مدينة تعز قوة الإسلام والعطف على الفقراء والمساكين.
وأضاف المقرمي لـ(الموقع بوست): "لا بد أن نفرح بعيدنا مهما كانت الدماء نازفة، علينا أن نصنع الفرحة بما نستطيع عند ذوي الشهداء والجرحى، وأن نجدد العهد والبيعة مع الله على مواصلة درب الشهداء والتمسك بخيار المقاومة الشعبية والجهاد في سبيل الوطن".