[ نموذج لخبر تم السطو عليه من موقع المصدر - الموقع بوست ]
قال إنها أصبحت تمارس بشكل يومي وأنه لم يعد لديه القدرة على المزيد من الصبر .. هكذا وجد علي الفقيه - رئيس تحرير صحيفة المصدر المستقلة في اليمن - نفسه بعد تزايد حالات السرقة التي تتعرض لها المواد الصحفية المنشورة عبر صحيفته.
يقول: "نعاني من لصوص الأخبار بشكل يومي، ومع زيادة اللصوصية نفد صبرنا .. نحن نتعب ونبذل جهداً وإمكانات للحصول على الأخبار من مصادرها وصياغتها بشكل مهني ثم يأتي لصوص الأخبار ليسرقوا أخبارنا بالنص".
ويضيف: "كلما تفعله هذه المواقع هو إبعاد كلمة المصدر أونلاين ونشر الخبر المسروق كما هو دون أن يتعبوا أنفسهم حتى بالتحريف وإعادة الصياغة".
في صفحته على الفيسبوك نشر رئيس تحرير صحيفة المصدر صورة مدمجة لخبر تم سرقته بعد ساعة من نشرهم له، حيث قام موقع آخر بنسخ المادة كما هي دون إجراء أي تعديل باستثناء حذف مصدر الخبر الأول.
عشرات الحالات
يقول: عامر الدميني رئيس تحرير الموقع بوست "من خلال تجربتي الشخصية استطعت أن أوثق عشرات الحالات لمواد عملنا على انتاجها وتحريرها كمحتوى خاص بنا وأتفاجأ لاحقا أن مواقع كثيرة قامت بنسخها ونسبها لنفسها".
ويضيف: "أعددت ذات مرة مادة عن عمل اليونيسيف في اليمن، واستعنت بصور لعاملين مع المنظمة من صفحتها بالفيسبوك، ونشرتها بالموقع كمادة خاصة، وبعد ثلاثة أيام اتفاجأ أن أحد المواقع المحلية نشرها كمادة خاصة نقلا عن مكتبه في تعز، ثم اتفاجأ لاحقا أن صحيفة عربية خليجية مشهورة نشرتها في نسختها الورقية والالكترونية باسم مراسل لها في اليمن".
ويتابع: "صحيح أنك تشعر بسعادة عندما ترى فكرتك أو مادتك قد أدت دورها، وانتشرت في أكثر من وسيلة، ووصلت الرسالة الاعلامية التي أردت إيصالها، لكن يحز في النفس أن يبقى هذا الوضع من السطو والفوضى قائمة في العمل الاعلامي".
عملية السطو للمعلومات والمواد هي احدى القضايا التي يواجهها الاعلام في اليمن وتحديدا الصحافة الالكترونية - وفق عامر الدميني - وهي قضية تفشت أكثر مع ظهور الصحافة الالكترونية في اليمن واتساعها بشكل عرضي دون أن يكون هناك أي معايير قانونية أو ضوابط تعمل على ايقاف هذه الظاهرة.
الدميني اعتبر عملية السطو للمادة الصحفية "لاتقل في جرمها عمن يسرق ممتلكاتك الشخصية كالمال أو الاشياء المادية، بل هي أشنع بحكم أنها تسرق افكارك، وجهدك التحريري، وأموالك التي تنفقها على اعداد تلك المادة التي يسرقها البعض بكل برود".
نوعان من السطو
يتحدث رئيس تحرير الموقع بوست عن نوعين من السطو، النوع الاول هو "إعادة تحرير المحتويات الاخبارية من الصحف الدولية ونشرها في موقعك بعد ترتيب المعلومات وانتقاء أهم ما فيها، ويأتي أحدهم ليأخذها جاهزة وينشرها في موقعه دون تقدير لجهدك في الوصول للمعلومة وتحريرها من جديد، أما النوع الثاني فهو السطو على مواد خاصة بك، حيث يأتي أحدهم ويسرق المادة وينسبها لنفسه، ويكتفي أحيانا بذكر اسم المحرر ويتجاهل الموقع الاخباري، وفي الغالب يتم سرقة المادة كاملة دون الإشارة لموقعك".
ويضيف: في حديثه لـ"المشاهد": "اعتقد أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة والتي من أبرزها الكم الكبير للمواقع على شبكة الانترنت، وظهورها بشكل هزيل وعشوائي، ومن قبل شخصيات لا تفقه بالمهنة الصحفية، وعدم وجود أي ضوابط أو معايير قانونية من الجهات المختصة كوزارة الاعلام ونقابة الصحافيين ووزارة الاتصالات، ووجود عدد كبير من خريجي كلية الاعلام الذين وجدوا أنفسهم في سوق العمل دون الحصول على خبرات ميدانية حقيقية أو تدريبات كافية".
واعتبر من ضمن الأسباب "غياب الدولة بشكل كامل منذ العام 2011م وما تلاه حتى اليوم، إضافة إلى غياب المواقع الاخبارية المتميزة والمهنية التي تستطيع أن تقدم نموذج متقدم ومميز للعمل الاعلامي الناجح والمهني.
ومما ساهم في انتشار الظاهرة أيضا وفق رئيس تحرير الموقع بوست هي "اعلانات جوجل وحساب عدد الزيارات لزيادة الأرباح وهو ما مثل عاملا خطرا على الصحافة الالكترونية اليمنية وحولها إلى مواقع ممسوخة لاتراعي متطلبات القارئ وإشباع حاجته في الحصول على المعلومة الصحيحة مثلما تراعي عدد الزيارات للموقع، والحصول على عوائد مالية".
ظاهرة قبيحة
يصف الصحفي نبيل الأسيدي هذه الظاهرة بالقبيحة .. ويضيف: لـ"المشاهد": "هناك كثير من الانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة في اليمن من بينها انتهاكات من داخل الوسط الصحفي أو من الدخلاء على المهنة وهم كثر خاصة في ظل حالة الفوضى والعبثية التي تعيشها ما تبقى من صحافة تحت قمع وسلطة المليشيات".
ويتابع الأسيدي - وهو رئيس لجنة التدريب والتأهيل بنقابة الصحفيين اليمنيين: " ظاهرة اللصوصية والقرصنة على الاخبار والمواد الصحفية هي إحدى الدلائل على تردي الوضع الصحفي في اليمن ودليل أيضا على صعوبة الحصول على المعلومات مما يجعل البعض يقوم بالاعتماد على ما يتم نشره دون الإشارة الى المصدر إضافة إلى أن هناك الكثير من المواقع ليست مهنية ولا احترافية ولا يديرها صحفيين بل دخلا على مهنة الصحافة ولذلك فهم يكرسون هذا العبث".
لا جدوى لنقاشها
من جهته يرى محمد شبيطة أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين أن مناقشة هذا الموضوع "غير مجدية" كون هناك قضايا أخرى مثل قضايا قتل واختطاف الصحفيين ومصادرة المؤسسات والصحف وإيقافها ومطاردتها.
لكن شبيطة عبر عن أسفه لاتساع رقعة السطو بشكل وصفه بالخيالي. وقال: إن "هذه الظاهرة وصلت إلى مرحلة جعلت من أخلاقيات المهنة مجرد ترهات" . مؤكدا أن الفوضى الشاملة تجتاح كل شيء، وكل ذلك بسبب ان الاغلب ممن يمارسون هذه الاعمال لا ينتمون لمهنة الصحافة".
ويضيف: لـ"المشاهد" "الموضوع طويل وشائك وكما تعرف أننا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن، وبالنسبة لنا كصحفيين أو نقابة فان أولوياتنا أكبر من مناقشة هذا الموضوع، فنحن في حالة نجد زملائنا يعانون العوز والحاجة، والكثير فقدوا اعمالهم، ومن ناحية أخرى تجد ان وضع الصحافة في حالة مزرية لأنه لاوجود للصوت الآخر وما يوجد في الداخل ليس إلا صوتا واحدا فقط".
ويؤكد أن الأوضاع الصحافة في اليمن بلغت من السوء إلى حد قتل واختطاف الصحفيين ومصادرة مؤسسات وصحف وايقافها ومطاردة أصحابها، وفي مثل هكذا وضع فان مناقشة الموضوع الذي ذكرته اعتقد انه غير مجدي.