أثارت الذكرى الـ17 لرحيل شاعر اليمني الكبير، الأديب والمفكر عبد الله البردوني، الكثير من ردود الأفعال في أوساط المثقفين والناشطين والسياسيين والإعلاميين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماع المختلفة.
وتداول سياسيون وكتاب واعلاميون على شبكات التواصل الاجتماعي صورا للبردوني ولقصائده ومؤلفاته مشيرين إلى أن البردوني لقي العنت والقسوة والتجاهل في حياته وبعد مماته، لافتين إلى أن هذا الموقف تجاه البردوني يعود إلى أن معظم ابداعاته الشعرية كانت تركز على انتقاد الظلم والطغيان وتدعو إلى نصرة المظلومين وإلى المواطنة المتساوية ضد الاماميين البغيضين.
فالبردوني الذي غيبه الموت في 30 أغسطس/آب 1999 لا يزال يشكل حالة فريدة من نوعها في اليمن والوطن العربي.
بوصلة الذات اليمنية التاريخية
وفي هذا السياق قال الكاتب الصحفي فتحي ابو النصر: "ليس البردوني مجرد شاعر عبقري فقط، وإنما ضميرنا المتجذر والمتجدد في الأرض والوجدان.
وأشار "أبو النصر" في صفحته بموقع "فيسبوك" إلى أن هناك علاقة بين الهاشمية السياسية التي أصابت اليمن، والجدري الذي أصاب البردوني صغيرا، لافتا إلى ان هناك علاقة بين عمى الوهابية الذي تغلغل في اليمن لاحقا، وبين البردوني باعتباره بصيرتنا الأعمق.
وأضاف: "سيظل البردوني بوصلة الذات اليمنية التاريخية التي يستحيل تجريفها ومحوها، الذات الهازئة من البوصلات المشوهة والمنحرفة، والذات المعاندة التي لا تستطيب مساعي الطغيان مهما قام هذا الطغيان بتجميل ذاته".
من جانبه قال الكاتب الصحفي نبيل سبيع يبقى البردوني بيننا رغم رحيله، نتذكر وفاته مرةً في السنة، وبقية أيام السنة نتذكر حياته وكلماته التي ما تزال تصف أيامنا وأحوالنا حتى الآن، حتى بعد مرور أكثر من عقد ونصف على رحيله.
ونشر "سبيع" في صفحته على "فيسبوك" صورا للبردوني معلقا: "البردوني في عملتين تذكاريتين صدرتا في جنوب اليمن وشماله تكريما له بمناسبة السنة الدولية للمعاقين عام 1981".
وأضاف: "قبل 35 عاما رُسِمَ وجه البردوني على عملتين معدنيتين، لكنه يرتسم كل يوم على ما هو أهم من كل العملات، على قلوب الناس".
تهميش
بدوره قال الصحفي محمد حسين: "تخيلوا لو كان البردوني شاعرا فلسطينيا أو مصريا، أو حتى يمنيا من غير محافظتنا ذمار"، متسائلا: "هل كان سيلقى كل هذا التهميش والتجاهل، سواء في حياته أو في ذكرى وفاته، كما يلقاه الآن؟".
أيقونة الجمهورية
من جهته أشار الناشط السياسي محمد المقبلي إلى أن الذكرى الـ17 لرحيل الشاعر والأديب البردوني، هي ذكرى لرحيل ضوء الذات اليمنية وأيقونة الجمهورية، وأسطورة الإبداع اليمني.
وأضاف "المقبلي في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك": "إن البردوني مشروع تعرض للتهميش حياً وميتاً على المستوى الرسمي، اما على المستوى الشعبي فهو العملاق الخالد المتدفق مثل سيل وادي بنا".
وـشار إلى أن مؤلفات البردوني الفكرية كانت مغذيات للهوية اليمنية التي تعرضت للمحو، لافتا إلى أنه ليس للبردوني سلالة تعمل على تخليده وهو المنتمي إلى الذات الجمهورية الحضارية مؤكدا بأنه ليس له مسيرة قرآنية وسوق سوداء تعلق صوره بلوحات من المال العام.
اعتزاز بالذات اليمنية
بدوره قال الناشط عبدالرحمن الغابري: "في وصف البردوني كنت وستضل تقود المبصرين إلى مرافئ الحياة إلى السندسيات، إلى القمم الى العزة والاعتزاز بالذات اليمنية".
وأضاف "الغابري" مخاطبا الفقيد البردوني: "كنت الحامي والمدافع عن أبناء شعبك الفلاحين الأنقياء والمبدعين البسطاء عن الفقراء، كنت المحامي الفذ البارع عن المراءة مهدورة الحقوق عن الطفل اليتيم والرجل العاجز، كنت وستضل سياج الارض اليمنية الماسي وكنت وستبقى عبير اليمن وعبقه التاريخي، أغصان البن وعناقيد الكَرْمِ وازاهير العشق".
وتابع قائلا: "كم وقَفتْ في طريقك قطعان المرتزقة والضباع الجرباء والكلاب المسعورة، كفْروك وخوّنوك وهم الكفار وخونة الوطن"
وأردف "الغابري": "كنتَ تود انتشالهم من حالة الركوع، كنت تود لهم العِلوّ لكنهم سَقَطْوا لاعقوا أحذية، لقد توارثوا المهانة يا عظيمنا، توارثوا اللهاث وسيلان اللعاب للفتات، توارثوا الخنوع والمذلّة".