[ جون كيري خلال لقاءه بالملك سلمان ابن عبد العزيز ]
بعد ترقب لنتائج الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وبحضور المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، والذي ناقش سبل التوصل إلى حل لإنهاء الأزمة اليمنية، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، اليوم الخميس 25 أغسطس/آب، عن خطة جديدة، تتضمن مقترحات لإنهاء الصراع، واستئناف محادثات السلام بين الأطراف اليمنية.
ويتضمن الاتفاق النهائي الذي حوته الخطة - حسب كيري – تشكيل حكومة وحدة وطنية، وسحب مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية لقواتهم من صنعاء وباقي المدن، لافتا إلى أن جميع الوزراء اتفقوا على أنه لا يوجد حل عسكري في اليمن، وأن نجاح الخطة الجديدة، يتوقف على مدى تفاعل الانقلابيين.
مراقبون أشاروا إلى أن الخطة الجديدة التي قدمها وزير الخارجية الأمريكي، في الاجتماع الخماسي بجدة، لم تقدم جديدا، خصوصا مع تهرب الحوثيين من قضية تسليم السلاح والانسحاب من المدن، ما يعني أن الحرب ستستمر خلال الفترة القادمة.
ورأى آخرون أن التقدم الكبير الذي أحرزته القوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي، في مختلف الجبهات، جعل الولايات المتحدة الأمريكية - التي تُتهم بدعم الحوثيين وغيرها من الأقليات الموالية لطهران في المنطقة لإثارة المزيد من الحروب - جعلها تقدم رؤيتها لفرض الحل السياسي، لإنقاذ الانقلابيين.
وجاء اجتماع جدة، عقب إعلان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن صفقة أسلحة مع السعودية تصل قيمتها إلى 1.15 مليار دولار، في حين يرى خبراء أن تصريحات كيري التي أعقبت الاجتماع، لا تعدوا عن كونها محاولات لمراضاة السعودية، خصوصا إشارته إلى التزام بلاده بحماية المملكة، وحق الأخيرة في الدفاع عن حدودها.
المفاوضات لأجل الانتخابات
يرى الخبير العسكري علي الذهب أن الوضع السابق في البلاد سيبقى كما هو عليه؛ بحيث تستمر الحرب إلى جانب استمرار المفاوضات.
المفاوضات، كما يقول الذهب لـ(الموقع بوست) يراد من استطالتها، الوصول بها إلى ما بعد نتائج الانتخابات الأمريكية، التي قد تأخذ الأحداث في اليمن إلى واقع مختلف، قد يكون الانقلابيون فيه بأفضل حال مما هم عليه الآن.
وأشار الخبير العسكري إلى أن المملكة العربية السعودية، لا يمكن أن تقبل بالخسارة في اليمن وسوريا معا، كضرورة-على أقل طموح- لخلق توازنات القوى في المنطقة، التي تعد إيران والسعودية مؤثرتين فيها.
فرض المليشيات
بدوره قال الكاتب والباحث السياسي محمد اللطيفي إن هناك تحولا واضحا في تعامل واشنطن، مع الملف اليمني، بالانتقال من دعم الخطط الأممية، إلى تبني خطة باسمها.
وأوضح لـ(الموقع بوست) أن تصريحات كيري تجاه الحوثي باتت متناسقة مع هذا التغير، حيث أن لهجته تجاه الحوثي كانت أشبه بتوجيه إنذار لانتهاء الدلال الأمريكي، بتأكيده على أن هذه فرصة للحوثيين، ليكون لهم مستقبل في بنية الحكم السياسي القادم.
هذا الإنذار الأمريكي كما يعتقد "اللطيفي"، لا يعني تخل نهائي عن الحوثي، بل ضغط لتنفيذ الرغبة الأمريكية بشراكة الحوثي في أي تسوية سياسية قادمة، وهي رغبة تتسق مع السياسية الأمريكية التي تحرص على دعم الأقليات في الشرق الاوسط، لضمان أمن إسرائيل، ولضمان عدم تحكم الحركات الإسلامية بالسلطة في أي بلد عربي، وخصوصا دول الربيع العربي.
وأشار الباحث السياسي اليمني، إلى أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، لا تمثل ضوء أخضر لاستمرار الحرب، ولكنها ضوء أحمر للتحالف العربي بعدم تجاوز الحوثي في أي تسوية سياسية؛ وفي ذات الوقت إنذار للحوثي بأن يأخذ هذه الرغبة على محمل الجد، مستدركا بالقول" إن خطة كيري لن تلقى النجاح، فقرار قبول التسوية السياسية ليس قرار يقدر الحوثي على اتخاذه منفردا عن حليفه الرئيسي صالح، وفي ذات الوقت داعمه الإقليمي إيران.
ولا يبدو وفقا للكاتب اللطيفي، أن خطة كيري وهي خطة مضامينها لا تختلف عن سابقتها، ستلقى نجاحا حقيقيا، ليس فقط لأن الحوثي لن يتعاطى معها بشكل إيجابي، ولكن لأنها ملغمة بقصة البدء بالحل السياسي قبل الانسحاب العسكري للحوثي، وهو أمر قد ترفضه الحكومة الشرعية.
وافترض في ختام حديثه أنه "لو افترضنا مرور الخطة وتوقيعها من الطرفين، فإن قضية الطرف الثالث "المحايد" الذي تحدث عنه "كيري" والمخول باستلام الأسلحة الثقيلة، ستكون بمثابة مسمار جحا الامريكي، الذي سيعقد تنفيذ الخطة وسيعمل على استدامة الصراع، معتبرا تصريحات الوزير الأمريكي حول الطرف الثالث، بأنه بمثابة اعتراف غير مباشر بسلطة الشرعية، وإعلان ضمني أنها طرف غير موثوق به"، حسب قوله.