[ المدفعية السعودية تقصف الحوثيين على الحدود - إرشيف ]
تجددت المعارك في الحدود اليمنية السعودية بين الميليشيات الانقلابية والجيش السعودي، بعد فشل محادثات الكويت، وعودة تدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، من خلال الهجمات الجوية ضد تجمعات الميليشيات الانقلابية في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.
ورغم أن المعارك الحدودية، التي توقفت مؤقتاً بالتزامن مع محادثات الكويت الفاشلة، تدور بين طرفين غير متكافئين، نظراً لفارق التسليح والتدريب لصالح الجيش السعودي، فما هي أهداف الميليشيات الانقلابية من افتعال معارك في الحدود هي ليست أهلاً لها؟ وهل يعتقد الانقلابيون أنهم سينتصرون على الجيش السعودي، المجهز بأسلحة حديثة، في وقت يرون أنفسهم عاجزين عن السيطرة على مدينة تعز، التي يقاتل أبناءها بأسلحة خفيفة دفاعاً عنها، رغم أنهم يهاجمونها بمختلف الأسلحة منذ عام ونصف تقريباً؟!
مغامرة وانتحار
بدأت المعارك في الحدود منذ الأيام الأولى لعملية "عاصفة الحزم"، وكانت في البداية مأساوية للغاية، وفي نفس الوقت مخزية للميليشيات الانقلابية، حيث كشفت عن هشاشة التدريب والتسليح والتخطيط والكفاءة القتالية للجيش اليمني، فكيف حدث ذلك؟
كانت أول ردة فعل قامت بها الميليشيات الانقلابية، بعد البدء بعملية "عاصفة الحزم"، أن وجهت الجنود في المعسكرات التي كانت مرابطة في محافظة صعدة بالتوجه نحو الحدود السعودية، واقتحام المدن والقرى الحدودية، ونفذ الجنود الأوامر فعلاً، وبدؤوا في التوجه نحو الحدود السعودية، وهم يحملون أسلحة الكلاشينكوف الخفيفة، كون مخازن السلاح، والأسلحة الثقيلة هناك، تعرضت لهجمات طيران التحالف العربي، وتم تدميرها بالكامل.
وأثناء توجه الجنود نحو الحدود السعودية، تعرضوا لهجمات الطائرات، وتفرقوا في الجبال، وبعضهم لا يمتلكون حتى أجرة المواصلات ليعودوا إلى مناطقهم، فاضطروا إلى الاتصال بذويهم، الذين ساعدوهم على العودة، وكانت هذه أول نكسة منيت بها الميليشيات الانقلابية في الحدود مع السعودية.
بعد ذلك، عملت الميليشيات على نقل مركبات عسكرية إلى القرب من الحدود بشكل متفرق، وصواريخ قديمة وقصيرة المدى، وقامت بشن غارات متفرقة على مدن وقرى حدودية، وسقط جراء ذلك ضحايا مدنيون، بينهم مقيمين يمنيين.
وفي المقابل، تعرضت تحركات الميليشيات في الحدود لردود مؤلمة من قبل طائرات الأباتشي السعودية، وهي طائرات تتميز بقدرتها على تحديد الأهداف المتحركة، كالعربات العسكرية والدبابات، وأيضاً تحركات المقاتلين حتى وإن كانت فردية، كما تتميز بقدرتها على تصويب أهدافها بدقة.
تحولت المعارك الحدودية إلى عامل إنهاك قاسي ومؤلم للميليشيات، الأمر الذي دفعها إلى تهدئة الجبهة الحدودية، وذهب ممثلون عن ميليشيات الحوثيين إلى السعودية لذات الغرض، وتم الإعلان عن التهدئة بأنها من أجل إدخال مساعدات إنسانية، وأنها أيضاً تأتي في إطار التمهيد للبحث عن حل سياسي للأزمة.
وخلال محادثات الكويت، استغل الانقلابيون الهدنة الهشة، وتوقف التدخل الجوي لقوات التحالف العربي، ونقلوا منصات إطلاق صواريخ إلى مواقع حدودية، وبعد فشل المحادثات، وعودة تدخل التحالف العربي، أطلق الانقلابيون مقذوفات وصواريخ قصيرة المدى باتجاه الحدود، وبدوره، رد الجيش السعودي بتدمير منصات الصواريخ، واستهدف تجمعات الميليشيات، ومازالت الميليشيات الانقلابية تتكبد خسائر فادحة في الحدود أكثر من أي جبهة داخلية.
رسائل للداخل والخارج
تدرك الميليشيات الانقلابية أن معركتها الحدودية مع السعودية خاسرة، وأنه من المستحيل أن تتقدم على الأرض وتحقق نصراً عسكرياً معتبراً، خاصة أنها عجزت عن تحقيق أي نصر في الجبهات الداخلية، وتقلصت المساحة الجغرافية التي كانت تسيطر عليها، وحروبها في كثير من الجبهات الداخلية هي حروب دفاعية وليست هجومية، أهمها جبهة نهم، على مشارف العاصمة صنعاء، فكيف إذن ستنتصر على الجيش السعودي نظراً للفارق الكبير في إمكانيات التسليح والتدريب والتخطيط العسكري.
إقدام الميليشيات الانقلابية على الانتحار العسكري في الحدود مع السعودية، الغرض منه توجيه رسائل سياسية للداخل والخارج، وفيما نجحت هذه الرسائل بشكل محدود في الداخل، فإنها لم تنجح فيما يتعلق بالخارج.
فمن جهة، تحاول الميليشيات الانقلابية إيهام سكان المناطق التي تسيطر عليها أن الحرب الحقيقية هي بين دولتي اليمن والسعودية، وأن من يحاربون في الداخل ضد الميليشيات هم عملاء للسعودية، وبذلك أوجدت لنفسها المبرر للتغطية على الجرائم التي ترتكبها ضد المدنيين في مناطق الصراع، وفي نفس الوقت، أوجدت لنفسها المبرر لحشد المزيد من المقاتلين في الجبهات الداخلية، بذريعة محاربة العملاء والخونة.
ومن جهة أخرى، تريد الميليشيات الانقلابية جراء حلفاءها الإقليميين، خاصة إيران، إلى التدخل العسكري، بذريعة أنهم يواجهون دولة ذات إمكانيات كبيرة، مثل السعودية، وهذه الدولة نصبت نفسها زعيماً للعالم الإسلامي السني في مواجهة تمدد الفرس الشيعة في المنطقة العربية، عن طريق عملاءهم من جماعات وأقليات شيعية هنا وهناك.
ورغم كل ما سبق الحديث عنه، إلا أن إيران لم تتدخل في الشأن اليمني عسكرياً، واكتفت بالمساندة الإعلامية وتهريب السلاح، ولن تجرؤ على التدخل العسكري المباشر، خاصة وأنها منهكة اقتصادياً وعسكرياً بسبب تدخلها في سوريا والعراق، ولعلمها أن اليمن عصي على التدخل الفارسي، وأن السعودية وحلفاءها لن يسمحوا بسقوط اليمن في أيدي الفرس.