[ عربة عسكرية تابعة للجيش الوطني في نهم ]
كشفت التطورات الأخيرة التي شهدتها جبهة تعز، أن الانقلابيين لا يصمدون في المواجهات العنيفة، حيث تمكنت المقاومة الشعبية والجيش الوطني من السيطرة على عدد من المواقع العسكرية بشكل متسارع، وسط حالة من الانهيار والذعر في صفوف الميليشيات الانقلابية، وذلك بعد أن كثفت المقاومة الشعبية من عملياتها القتالية، فيما تجري حاليا استعدادات في صنعاء لحشد مزيد من المقاتلين وإرسالهم إلى تعز لاستعادة المواقع المحررة.
هذا التطور الملفت يجب أخذه في الحسبان، سواء عند تحليل سير العمليات العسكرية في مختلف الجبهات، أو عند الحديث عن شروط نجاح الحسم العسكري، ذلك أن الحسم لن ينجح إلا إذا تم شن حرب عنيفة لا هوادة فيها ضد الانقلابيين، ولعل دروس تحرير عدن ومأرب أبرز دليل على ذلك.
حرب استنزاف
لعل أدق توصيف لسير العمليات العسكرية في مختلف الجبهات، هي أنها حرب استنزاف لكل الأطراف، سواء في الجبهات التي تشهد مواجهات عنيفة، مثل جبهات تعز ونهم وحرض، أو الجبهات التي تشهد مناوشات خفيفة، مثل جبهات مريس ولحج وشبوة وجبهات أخرى.
تخوض المقاومة الشعبية والجيش الوطني حرب استنزاف ضد الانقلابيين كون ذلك هو ما يمكن فعله، نظرا لغياب الإمكانيات التسليحية النوعية التي من شأنها أن تؤثر في سير المعارك، وتعجل من إنهاء الانقلاب، وتساعد على ترسيخ الأمن والاستقرار.
وفي المقابل، فإن الانقلابيون يخوضون أيضا حرب استنزاف ضد المقاومة الشعبية والجيش الوطني، كون ذلك هو ما يمكن فعله، فهم غير قادرين على السيطرة على كل أنحاء البلاد، بسبب الدمار الذي ألحقه القصف الجوي لطيران التحالف العربي بقيادة السعودية لمخازن الأسلحة التابعة لهم، والتي تحتوي أسلحة لا تمتلكها المقاومة الشعبية، مثل الصواريخ والدبابات والمدرعات وغيرها.
وإذا كان التحالف العربي قد نجح في حصار الانقلابيين، وحرمهم من الحصول على أسلحة جديدة، بعد أن دمر كثيرا من مخازن السلاح، لكنه في الوقت نفسه لم يدعم المقاومة الشعبية والجيش الوطني بأسلحة حديثة ونوعية تعجل من مسألة الحسم وتحرير العاصمة صنعاء وبقية المحافظة التي يسيطر عليها الانقلابيون، وفقا لتصريحات كثير من قيادات المقاومة في المحافظات.
توازن الضعف
ويمكن القول إن الدور العسكري للتحالف العربي أوصل مختلف الأطراف إلى حالة يمكن وصفها بتوازن الضعف، كما سبق توضيح ذلك، ولعل هذا ما يفسر أن كل طرف يراوح مكانه منذ حوالي عام تقريبا، فمنذ تحرير مدينة عدن وغالبية محافظة مأرب، لم تحقق المقاومة الشعبية أو الانقلابيين أي تقدم نوعي في أي جبهة، والمعارك في بعض الجبهات لا تعدو كونها مناوشات محدودة.
صحيح أن المقاومة الشعبية والجيش الوطني حققا تقدما نوعيا منذ بداية الحرب، يتمثل في تحرير مدن ومواقع عسكرية مهمة، مثل عدن ومأرب والضالع وقاعدة العند في لحج، لكن ذلك التقدم كان بفضل المساندة العسكرية النوعية على الأرض من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية، إضافة إلى الدور الذي لعبه القصف الجوي لمخازن الأسلحة الثقيلة التابعة للانقلابيين، حيث أسهم ذلك في تحجيم القوة العسكرية للميليشيات الانقلابية.
ولكي تحسم المعركة سريعا ضد الانقلاب، يمكن القول إن ذلك لن يتم إلا إذا تم الحشد لتحرير العاصمة صنعاء وبقية المحافظة بنفس الطريقة التي تم من خلالها تحرير مدينة عدن، فالمسألة تتطلب حشدا عسكريا واستخباراتيا كبيرا، وتدخل نوعي على الأرض من قبل قوات التحالف العربي (أسلحة حديثة ونوعية وجنود مدربون وخبراء عسكريين)، بالإضافة إلى إمداد المقاومة الشعبية والجيش الوطني بأسلحة حديثة، تساعد في الحفاظ على النصر، وتحقيق الأمن والاستقرار.
أما بقاء حالة "توازن الضعف" كما هي حاليا، فإن ذلك يشكل استنزافا لكل الأطراف، وسيطول أمد الحرب إلى أجل غير مسمى، وستكون كلفة القضاء على الانقلاب بمجملها مكلفة جدا، هذا إذا لم يتم اختصار الوقت والجهد والمال، ولن يتم ذلك إلا بالبدء في تحرير العاصمة صنعاء أولا، وستنهار الميليشيات الانقلابية في بقية المحافظات سريعا، ذلك أن استماتتها في بقية المحافظات ليس إلا من أجل حماية العاصمة، وإنهاك الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بعيدا عنها بمقاتلين قبليين عديمي القيمة، فيما قوات النخبة الموالية للانقلابيين مازالت مرابطة في صنعاء استعدادا لساعة الصفر، وهو ما يجب على مناهضي الانقلاب أخذه في الحسبان.