سخر سياسيون وإعلاميون وناشطون حقوقيون من المهرجان الذي دعا إليه المخلوع صالح وجماعة الحوثي يوم السبت، في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، حيث أثارت تلك الحشود موجة ردود واسعة في الأوساط اليمنية على مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي.
وتظاهر السبت، 20 أغسطس الآلاف من أنصار المخلوع صالح والحوثي في ميدان السبعين جنوب العاصمة صنعاء، تأييدا للمجلس السياسي لإدارة البلاد، الذي شكلوه قبل خلل الأيام الماضية، ولاقى استنكارا دوليا، باعتباره "خطوة احادية تقوض فرص السلام"، في بلاد تعصف بها الحرب منذ عام ونصف.
مكونات ما قبل الدولة الوطنية
وتعليقا على تلك الحشود، قال الدكتور ياسين سعيد نعمان سفير اليمن لدى بريطانيا إن مشهد حشد الانقلابيين في صنعاء إلا يعبر إلا عن حقيقة واحدة، تتلخص في أن الانقلاب أفرز وضعا انقسامياً يجري فيه الاستعانة بكل مكونات ما قبل الدولة الوطنية.
وأردف نعمان في منشور له على صفحته بـ"الفيسبوك": "لو ان الانقلابيين يحترمون فعلا إرادة الجماهير ويؤمنون بأنها اداة التغيير الحقيقية لما لجأوا الى السلاح لاغتصاب السلطة".
وتساءل نعمان: "ما الذي يجعل صاحب الجماهير العريضة يلجأ الى الانقلابات العسكرية والى استعراض القوة وتفجير الحروب؟".
وقال السفير اليمني لدى بريطانيا: "لا مودة بالمطلق بين الانقلابيين والجماهير سوى انهم كما سخروا منها بالأمس وقمعوها بالقوة، فانهم يواصلون سخريتهم منها بتوظيفها في حروبهم الانتقامية بتجمعات مناطقية في تماس طائفي واضح حسب ما تمليه الحاجة العسكرية والسياسية".
وأكد أن ما يحدث هو أن أوراق اللعبة أصبحت مكشوفة وأن الطائفية السياسية كشفت عن ساقيها اللتين صنعتا طوال خمس وثلاثين سنة من الحكم بالخصومة تارة وبالتحالف تارة أخرى، مضيفاً: "نكتشف فوق هذا كله أن السبعين يسحب خارج تاريخه".
حفنة متخلفة
من جانبها وصفت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية السابقة، حورية مشهور، حشود الانقلابيين اليوم في السبعين "بأنهم حفنة متخلفة من بقايا ذلك النظام الاستبدادي المهترئ".
وقالت "مشهور" في سلسلة تغريدات بصفحتها على موقع "تويتر": "إن ميدان السبعين لا يمثل كل أطياف الشعب اليمني الجيوسياسية (جغرافياً وسياسياً)"، مشيرة إلى أن المليشيات الانقلابية تستميت للحصول على مشروعية من أنصارها الذين ينتمون لنفس البيت والطائفة.
وأضافت مشهور: "إذا كان الحديث عن حجم وقوة الحشود الحقيقية والعفوية، فقد كان ثوار فبراير، وبالرغم من كل الإعاقات والمهددات يخرجون في كل المحافظات".
وأشارت وزيرة حقوق الانسان اليمنية السابقة، إلى أن البلاد من المهرة شرقا إلى ميدي غربا في حالة ثورة مستمرة منذ ٢٠١١، بل ومن قبل، رفضاً للنظام الفردي الإستبدادي.
طائفيون
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي فيصل علي، إن الحشد الذي في السبعين هو ذلك الحشد القبلي الطائفي الذي يقتل أهلنا في تعز.
وأضاف "علي" في صفحته على "فيسبوك": "ليست المسألة مناطقية وليسوا طائفيين ولا همج رعاع ولا شيء من هذا القبيل، إنهم يمارسون حقهم في الحكم الذي كادت تسلبه منهم ثورات 26 سبتمبر و11فبراير".
وتابع قائلا: "دعونا نكذب وننساق وراء المغالطات المثالية الزائفة؛ هذه الحشود تمارس حقها في القتل والتسلط في المثلث، وتمارس حقها السياسي في التظاهر في الهضبة".
كائنات هائمة
بدوره علق الكاتب غمدان السدح قائلا: "من يثق بمناصرة الجماهير ليس بحاجة لاغتصاب السلطة بانقلاب عسكري".
وأضاف "السدح" بصفحته على موقع "فيسبوك": "كان أحدهم يردد أن صالح لم يكتفي باستنساخ الأحزاب السياسية بل استنسخ شعباً في مقابل الشعب اليمني المطحون"، مشيرا إلى أن آلاف من البشر لا يمتلكون خيال ولا طموح يعتاشون على التظاهرات والمناسبات، لافتا إلى أنهم كائنات هائمة على وجهها، مغلولون بشبكة مصالح ضيقة تحركها ترسانة صالح المالية التي كدسها لعشرات الأعوام من مؤسسات الدولة".
واستطرد: "سلسلة من المصالح تبدأ بحماية شيخ قبيلة وراتب عسكري وتنتهي بملايين الدولارات اعتمادات صالح الموظفة للشر، ذلك الشر الذي تعشقه هذه الألوف من المكبلين بعوائق الحياة اليومية واحتياجات العيش".
وختم حديثه قائلا: "لا يمكنكم العيش بكرامة، ما دام نضالكم من أجل المخلوع صالح، ما دام خيالكم لا يقوى على تشكيل يمن حديث قوي بدون صالح وأبناء أخيه".