قبل أيام، شن الحوثيون، هجوما داميا، على مدينة نجران السعودية، أصابوا خلاله مجمعا صناعيا، بصاروخ أطلقوه من داخل الأراضي اليمنية، ما أدى إلى سقوط 7 قتلى وعدد آخر من المصابين، جميعهم من المدنيين، في أكثر هجوم دامٍ داخل الأراضي السعودية، منذ بداية الحرب قبل أكثر من عام ونصف.
السلطات السعودية، أكدت بدورها، أن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على نجران، صناعة إيرانية، من طراز "زلزال"، والذي نجحت إيران في تزويد الحوثيين به، أو بطرق إنتاجه وتطويره من صواريخ روسية قديمة، وهو الصاروخ الذي يتباهى الحوثيون به بشكل مستمر، وينشرون أخبار استخدامه في قصف أهداف داخل الأراضي السعودية، وكذا داخل الأراضي اليمنية.
هذا الهجوم، أثار تساؤلات عديدة، حول حدود التدخل والمشاركة الإيرانية في الصراع الدائر في اليمن، وحجم الدعم الذي تقدمه طهران لحلفائها الحوثيين، في مواجهة، عدوها الإقليمي في المنطقة، ألا وهي المملكة العربية السعودية.
مستوىً خطر
تمتلك الحكومة الشرعية في اليمن، ودول التحالف العربي، أدلة دامغة على استمرار إيران في دعم الحوثيين وحلفائهم في اليمن، من خلال إرسال شحنات السلاح، والخبراء العسكريين، إلى صنعاء، وأيضا تقديم الدعم المالي والإعلامي والسياسي لحركة الحوثي، التي يشبهها مسؤولون إيرانيون، بالحركة الخمينية، في بداياتها الأولى، وهي الأدلة، التي أكدتها، الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا، والأمم المتحدة الأمم المتحدة أيضا.
لكن استخدام الحوثيين لصواريخ إيرانية في استهداف أراضي المملكة العربية السعودية، يؤكد أن التدخل الإيراني في اليمن، قد انتقل إلى مستوى أكثر خطورة، ما يجعله يرتقي إلى طور المشاركة المباشرة في الحرب.
وتعليقا على هجوم نجران، يقول الإعلامي السعودي، وليد الفراج، إن الصاروخ الذي استخدمه الحوثيون، من إنتاج إيران، مشيرا إلى أن من وصفها بـ"أفعى الشرق" (إيران)، بدأت "تلعب على المكشوف، وتدخل الحرب" في اليمن.
الفراج شدد على حتمية مواجهة هذا التهديد، مضيفا في تغريده له على حسابه الشخصي بموقع "تويتر" قوله: "لن يعيش أحفادنا تحت هذا التهديد".
قطع اليد الإيرانية
بدوره، يقول المفكر الإسلامي، والمحلل السياسي محمد بن مختار الشنقيطي، إن الهجوم الحوثي على نجران السعودية، يدل على أن اليد الإيرانية التي وصفها بـ"الغادرة"، يجب قطعها في اليمن وفي سوريا، قبل أن تصل مكة والمدينة.
وكما يبدو، فإن جرأة إيران في تدخلها في اليمن، لم يكن ليصل هذا المستوى المتقدم، لو لم يكن لديها مظلة دولية، وهو ما أشار إليه المفكر الشنقيطي، الذي أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، حريصة على إبقاء النفوذ الإيراني في اليمن، وكذا إعادة تأهيل الحوثيين، لابتزاز دول الخليج العربي، بحسب تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع "تويتر".
مشاركة مباشرة
ومن خلال المعطيات الأخيرة، والتطورات الساخنة، وخصوصا ميدانيا على الجبهة الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية، يتضح جليا، أن تدخل إيران في اليمن لم يعد مقتصرا على الجوانب اللوجستية، بل انتقل ليصبح دورا مباشرا، من خلال تزويد الحوثيين، بصواريخ وأسلحة، مؤثرة، لضرب أهداف سعودية قرب الحدود.
وهذا التطور، ربما يدفعنا للحديث عن مواجهة مباشرة بين المملكة العربية السعودية وإيران، في اليمن، الأمر الذي قد يضاعف من تعقيد الأزمة اليمنية، ويربطها بصراع نفوذ بين قوتين إقليميتين مصالحهما أكبر وأهم بكثير من مصالح الشعب اليمني المغلوب على أمره، بل أكبر وأهم من مصالح أطراف الصراع اليمنية ذاتها.
وكما أشرنا سابقا، فإن الدور الإيراني العسكري المباشر في اليمن، جاء بعد تزايد الأدلة، على دعمها القوي والمستمر للحوثيين، في صراعهم مع الحكومة الشرعية في اليمن، وكذا في حربهم ضد المملكة العربية السعودية.
من تلك الأدلة، تواجد خبراء عسكريين إيرانيين، وآخرين من حزب الله اللبناني، (ذراع إيران في لبنان)، في اليمن، في مهمات عسكرية وتدريبية، وكذا الدعم المالي المستمر للحوثيين، وتواصل شحنات السلاح بالتدفق إلى اليمن، فضلا عن الدعم السياسي اللامحدود، والذي توج مؤخرا، باعتراف طهران بالخطوات التصعيدية الأحادية التي اتخذها الحوثيون، وحليفهم علي عبد الله صالح، والمتمثلة في تشكيل مجلس سياسي أعلى لحكم البلاد، وكذا استئناف انعقاد جلسات البرلمان، وهي الإجراءات التي لاقت استهجان ورفض دولي وإقليمي، كونها تزيد من تعقيد الأزمة، وتضاعف المعوقات أمام عملية السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة.
اعتراف إيراني
وتأكيدا لما سبق من مشاركة إيران في الحرب التي يخوضها الحوثيون ضد الشرعية في اليمن، وضد جارتها الكبرى، المملكة العربية السعودية، أعلن قائد فيلق الشهداء، التابع للحرس الثوري الإيراني، محمد علي فلكي، عن إنشاء "جيش التحرير الشيعي"، بقيادة اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وذلك للقتال خارج الحدود الإيرانية في سوريا واليمن والعراق ولبنان والبحرين.
وأشار الجنرال الإيراني، إلى أن "جيش التحرير الشيعي" يحارب حالياً في العراق وسوريا واليمن، وأنه ليس من الضروري أن تشارك القوات الإيرانية مباشرة في الحروب، وأنه من الأفضل أن يتم حشد وتدريب الناس من مناطق المعارك نفسها لتشكيل فيالق هذا الجيش، مضيفاً أن هذا الأمر هو ضرورة ملحة لأن الاستكبار العالمي لن يكف شره عن الجمهورية الإسلامية.
وشدد القيادي في الحرس الثوري الإيراني، على أنه يجب على إيران ألا تقتصر في تجنيدها لـ "جيش التحرير الشيعي" على الشيعة في العراق واليمن ولبنان وسوريا والبحرين فقط، وأنه يجب أن يوفر الإيرانيون الخدمات اللوجيستية والدعم اللازم والتدريب لهؤلاء المقاتلين في مناطق مختلفة.