تتسارع وتيرة الاحداث في اليمن بشكل كبير نحو مآلات جديدة بدأت ملامحها بالتشكل منذ توقف الجولة الثانية من مشاورات الكويت بين طرفي الشرعية والانقلابيين.
فمنذ الاعلان الاممي عن توقف المفاوضات عادت الاحداث مجددا الى المربع الأول سواء من طرف الشرعية او الانقلاب.
فعملية اعادة الامل استأنفت نشاطها العسكري داخل اليمن من خلال عودة الغارات الجوية لطائرات التحالف العربي مستهدفة المواقع العسكرية للانقلابيين في أكثر من محافظة.
وبذات الوقت عاودت المليشيا حشد مقاتليها نحو الحدود السعودية وفي مختلف الجبهات القتالية داخل اليمن، بالتزامن مع ارتفاع الجاهزية القتالية للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في عدة جبهات خصوصا في جبهة نهم التي تعد الاكثر حضورا واهمية قي سياق الاستعداد لمعركة تحرير العاصمة صنعاء، وهي العملية التي أعلن الجيش عنها وأطلق عليها التحرير موعدنا.
ظروف متداخلة
ثمة ظروف متداخلة سبقت هذا التصعيد، ففشل المشاورات الاممية ادى الى استحضار عامل القتال والقوة والتدخل العسكري من جديد في اليمن، وسبق هذا حضورا ملفتا للقادة الخليجيين وهم يترددون على مدينة طنجة المغربية حيث يقضي العاهل السعودي اجازته، وكانت ابرز الزيارات هي زيارة ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد، وامير قطر تميم بن حمد، وهي زيارات تتشابه مع زيارات امراء الخليج للعاهل السعودي الملك سلمان بالرياض قبيل انطلاق عاصفة الحزم العسكرية باليمن تحت قيادة المملكة العربية السعودية.
تصعيد اعلامي
ومنذ خروج المشاورات السياسية عن الخدمة والفاعلية صعدت وسائل الاعلام بدول التحالف خصوصا الخليجية من لهجتها تجاه المتمردين الانقلابيين في اليمن، بعد فتور اصابها في السابق، وحملت عناوين الافتتاحيات لكثير من تلك الصحف وعدا ووعيدا بهزيمة الانقلابيين والتبشير بسحقهم.
المبعوث الاممي والنهاية التي خرجت بها مشاورات الكويت كان ايضا مادة دسمة للاعلام الخليجي الذي اتهمه بسوء الادارة والعجز والتماهي مع الانقلابيين، وعدم القدرة على تحقيق انجازا يحسب للمنظمة الاممية التي يمثلها اسماعيل ولد الشيخ.
البيت الداخلي
بالنسبة لموقف الشرعية ممثلا بالحكومة والرئاسة فقد بدا موقفها موحدا ومنسجما اكثر من قبل، وتناغم اداءها بنضوج سياسي واضح يتناسب مع طبيعة التحديات التي تواجهها.
وتجلى ذلك بوضوح اثناء الجولة الثانية من المشاورات بالكويت، حيث ساندت الرئاسة موقف الوفد الحكومي وظل الجانبان على تواصل دائم فيما يتعلق بتطورات المشاورات.
على الصعيد الدبلوماسي شهدت علاقات الشرعية انفتاحا مهما تمثل في زيارة رئيس الحكومة احمد عبيد بن دغر لدولة الامارات العربية المتحدة في أول زيارة له منذ تعيينه رئيسا للحكومة، وذلك بعد لقاءه بمبعوث الامارات في عدن قبل اقل من شهر.
ترتيبات البيت الداخلي بدت اكثر حضورا من خلال بقاء نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اللواء الركن حسين عرب في العاصمة المؤقتة عدن وادارته للوضع هناك.
وتعكس الاجتماعات اليومية للحكومة هناك اهتماما ملفتا بالاوضاع والقضايا العامة للناس، ما جعل الأداء الحكومي مستمرا في الميدان مثلما استمر في الجهود الدبلوماسية.
الجانب العسكري
على الجانب العسكري يإتي وصول نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الاحمر الى محافظة مأرب ليعكس جدية واضحة حيال التصعيد العسكري ضد الانقلابيين والمتمثل بتجهيز ستة ألوية عسكرية للعمليات العسكرية في شرق صنعاء، وحصول الجيش الوطني على أسلحة حديثة تدعم خططه في المعارك الميدانية.
ومن خلال التطورات الأخيرة في الميدان يتضح ان الخيار العسكري يحضر بقوة لدى التحالف العربي والشرعية اليمنية بعد جمود عملية التباحث السياسي في الكويت، والتي انتهت بفشل أممي ذريع رغم الوقت الطويل للمشاورات.
دفة الأحداث
لايمكن التنبؤ بتطورات الأحداث والى أين تقودنا تطوراتها.
لكن نستطيع القول اليوم أن فرص السلام تباطأت اكثر من قبل، نتيجة تعنت الانقلابيين وعدم خضوعهم لعملية السلام واستجابتهم لها، ورفضهم المستمر لإنهاء الوضع في اليمن.
وبالتالي حضرت لغة السلاح ولاحت نذر الحرب، التي عادت بشكل أكبر من السابق، خاصة بالتلويح بإقتحام العاصمة صنعاء عسكريا.
لكن الأمر لازال يشوبه نوعا من الغموض والجدية بالنسبة لعملية تحرير صنعاء التي يبدو سعيرها ملتهبا.
فهل كل هذه التطورات العسكرية والميدانية تتجه فعلا نحو تحرير صنعاء عمليا؟ أم أن الأمر لايعدو عن كونه نوعا من الضغوط لدفع الانقلابيين نحو الخضوع لعملية السلام؟ خاصة ان باب المشاورات لازال مواربا ولم يغلق بعد في وجوه الانقلابيين.