تعيش الطفلة الفلسطينية مرام منصور (9 سنوات) في وضع صحي متدهور بسبب نقص الغذاء والدواء في شمال قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي والحروب المتكررة التي شهدها القطاع.
تلك الطفلة أصبحت طريحة الفراش، ممددة بسبب الكسل والتعب الذي يجتاحها جراء مرضها بالفشل الكلوي، وسوء التغذية الذي أصابها جراء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
محاصرة بين جدران المرض والجوع
ولم تعد منصور، كما كانت سابقاً، تجري وتلعب مع أشقائها وأولاد عمها، بل أصبحت محصورة في سريرها، مكبلة بالتعب والألم.
ويظهر على ملامحها علامات الحزن والألم والضعف والوهن واضحة جلية على جسدها الرقيق، حيث تعيش حياة هشة ومتزعزع.
وتحاول الطفلة أن تتصدى للمرض والجوع وتبدو متماسكة، لكنها غير قادرة على ذلك حيث تحاصرها الآلام والجوع دائمًا، مما يجعل محاولاتها للتغلب على هذه التحديات بائسة ومحدودة.
حلم الهندسة المعمارية
وتحلم منصور أن تصبح مهندسة معمارية، تطمح لبناء بيت يوفر لعائلتها المأوى الآمن الذي فقدوه جراء مرارة النزوح نتيجة للحرب التي تشن على القطاع.
لكن تعيش الطفلة في حالة من عدم اليقين حيال مستقبلها، فهل ستكون ضحية لنقص العلاج والدواء كثيرًا كما رحلوا من الأطفال بسبب تلك الظروف القاسية؟ أم ستتمكن من مواصلة تعليمها وتحقيق حلمها في أن تصبح مهندسة؟
وتواجه عائلة منصور ظروف مالية واقتصادية صعبة جراء الحصار والحرب على غزة ما يحول من شراء العلاج الازم والطعام في حال توفره.
الأم بين ذكريات الماضي ومأساة الحاضر
وبجانبها، تقف والدة مرام، تشعر بالحزن العميق على ما أصاب طفلتها، فلم تكن تتخيل أن تصل الأمور بها إلى هذا الحد، خاصةً وأنها كانت تعيش حياة مستقرة رغم مرضها قبل الحرب، حيث كان العلاج والطعام متوفرين بسهولة.
وتخشى الأم، دعاء السوافيري (41 عامًا)، على حياة طفلتها التي فقدت من وزنها الكثير بسبب المرض والجوع، وأدى لتدهور في حالتها الصحية.
تقول السوافيري للأناضول: "كانت طفلتي تعاني من الفشل الكلوي ولكن كانت تتلقى العلاج والغذاء المناسب بشكل منتظم، أما اليوم فلا غذاء ولا علاج".
وتضيف: "تدهور وضع طفلتي الصحي يتسارع يوما بعد يوم بسبب عدم توفر العلاج والغذاء في شمال قطاع غزة".
وتشير إلى أن طفلتها تعاني من الجفاف وسوء التغذية وتحتاج للعلاج بشكل عاجل قبل أن تفوت الفرصة وتفقد حياتها كما كثير من الأطفال توفوا جراء سوء التغذية ونقص الدواء.
وتوضح أن حالة صحتها كانت مستقرة ونشطة قبل الحرب، لكن اليوم تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، مما يثير مخاوفها من فقدانها.
وتذكر أنه لا يوجد في مستشفيات قطاع غزة العلاج المناسب لطفلتها، في ظل الحصار والحرب التي يشهدها القطاع.
وتعبر الفلسطينية عن أملها في أن تعود طفلتها إلى حالتها السابقة، نشطة ومليئة بالحيوية، وأن تتمكن من العيش حياة طبيعية مثل باقي الأطفال في العالم، وتنتهي معاناتهم جميعًا من آثار الحرب.
ووفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة، بلغ عدد الوفيات في غزة 27 فلسطينيا بينهم أطفال بسبب سوء التغذية الناجم عن الحرب الإسرائيلية على القطاع الذي يقطنه نحو 2.2 مليون فلسطيني.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ومنذ بدء حربها على غزة في 7 أكتوبر 2023، تستهدف القوات الإسرائيلية بهجمات ممنهجة ومتواصلة المرافق الطبية والمستشفيات في مختلف مناطق القطاع، ما تسبب في تدمير المنظومة الصحية، وكارثة إنسانية وتدهور في البنى التحتية.
وخلّفت الحرب على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".