[ السفينة الإسرائيلية غالاكسي ليدر التي احتجزها الحوثيون واقتادوها مع طاقمها إلى السواحل اليمنية (الجزيرة) ]
قال وكيل وزارة الخارجية السابق، مصطفى أحمد النعمان إن استمرار الحديث عن خطأ الولايات المتحدة في التغاضي عن تنامي قوة الحوثيين العسكرية يعبر عن طفولة سياسية.
وأضاف النعمان -في مقال له نشره عبر منصة (إكس) تحت عنوان: هل أخطأت واشنطن في اليمن؟- كانت البداية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حين قام مقاتلو المقاومة الفلسطينية بعملية ما زالت معظم تفاصيلها غير معروفة لكثيرين، وكان رد الفعل الإسرائيلي القاسي أمراً متوقعاً، وكذلك الهلع الأميركي خصوصاً والغربي عموماً من آثار الهجوم المذهل في نوعيته ومفاجأة توقيته.
وأضاف "مع مرور الوقت قررت جماعة الحوثي اقتحام المشهد بإطلاق عدد من المسيرات والصواريخ التي تراكم مخزونها عبر سنوات الحرب التسع، مستعينة بالخبراء الإيرانيين، وكانت قوتها الحقيقية كامنة في عدم اكتراثها بالخسائر البشرية التي تظن أن بإمكانها تعويضها عبر عمليات التجنيد القسري لأبناء القبائل في المناطق الشمالية من اليمن، وأيضاً قدرتها على التحشيد الإعلامي لاستثارة العواطف داخلياً وخارجياً التي ترى في إسرائيل عدواً للعرب والمسلمين.
ويرى أن المشككين في نيات الحوثيين المعلنة بالانخراط في الحرب ضد إسرائيل مناصرة للفلسطينيين، ينطلقون من فكرة شيطانية بأن ما تفعله "الجماعة" يندرج تحت عنوان المؤامرات الكونية التي تمنحها نفوذاً سياسياً وعسكرياً، يبقي المنطقة في حال استنفار واستعداد مستدام لخوض الحروب البينية.
وتابع النعمان "هؤلاء المشككون يوجهون رسائل العتاب إلى واشنطن ولندن بأنهما على وجه الخصوص أوقفتا المعركة الفاصلة على مدينة الحديدة ومينائها، حين فرضتا على الرئيس عبدربه منصور هادي قبول ما صار يعرف بـ"اتفاق استكهولم" في الـ13 من ديسمبر (كانون الأول) 2018، ويعتبرون أن العمليات العسكرية لإخراج قوات الحوثيين من المدينة كانت ستتجه بالأوضاع نحو إفراغ "الجماعة" من أهم مصادر دخلها الذي تتحصل عليه من عائدات الميناء الأهم في اليمن، الذي تدخل عبره الكميات الأكبر من البضائع التجارية والمشتقات النفطية.
وأردف "ما من شك أن إيقاف العمليات العسكرية في الحديدة في الساعات الأخيرة غير موازين القوى على الأرض في الشمال، وأتاح للحوثيين التركيز على المناطق الشرقية المحاذية للمملكة العربية السعودية، مما مكنهم من السيطرة على معظم جغرافية محافظة مأرب وكامل محافظة الجوف، إضافة إلى المداخيل الهائلة من كل ما يمر عبر ميناء الحديدة، ولكنها في المقابل لم تقم بتنفيذ الشق المتعلق بتسليم المرتبات بحجة أن "المعركة مستمرة".
وأشار إلى أن حرب الإبادة في غزة وانخراط "الجماعة" فيها عبر تهديد الملاحة في البحر الأحمر وتدفق الأساطيل إليه جاءت تحت غطاء حمايته من التهديدات الحوثية، أقول جاءت لتمنحها دوراً كانت تتوخاه بأن تصبح لاعباً مهماً في المنطقة من غير إدراك، لأنها لا تمتلك عناصر القوة الحقيقية الداخلية التي تجعل من السلاح قوة إضافية، بل على العكس استمرت في ممارسة انتهاك الحريات والتعسف والعبث من دون رقيب بالمال العام وتواصل ازدهار الفساد السياسي والمالي.
يضيف الدبلوماسي اليمني السابق "في المقابل فإن استمرار الحديث عن خطأ الولايات المتحدة في التغاضي عن تنامي قوة الحوثيين العسكرية، يعبر عن طفولة سياسية، وكلمة حق يراد بها التنصل من المسؤولية، لأن الواقع المعاش يدل على ركاكة السلطة المعترف بها دولياً في تثبيت الأوضاع داخل الجغرافيا التي تخلو من وجود الحوثيين، بل إن أية مقارنة بين السلطتين لا تعني شيئاً لأنهما لا تقدمان أي نموذج جاذب لمساندة الناس في كل الاتجاهين، فواحدة لا يشعر الناس بوجودها وتأثيرها، وأخرى لا تقيم وزناً للمواطن إلا من حيث أنه مورد للتجنيد والمسيرات والحشود".
ولفت إلى أن الحديث عن دور الولايات المتحدة في المنطقة يتكرر بعد كل فشل عربي على مدى العقود، ولم يتغير فيه شيء حتى مفرداته، كما إنه من الواجب تذكر أن هذه الإمبراطورية الأعظم في العالم لم تحقق انتصاراً عسكرياً في تاريخها الحديث.