أكد رئيس الحكومة معين عبدالملك، الثلاثاء، حاجة الشعب اليمني الى رسم مسار التحول التنموي بدلا من الاعتماد على الدعم الاغاثي، لتجاوز الازمة الإنسانية الأسوأ في العالم جراء الحرب التي اشعلتها جماعة الحوثي.
جاء ذلك خلال إفتتاح رئيس مجلس الوزراء، في العاصمة المؤقتة عدن، اجتماعات الطاولة المستديرة رفيعة المستوى بين الحكومة اليمنية ووكالات ومنظمات الأمم المتحدة.
وتناقش الجلسات على مدى يومين، عددا من أوراق العمل ذات الصلة برؤية القطاعات الوطنية من المشاريع والتدخلات والمساعدات التنموية والإنسانية وأبرز التحديات والإنجازات المحققة خلال العام 2023م، وسبل التعاون بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة لتنسيق التدخلات الإنسانية والتنموية للعام 2024م.
وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن رئيس الحكومة استعرض في كلمة له، الاثار المدمرة للحرب التي اشعلتها جماعة الحوثي منذ انقلابها على السلطة الشرعية أواخر العام 2014م في الجوانب الاقتصادية والتنموية والإنسانية، مؤكدا أن اليمن فقد منذ الإنقلاب الحوثي نصف ناتجه القومي الإجمالي وتدني مؤشرات النمو الاقتصادي الى اقل مستوى لها.
وأضافت بأن معين عبدالملك أشار إلى آثار الإنقلاب على الامن الاقتصادي، واخرها الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط الخام والتي افقدت اليمن قرابة 51 بالمائة من الإيرادات مقارنة بالعام الماضي، وكذا انخفاض إيرادات الضرائب والجمارك للسفن التي أجبرت على التوجه الى الحديدة التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وتنهب إيراداتها دون اكتراث بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها.
وأكد أن الحكومة برغم كل المتغيرات لم تتوقف عن تبني وتنفيذ سياسات إصلاحية لإعادة هيكلة الموازنة العامة وترشيد النفقات وتطبيق إصلاحات مالية وضريبية والعمل مع المانحين والقطاع الخاص للحفاظ على القدرات في زمن الحرب، وقال " هذه السياسات الإصلاحية ساعدتنا في استدامة دفع الرواتب والحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية وتعزيز قدرات الصمود لليمنيين، رغم تطلعنا الى تحقيق ما هو اكبر من ذلك".
وتطرق رئيس الوزراء الى جهود الحكومة للحفاظ على الحد المقبول من القدرات المعيشية لليمنيين واستدامة الخدمات، والعمل وفق الإمكانات المتاحة لتحقيق ذلك، مشيرا الى محاولات الحكومة تحقيق السلام والتي قوبلت بتعنت ورفض جماعة الحوثي ابتداء من مشاورات جنيف والكويت وغيرها لتجنب المآلات الكارثية التي تسببت بها الحرب على الشعب اليمني.
وأشار الى التأثيرات الكبيرة للحرب على القطاع الخاص الذي نعتمد عليه بشكل كبير لخلق فرص العمل، ما يحتم دعم مقدرات القطاع الخاص وتعزيز قدراته رغم القيود المفروضة والنزاع والصراع، لافتا الى ضرورة الاخذ في الاعتبار أيضا في هذه النقاشات دعم السلطات المحلية لقيادة التنمية في محافظاتها، وواجب الحكومة في تعزيز مبادئ الشفافية، لأن التنمية في اليمن كان لها تجربة طويلة عبر السلطات المحلية والمجالس المحلية.
وأضاف معين عبدالملك، "تجاوزنا خلال السنوات السابقة من الحرب أعوام صعبة بينها جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، والهجمات الإرهابية الحوثية على موانئ تصدير النفط، وكل ذلك فاقم الوضع الإنساني والتنموي الصعب في البلاد"، مشيرا الى انه رغم كل تلك التحديات فقد انخفض التضخم بين عامي 2021 و2022 بمقدار 23 بالمائة، بالمقابل ارتفع التضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي إلى 12,2 بالمائة.
ولفت إلى أن الحكومة كان بمقدورها لولا الانفصال النقدي الذي فرضته جماعة الحوثي وغيرها من الإجراءات تغطية مظلة أكبر من رواتب موظفي الدولة والعاملين في قطاعات كثيرة مثل الصحة والتعليم.
وشدد رئيس الوزراء على أهمية ان تناقش هذه الاجتماعات تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية والدولة، بالشراكة مع الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، من اجل تحقيق التنمية المستدامة، لافتا الى محورية الاجتماع الذي يستعرض خلال يومين التنمية والعمل الإنساني، واهمية الحديث بكل صراحة وشفافية في كثير من الأمور للانتقال بهذا العمل إلى مرحلة أفضل.
وأوضح ان أولويات الحكومة بسيطة وواضحة؛ وتتمثل في الحفاظ على الاستقرار وعدم الانهيار وتآكل القدرة الشرائية لدى المواطن، والحفاظ على القدر الأدنى من الخدمات، وضمان الكهرباء والمياه، وقال "هذه الأمور من المسلمات في دول نامية، لكن اليمن يعيش أزمة وصراع كبير، تحاول الحكومة جاهدة الحفاظ على مستويات العيش والصحة والتعليم بحدودها الدنيا على الأقل حتى نستطيع ويتطلع اليمنيون لتنمية حقيقية بعد انتهاء الحرب".