طغت قضية «أطفال اليمن المخطوفين» مجدداً على جدول أعمال الكنيست والرأي العام، مع استئناف شخصيات نافذة من «يهود اليمن» مطالبة الحكومة برفع السريّة عن بروتوكولات لجنة التحقيق الرسمية عام 2001 في ادعاءات اليهود المهاجرين من اليمن إلى إسرائيل في السنوات الأولى لإقامتها، بأن نحو 1700 من أطفالهم اختفوا أو خُطفوا من أمهاتهم، وتم بيعهم لعائلات محلية وأجنبية للتبني.
وناشدت لجنة الدستور البرلمانية أمس، الحكومة السماح لمسؤول الأرشيف الحكومي بكشف البرتوكولات وعدم انتظار 55 عاماً آخر. ووصف عدد من أعضاء اللجنة هذا الملف بـ «وصمة عار في جبين المجتمع الإسرائيلي»، وقال أحدهم إن الحكومات المتعاقبة تعاطت مع هذا الملف كأنه «سر نووي».
وكانت إسرائيل استقبلت في السنوات الأولى لإقامتها (1948- 1952) أكثر من 50 ألفاً من يهود اليمن كـ «مهاجرين جدد»، لكن حيال كثافة عدد المهاجرين من دول العالم، تم إسكان «اليمنيين» تحديداً في مساكن خشبية ومخيمات موقتة، وتم فصل الأهالي عن أولادهم الذين وجهوا إلى المستشفيات للفحوص، لكن تم تبليغ مئات من هذه العائلات تباعاً بوفاة أطفالها ودفنهم من دون أن يرى الأهل «الجثث» أو مواقع دفنها، أو حتى إصدار شهادات وفاة رسمية. ولم تشفع الضجة التي أثاروها، بل تمت التغطية على الملف حتى أواخر ستينات القرن الماضي حين تلقى مئات «المتوفين» أوامر استدعاء للخدمة العسكرية الإلزامية مع بلوغهم الثامنة عشرة، لتفهم العائلات أن أبناءها ما زالوا على قيد الحياة، وأن الادعاءات بخطفهم لا أساس لها من الصحة.
وتبيّن لعدد كبير منها بأن أبناءها «المتوفين» سُجلوا كمن غادر البلاد منذ سنوات، و «عندها فهمنا أن السلطات كذبت علينا، وأن أبناءنا اختُطفوا أو بيعوا للتبني»، كما قال أحدهم للإذاعة العامة أمس. ومع كشف الموضوع، تمت عودة 30 منهم إلى عائلاتهم.
وتحت الضغط، تشكلت لجنة تحقيق برلمانية لم تقد إلى نتيجة. وبعد 20 عاماً، تشكلت أخرى، وهي أيضاً لم تتوصل إلى نتيجة حتى تعيين لجنة تحقيق رسمية عام 2005 قدمت بعد ستة أعوام تقريرها عن الموضوع بعدما استمعت إلى إفادات من حوالى 800 عائلة. وأقرت اللجنة أنه تم التعامل على أساس عنصري ضد «يهود اليمن»، لكنها أضافت أنه باستثناء 56 ملفاً «بقيت عالقة»، فإن 733 توفوا حقاً. مع ذلك، قررت الحكومة فرض السرية على بروتوكولات اللجنة لمدة 70 عاماً.
وعزز قرار فرض السرية على مداولات اللجنة، واحتراق أرشيفين يتعلقان بالقضية قبل بدء عمل اللجنة، الشعور لدى «يهود اليمن» بأن مؤامرة حيكت رسمياً في حينه بالتعاون بين وزارتي الشرطة والصحة لإخفاء أطفال «يمنيين» وبيعهم للتبني، وأنه لولا تورط المؤسسة الحاكمة في هذه «الفضيحة» لما قررت التستر 70 عاماً آخر على الملف. واعتمد هؤلاء على إفادات قدمت للجنة من ممرضات عملن في المستشفيات في حينه اعترفن بأنهن لم يُعدن الأطفال إلى أهاليهن. وربطت إحداهن اختفاء الأطفال بوجود مكثف لأشخاص أجانب داخل المخيمات. وأضافت أخرى أن أطباء نقلوا أطفالاً في المشفى مباشرة إلى جهات تتبنى أطفالاً من دون إعلام السلطات الرسمية.
ولا يتردد سياسيون ونافذون في أوساط يهود اليمن والشرقيين عموماً، في اتهام الحكومات الأولى التي سيطر عليها اليهود الأشكناز بانتهاج سلوك عنصري ضد أطفال اليمن، أولاً بسبب بشرتهم السمراء، ثم لكونهم متدينين في مجتمع تريد الحكومة أن يكون أبيض وعلمانياً، ثم حقيقة أنهم «متخلفون وسذّج اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً»، وأنهم لن يقيموا ضجة على ما يحصل لهم.
ووصفت الفنانة من أصول يمنية مرغليت تسنعاني ما حصل بـ «جريمة ضد الإنسانية ارتكبتها الحكومة الأولى التي ظنت أولادنا غبار البشر، وتعاملت معنا باحتقار كأنها صنعت جميلاً لنا باستقدامنا».