[ تزايد المضاربات على العملة المحلية (محمد حمود/ Getty) ]
واصلت العملة اليمنية تراجعها أمام العملات الأجنبية مسجلة انخفاضاً جديداً مع اقترابها من حاجز 1550 ريالاً مقابل الدولار، وسط قلق واسع في الأسواق المحلية من اتساع الحرب على غزة، وارتباك حكومي في كيفية التعامل مع مشكلة هبوط سعر الصرف التي تجددت بالتزامن مع أزمة حادة في الطاقة الكهربائية.
ويعاني اليمن منذ أيام من أزمة سيولة خانقة ترافقت مع اشتعال المضاربة وتدهور سعر صرف الريال، إذ يرجع متعاملون مصرفيون سبب ذلك إلى العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث يسود قلق واسع في سوق الصرف في مختلف المناطق اليمنية، وسط ضبابية الأوضاع في المنطقة ومآلاتها وحجم تأثيراتها على التمويلات والمنح الدولية التي تعتمد عليها اليمن في توفير العملة الصعبة لضبط السوق النقدية وتمويل استيراد السلع والمواد الأساسية.
ولفتت مصادر "العربي الجديد" إلى أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي عقد اجتماعاً طارئاً للفريق الاقتصادي الحكومي على أثر تقرير، نشره "العربي الجديد"، بعنوان: "حرب غزة تطاول اليمن: شح السيولة وتدهور الريال واشتعال المضاربة"، الذي رصد عودة الاضطراب إلى سوق الصرف في عدن ومدن يمنية أخرى، واشتعال المضاربة وتدهور سعر صرف الريال اليمني إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عامين.
وقال مصدر حكومي مسؤول، فضل عدم ذكر هويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الاجتماع وقف على مستوى المتغيرات الأخيرة والتطورات الإقليمية والدولية والحرب الإسرائيلية، وبحث كيفية مواجهة تداعياتها ليس فقط على العملة الوطنية بل على مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية.
وأضاف أن اليمن يعاني منذ أكثر من عام من تأثيرات توقف تصدير النفط نتيجة استهداف الحوثيين موانئ التصدير الحكومية، وتبعات ذلك في توفير العملة الصعبة التي تستخدمها الحكومة في تغطية ما أمكن من الاحتياجات الخدمية لتخفيف معاناة المواطنين.
كما ناقش الاجتماع الإجراءات الحكومية المتخذة لتحسين الأداء الاقتصادي، ومواصلة الإصلاحات المالية والخدمية المنسقة مع الحلفاء الإقليميين والشركاء الدوليين، بما يضمن تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، والحد من المعاناة التي تتسبب بها الانقطاعات الكهربائية المتكررة على كافة المستويات.
وتوقع المحلل الاقتصادي علي بشير، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تفاقم الأزمات في الخدمات العامة وفي الأسواق التجارية مع استمرار التدهور الحاصل في سوق الصرف وشحة السيولة النقدية وتحكم الصرافين في سعر الصرف، بسبب احتكارهم السيولة المتوفرة من العملات الأجنبية خصوصاً الدولار والريال السعودي، مشيراً إلى أن استمرار تصاعد الأحداث في المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة سيفرض تعقيدات واسعة على الجهود التي يصفها بالشحيحة والخجولة لمواجهة تبعات المتغيرات الجديدة التي تستمر بالتصاعد بشكل متواصل من يوم لآخر.
بحسب المحلل الاقتصادي، فإن الحكومة اليمنية تعتمد على الاستيراد في توفير البنزين لمحطات التوليد الكهربائي، لذا هناك ارتباط بين الأزمة المالية والمصرفية وشح السيولة النقدية وعملية توفير الاحتياجات من الوقود والبنزين، إذ يتوقع انعكاس الحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة وتبعاتها في تصاعد الأحداث في المنطقة لتطاول الأسواق العالمية وارتفاع أسعار النفط.
وفي السياق، قال مواطنون من سكان عدن إن أزمة مفاجئة في الكهرباء تشهدها العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً منذ أيام، بالتزامن مع تدهور العملة المحلية. وأشار المواطن صهيب العبادي، من سكان منطقة الشيخ عثمان جنوب عدن، لـ"العربي الجديد"، إلى أن انقطاع التيار الكهربائي تجاوز 10 ساعات مقابل ساعة واحدة في اليوم.
في حين يعبر المواطن أيمن ناجي عن غضبه من تدهور وضعية الكهرباء. من جانبه، رأى الناشط الاجتماعي خالد الأحمدي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التساهل مع ما يجري من أحداث ومتغيرات، سواء على المستوى المحلي أو على مستوى المتغيرات المتصاعدة في المنطقة والحرب الإسرائيلية على غزة، يضاعف تكلفة تلافي تبعاتها كما هو حاصل حالياً مع الانخفاض الحاصل في العملة وتراجع الريال بنحو 10 إلى 15 ريالاً للدولار الواحد بشكل يومي، ونفس الأمر ينطبق على الكهرباء التي زادت ساعات انقطاعها بشكل تدريجي لتتجاوز 10 ساعات يومياً وأحياناً أكثر.
وبحث الاجتماع الرئاسي مع الفريق الاقتصادي الحكومي المعالجات المنفذة، والدعم المطلوب للتغلب على المشكلة المستدامة في قطاع الطاقة، وأهمية التنسيق الكامل بين وزارات الكهرباء، والنفط والمعادن، والمالية، لتوفير الموارد، والوقود الكافي لتشغيل محطات التوليد، والحد من ساعات الانقطاعات المبرمجة إلى أدنى مستوى، وصولاً إلى حلول جذرية للأزمة في هذا القطاع الحيوي. كما جرى تحديد أوجه الحلول العاجلة في قطاع الكهرباء والطاقة، وتحسين الإيرادات، والتسريع في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية والخدمية.