إزاء النتائج التي خرجت بها المشاورات الحضرمية في الرياض، والتي أُعلن عنها، الثلاثاء، نسأل: هل مجلس حضرموت الوطني الذي خلصت إليه هذه المشاورات يندرج في إطار مخطط تقسيم اليمن أم يمثل خطوة في مواجهته؟
وانتهت مشاورات المكونات الحضرمية، التي انعقدت خلال الفترة 21 مايو/ أيار- 19 يونيو/ حزيران، في الرياض إلى إعلان هيئة تأسيسية لمجلس حضرموت الوطني كحامل سياسي يعبّر عن طموحات أبناء حضرموت.
وجاء انعقاد المشاورات الحضرمية في سياق الرد على مساعي مليشيا الانتقالي للسيطرة على حضرموت ضمن مشروعه الانفصالي من خلال السيطرة بالقوة على محافظات جنوب وشرق اليمن.
واعتبر مراقبون أن تأسيس مجلس حضرموت الوطني هو بمثابة قطع الطريق على مشروع الانتقالي في محافظة حضرموت الغنية بالنفط، وبالتالي يمكن أن يمثل حجر عثرة أمام مشروعه الانفصالي؛ انطلاقا من أن حضرموت أكبر محافظات البلاد، ويمكن أن تدفع خطوتها هذه إلى أن تحذو حذوها محافظتا شبوة والمهرة اللتان تشكلان مع حضرموت الإقليم الشرقي لليمن؛ وهو في حال حصل سيمثل اجهاضا لمشروع الانتقالي.
لكن بعض المراقبين أبدوا مخاوفهم من أن يكون هذا المجلس ليس إلا جزءا من مشروع التقسيم، الذي وإن كان ما زال من المبكر الحديث عنه، كما يرون، لكن يمكن أن تمثل هذه المشاريع بدايات في مسار طويل؛ لأن هذه المشاريع تؤسس لمنح المجتمعات المحلية حقها في تقرير المصير، ويعزز من هذه المخاوف لدى هؤلاء الدعم من خارج الحدود الذي تلقاه هذه المشاريع من الخارج، لا سيما وأن حضرموت تمتلك مساحة كبيرة، ويقع في نطاقها الجغرافي حقول غنية بالنفط، ما قد يجعلها تفكر مليًا بتأسيس دولة مستقلة، وهو ما سبق ولوح به لقاء سيئون، الذي خلص إلى أن حضرموت ستكون إما دولة مستقلة في حال الانفصال أو إقليما مستقلا في إطار الدولة اليمنية.
والتقى عضو مجلس القيادة اليمني، عبدالله العليمي، اليوم الاربعاء، في الرياض، محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، وقيادات السلطة المحلية، والوجهاء والشخصيات الاجتماعية والسياسية المشاركة في المشاورات الحضرمية التي اقيمت في الرياض، وهنأهم بتشكيل مجلس حضرموت الوطني.
وشدد على «ضرورة النأي بمحافظة حضرموت عن أي صراعات أو تجاذبات وتحييدها عن ذلك»، وفق وكالة الانباء الحكومية.
وشدد العليمي، على ضرورة حرص مجلس حضرموت الوطني على اغتنام الفرصة لتقديم نموذج سلام وتنمية وتعايش من خلال إبعاد حضرموت عن الصراعات والتجاذبات في ظل دعم الشرعية والتحالف بقيادة السعودية.
وأكد «دعم الجميع بدون أي مواربة لحق أبناء حضرموت في إدارة شؤونهم السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية، وحق حضرموت في الشراكة الندية بكل وضوح وفي صناعة القرار السيادي بما يتناسب وحجمها».
وردًا على دخول الانتقالي عاصمة حضرموت المكلا بأرتال عسكرية في مايو/ أيار الماضي عقدت قيادات حضرمية لقاءً في مدينة سيئون بوادي حضرموت. ومما انتهى إليه اللقاء دعوة السعودية لدعم مشاورات المكونات الحضرمية؛ وقبل انتهاء اجتماع الجمعية العمومية للانتقالي في المكلا كانت السعودية قد دعت عددًا كبيرًا من القيادات الحضرمية للرياض لعقد مشاوراتهم، التي خلصت إلى “الوثيقة السياسية والحقوقية” تلقت نسخة منها “القدس العربي”.
واعتبرت أن هذه المشاورات «تلبي تطلعات أبناء حضرموت وحقهم في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية».
وأعلنت الوثيقة «إنّ وحدة حضرموت وحق أبنائها في إدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، ستظل هي الأولوية القصوى للمكونات والقوى الحضرمية». كما أكدت «الإقرار بالتعددية السياسية والاجتماعية في حضرموت” و”الالتزام بالأهداف المشتركة مع تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية وإعلان نقل السلطة وحيادية رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وهيئاته المساندة وقيادات السلطة العليا».
كما أقرت أن «للشعب في حضرموت عبر مكوناته المختلفة حق المشاركة العادلة في صناعة القرار السيادي والتمثيل في الغرف البرلمانية والهيئات الحكومية والاستشارية والتفاوضية بما يضمن حماية المصالح الحيوية لأبناء حضرموت بشكل مستقل».
وأكدت الوثيقة «تعهد المكوناتُ الحضرمية بتحييد مؤسسات الدولة الخدمية والأمنية والعسكرية عن أي خلافات بينية من شأنها الإضرار بالمصالح العامة ومفاقمة الأزمة الانسانية في حضرموت».
ونصت على «المشاركة في صياغة إعلان مبادئ على نطاق واسع يضمن تماسك الجبهة الداخلية، وردع أي تهديدات تستهدف حضرموت والمناطق المحررة، ودول الجوار والأمن والسلم الدوليين، ويضمن وضع البلدِ على طريق السلام، والاستقرار والتنمية».
وأكدت «دعم أي إجراءات تدريجية تسعى لمعالجة المظالم وإيجاد آليات متوافق عليها للانتقال إلى التسوية السياسية النهائية دون إلغاء رغبات المجتمعات المحلية في إعادة تقرير مصائرهم عبر مؤسسات الحكم المختلفة».
كما تضمنت الوثيقة إعلان تشكيل مجلس حضرموت الوطني حاملاً سياسيًا معبرًا عن طموحات المجتمع الحضرمي وتشكيل هيئة تأسيسية للمجلس.
وأثار ما صدر عن المشاورات الحضرمية ردود فعل لدى قيادات وقوى حضرمية.
من المختلفين معها، قال عضو مجلس القيادة اليمني، فرج البحسني، محافظ حضرموت السابق، والقيادي في المجلس الانتقالي، في تغريدة على موقع تويتر «ما يجب أن يكون في هذه المرحلة بحضرموت هو أن يحمل كل ابنائها رؤية واحدة واضحة، فهما للواقع السياسي والواقع على الأرض، تعدد المشاريع والرؤى والإقصاء لن يزيدنا إلا تفككاً ونحن لسنا بحاجة لذلك، من يدرك الواقع سيدرك أمورا كثيرة ومن لا يدرك شيئاً سيظل كما هو ولن يقدم شيئا سوى مزيد من التشرذم».
ومن المؤيدين، بارك عدد من القوى الحضرمية ما خرجت به المشاورات في الرياض، وفي مقدمة هؤلاء حلف قبائل حضرموت الذي بارك إشهار المجلس في بيان أصدره بهذا الشأن؛ وهو ذات الموقف الذي أعلنه مؤتمر حضرموت الجامع مؤيدًا ما خلصت إليه المشاورات.
وكانت قيادات من محافظة شبوة قد باركت، الأربعاء، ما انتهت إليه المشاورات الحضرمية الأخيرة، والتي أعلنت نتائجها مساء أمس الثلاثاء في الرياض بحضور السفير السعودي لدى اليمن محمد ال جابر.