يحذر الداعية نبيل العوضي من الاستهانة بمكانة شهر رمضان المبارك، ويلفت إلى نقطة أكد أهميتها وهي أنه لا مجال للخروج من رمضان بالحال نفسها التي دخل بها الفرد، فهو أمام إحدى نتيجتين: إما أن يفوز فيه بالمغفرة والفضل، وإما أن يخرج خاسرا مشمولا بدعاء النبي عليه بالخيبة والخسران.
ويؤكد الداعية الإسلامي، في حديثه عن مكانة شهر رمضان وكيفية استقباله وقضاء يومه وليلته، ضرورة أن يقف كل فرد مع نفسه وقفة تدفعه للإصرار على الاجتهاد خلال الشهر في العبادة والتقرب إلى الله، والاستزادة فيه من الخيرات والطاعات، ليخرج منه بحال غير التي دخل بها إليه.
ويشير إلى أحد مداخل الشيطان المثبطة للعزيمة قبل دخول رمضان، وهي ما يحدّث به البعض نفسه بأنه اعتاد التقصير خلال سائر العام، فإذا ما تغير الحال في رمضان صار متناقضا منافقا، مشددا على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحبه كانوا أكثر اجتهادا وعزما خلال رمضان عن حالهم في باقي السنة.
ويشدد ضيف حلقة (2023/3/25) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" على أن صيام نهار رمضان لا يجب أن يكون مقرونا بالكسل والنوم، فهذا يتنافى مع مقصد الصوم وما كان عليه النبي وصحبه، فالصوم في الأساس مرتبط بالصحة، مشيرا إلى أن ذلك مما تنبه له الغرب، إذ باتوا يعتمدون الصيام المتقطع الذي يقضون خلاله نصف اليوم والليلة من دون طعام، مع الاستمرار في أعمالهم من دون تقصير.
اجتهاد قدر المستطاع
ويلفت العوضي إلى أن النبي الكريم وصحابته كانوا يستعدون لاستقبال رمضان قبله بشهور بصيام التطوع والإكثار منه في شهر شعبان، وعند دخول رمضان كانوا مع الصيام يستزيدون من قراءة القرآن، ويقيمون معظم ليلهم، وكان النبي يعرض القرآن مع جبريل عليه السلام.
ويشير الداعية الإسلامي إلى أن النبي قام الليل جماعة مع أصحابه 3 أيام لم يكونوا في العشر الأواخر، وكان وصفها أنه استمر فيها من بعد صلاة العشاء حتى قبيل أذان الفجر، وهو ما يدل على الاجتهاد والإكثار من صلاة قيام الليل خلال ليالي الشهر كله.
أما في العشر الأواخر، فكان النبي يعتزل غيره وأهله ويجلس في خيمته بطرف مسجده، يصلي ويعبد الله ويذكره ويقرأ القران ويقيم ليله كله، وثبت أنه أطال السجود تحت المطر وقد ابتل وجهه ولحيته.
هذه الحالة التي قد يجد بعض المسلمين مشقة في اتباعها والاقتداء بها، أوصى الشيخ العوضي بألا تكون مدعاة للفتور والعزوف عن الطاعة، وأن يجتهد كل فرد قدر ما يستطيع، ويعمل على أن تتحسن حاله في كل شهر عما كان عليه في رمضان الماضي، فضلا عن باقي أيام العام.
وأوضح في هذا السياق أن الناس لم يكونوا ولن يكونوا على درجة واحدة، فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات، والسابق بالخيرات على درجات كذلك، مشيرا إلى أن التدرج في التقدم أمر معهود حتى في مسارات أخرى، كالرياضة والتجارة ونحوها.
وعن يوم النبي خلال رمضان، يشير الشيخ نبيل العوضي إلى أنه كان يصلي بالناس الفريضة، ويبدأ اليوم بصلاة الفجر ثم يجلس في المسجد حتى طلوع الشمس ويحث أصحابه على ذلك، حتى كانوا يستغربون من يخرج ويتساءلون عن السبب، وكان يحرص على صلاة الضحى التي كان يسميها صلاة الأوابين.
ويلفت إلى أن الاجتهاد في العبادة لم يكن يؤخره عن باقي الأدوار المجتمعية والدعوية، حتى الجهاد وما يتطلبه، فقد ثبت أن المسلمين غزوا خلال رمضان، ومن ذلك غزوة بدر وفتح مكة.
وكان النبي كذلك كثير العطاء والصدقة خلال الشهر، فثبت أنه كان جوادا وكان أجود ما يكون في رمضان، كما أنه كان يتضاعف اجتهاده خلال العشر الأواخر من الشهر المبارك.
ويحذر الدكتور العوضي من "عدو أساسي" في شهر رمضان، يصعب الانتصار عليه إلا ممن عرف قيمة الشهر وفضله، مبينا أن ذلك العدو يضيع على كثيرين أغلب ساعات شهر رمضان، وهو جهاز الهاتف المحمول، فخطره بات أكثر من شاشات التلفاز، ومصيبة إدمانه باتت عامة.
ويلفت -في ختام حلقته- إلى المسؤولية الفردية لكل مسلم أمام اتساع دائرة الملهيات، وكذلك المسؤولية الجماعية، ومن ذلك مسؤولية رب الأسرة عن أهل بيته بأن يعينهم على الطاعة ويهيئ لهم أسبابها، إضافة إلى دور كل فرد في إعانة باقي أفراد الأسرة.