للحصول على شهادتي الصفين الأول والثاني الثانوي من إحدى المدارس اليمنية، لم يحتج أحمد سالم سوى لأيام قليلة من البحث وبضعة دولارات دفعها لأحد السماسرة في يونيو/ حزيران 2020. فلم يتجشم هذا الشاب اليمني -الذي يقيم منذ نحو عقدين في الإمارات حيث يعمل سائقا- عناء الذهاب إلى اليمن ولو ليوم واحد، حسب ما يقول.
بسهولة لم يتصورها، أمّن له "سمسار موثوق ومحترف" يدعى أبو يوسف الشهادتين موثقتين ومعتمدتين في غضون أيام، مقابل 45 ألف ريال يمني (36 دولارا)، فتمكن بذلك من الحصول على مؤهل الثانوية العامة، وبالتالي زاد راتبه في الشركة التي يعمل فيها بالإمارات.
قبل الحرب، تعذر على سالم الأمر، إذ كان يتطلب وجوبا الحضور والانتظام في الدراسة باليمن، لكن الفوضى التي أفرزتها سنوات الأزمة جعلته وغيره يحصلون على شهادات تعليمية رسمية وموثقة من دون دراسة أو اكتساب المعارف والمؤهلات اللازمة.
يستقصي هذا التحقيق حقيقة بيع شهادات المرحلة الابتدائية والثانوية والجامعية في بعض المحافظات اليمنية، لا سيما الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وكيف أصبحت الشهادات العلمية في اليمن مجرد سلعة في الأسواق، حيث يحصل عليها من يرغب فيها من دون جهد، ومقابل مبالغ متفاوتة من المال تبعا لنوع الشهادة وقيمتها.
سوق الشهادات العلمية
ولمتابعة هذه الظاهرة، تواصل معدا التحقيق مع موظفين بمؤسسات تربوية عمومية رسمية، وتظاهرا برغبتهما في الحصول على شهادات تعليمية معتمدة. في محافظة شبوة (458 كيلومترا جنوب صنعاء)، تم التفاوض مع "أبو عبد الله" (اسم مستعار)، وهو موظف بإدارة مدرسة ثانوية بمديرية معربة (تبعد نحو 70 كيلومترا عن مدينة عتق مركز المحافظة)، وكان مبلغ 50 ألف ريال يمني (نحو 40 دولارا) مغريا بالنسبة إلى هذا الموظف ليقبل بمنح شهادتي الصف الأول والثاني الثانوي بتقدير "جيد جدا".
وفق المكالمة الهاتفية المسجلة، طلب المسؤول 25 ألف ريال (20 دولارا) مقابل شهادة الصف الأول الثانوي، و30 ألف ريال (25 دولارا) مقابل شهادة الصف الثاني الثانوي، أما سعر الشهادتين معا، فيبلغ 50 ألف ريال، بخصم قدره 5 آلاف ريال (4 دولارات).
اكتفينا بمعرفة التفاصيل من السمسار "أبو عبد الله" من دون المضي في الدفع واستخراج الشهادة. وفي المقابل، أثبت لنا الشاب الثلاثيني "عبد الفتاح" (اسم مستعار)، من مديرية نصاب بمحافظة شبوة، أنه حصل فعلا على شهادة الصف الثاني الثانوي مقابل 50 ألف ريال يمني (40 دولارا) وبتقدير "جيد جدا"، واستلمها مباشرة من مدير إحدى المدارس بمديرية امكداه، (نحو 40 كيلومترا عن مركز المديرية)، ولم يضطر للحضور أو الانتظام في الدراسة.
تجّار شهادات
بحثنا عن أسماء سماسرة شهادات آخرين، تواصلنا مع السمسار أحمد يوسف في مدينة عتق بمحافظة شبوة، وأكد لنا أن بإمكانه في غضون أسبوع واحد توفير شهادة المرحلة الثانوية الأخيرة بتقدير "جيد جدا" (مجموع 80%) مقابل 400 ألف ريال يمني (نحو 325 دولار)، لكنه اشترط الحصول على نصف المبلغ مقدما، لضمان عدم تراجعنا وكنوع من أساليب الابتزاز.
مجاراة له، طلب معدا التحقيق نماذج من شهادات المرحلة الثانوية الأخيرة، فأرسل عبر "واتساب" (WhatsApp) مجموعة شهادات لعدة أشخاص تحمل كلها علامة "جيد جدا"، زاعما أنه استطاع استخراجها لطالبيها عبر بعض الأشخاص النافذين في محافظة أبين (المحاذية لشبوة)، وحصل في المقابل على نسبة معينة من المبلغ الإجمالي.
لم نستمر في مفاوضاتنا مع السمسار إلى مرحلة الدفع واستلام الشهادة، وفي المقابل عرضنا ما حصلنا عليه من وثائق وتسجيلات صوتية تثبت التلاعب بالشهادات على محمد حسين الدباء مدير إدارة الإعلام التربوي بوزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية. ولم يستبعد المسؤول حدوث مثل هذه الممارسات، لكنه أرجعها إلى الظروف المعيشية الصعبة لمن يمتلك صلاحية التلاعب والتزوير.
وأكد أنها "حالات نادرة جدا، وقلما تحدث"، وأن مثل هذه القضايا تُحل داخل إطار المدرسة أو المديرية قبل وصولها إلى وزارة التربية والتعليم أو مكتبها، لكن غالبا ما تتكتم بعض مديريات المحافظات على هذه الإجراءات غير القانونية، وهي الجهات التي تتحمل كامل المسؤولية القانونية، حسب قوله.
يضيف الدباء أن "من يثبت عليه التورط في التزوير، أو استخراج شهادات مقابل مبالغ مالية يتعرض للمساءلة القانونية"، وأن الحالات التي تذهب إلى المحاكم والنيابات لا تستحق الذكر في الوقت الراهن. ويشير إلى أن مكتب وزارة التربية والتعليم تسلّم منذ عام 2016 قضية واحدة تتعلق بهذا الجانب، إذ "يتم الفصل مباشرة في أي قضية تصل مكتب الوزارة في حال تعذر حلها في إطار المديريات".
تحايل و"تبييض" شهادات
تنشر وسائل الإعلام اليمنية، وبعض المنظمات المهتمة بالشأن التعليمي كثيرا من المعلومات والتفاصيل، غير الموثقة غالبا، عن بيع آلاف الشهادات الإعدادية والثانوية وحتى الجامعية المزورة والرسمية (تشمل اختصاصات حساسة)، كما تتبادل الحكومتان (الشرعية والحوثيون) الاتهامات بإفساد المنظومة التربوية عبر التساهل مع هذا الأمر، ومنح شهادات لمنظوريها وتابعيها.
وتوصلنا في إطار هذا التحقيق إلى حالة تلاعب وتزوير تخص الطالب "م ع ش" من محافظة الجوف (الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، إذ تخرج هذا الطالب من الثانوية العامة عام 2016-2017 برقم جلوس (494768)، وفق ما تظهر الشهادة، وحصل لاحقا على درجة البكالوريوس من جامعة "مؤتة" الأردنية عام 2022.
وعند التحقق من رقم الجلوس المسجل بالشهادة على موقع وزارة التربية والتعليم، يتبين أنه يخص طالبة تدعى "ربى بليغ عبد الرحمن عبد الله"، أي أنه تم انتحال شهادة طالب آخر. تواصل الفريق مع الطالب (م ع ش) للرد على هذه الحقائق، إلا أنه نفى صحتها، وأكد أن الشهادة التي حصل عليها الفريق لا تخصه.
وعندما أرسل الطالب صورة من شهادة الثانوية -التي يقول إنها الأصلية ورفض نشرها- يتضح من رقم الجلوس (576994) المدوّن -بعد التأكد من موقع الوزارة- أنه تخرج في العام الدراسي 2019-2020.
وهو ما يدعم حقيقة أن شهادة الثانوية الأولى استُخرجت بشكل قانوني، إذ إن الطالب تخرّج في جامعة مؤتة عام 2022، ويظهر في منشور على صفحته بموقع فيسبوك أنه أكمل دراسته بعد 4 سنوات.
رفض الطالب إرسال شهادتي الصف الأول والثاني الثانوي للتأكد من تاريخ التخرج فيهما، ومطابقتهما بالتسلسل الزمني لشهادة الصف الثالث الثانوي، إذ تبين عند حساب سنوات الدراسة في الجامعة مقارنة بتاريخ التخرج أن فترة الدراسة كانت 3 سنوات، في حين أن الطالب نفسه ذكر في منشور على صفحته في فيسبوك أنه تخرج بعد 4 سنوات.
تواصل معدا التحقيق مع السفير اليمني لدى الأردن آنذاك علي العمراني بتاريخ 23 يناير/ كانون الثاني 2023، للتأكد من كيفية المصادقة على الشهادة، إلا أننا لم نتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التحقيق. كما تواصل الفريق مع الملحق الثقافي في الأردن قُبلة سعيد، واعتذرت بداعي الانشغال.
ولمعرفة إذا ما كانت الشهادة التي قُدمت للجامعة تحمل رقم الجلوس الأول أو الثاني، تواصلنا مع جامعة مؤتة في الأردن، عبر البريد المذكور على موقعها الإلكتروني، وكان ردها أنه "عند التدقيق، تبين أن الطالب المذكور قد تم قبوله حسب الأصول المتبعة في قبول الطلبة الدوليين، علما أن الجامعة لا تتحمل أدنى مسؤولية عن الوثائق التي تُقدم لها إن كانت موقعة ومختومة حسب الأصول".
وغالبا ما تعتمد الجامعات الأجنبية الشهادات الثانوية أو الجامعية الصادرة من اليمن، أو أي دول أخرى، إذا كانت مستخرجة بطريقة رسمية ومصادق عليها من السفارات، وما لم تلاحظ فيها تزويرا أو تلاعبا واضحا، ويتيح ذلك للبعض إسباغ شرعية على شهادات ومؤهلات تعليمية بُنيت في الأساس على غش وتلاعب في سنوات التعليم والحصيلة الأكاديمية والمعرفية.
في إطار هذه القضية، يقول رئيس مركز "فرود ويكي" (Frodwiki) عبد الواحد العوبلي للجزيرة نت: "لا شك أن الشهادة الثانية استُخرجت للطالب بعد التشكيك في الشهادة الأولى، لكي تكون دليلا يواري هذه الفضيحة". واعتبر العوبلي أن هذه الحالة تُعد نموذجا لعديد من الحالات التي تتم تحت إشراف سفراء اليمن في الخارج، وفق تقديره.
ويضيف العوبلي أن "ظاهرة بيع وتزوير الشهادات الأكاديمية خطيرة للغاية، فهي تؤثر على النزاهة والمصداقية في التعليم والعمل، وتمثل خطرا حقيقيا على الاقتصاد والمجتمع بشكل عام". ويرى أنها "تبشر بخلق جيل كامل من الجهلة بحوزتهم شهادات في مساقات مختلفة، وبعضها حساسة، كالطب، بالتالي فإن استخدام شهادات مزورة أو مشتراة يؤدي إلى تفشي الفساد والفوضى في الأنظمة الأكاديمية والمهنية".
ولمزيد من التأكد من انتشار ظاهرة بيع الشهادات والتلاعب بها، بحثنا في محافظة أبين (نحو 340 كيلومترا من العاصمة عتق)، بعد التواصل مع سمسار يدعى أبو أحمد أبدى استعداده لمنحنا شهادة المرحلة الثانوية الأخيرة، مقابل 400 ألف ريال يمني (325 دولارا) وهو المبلغ نفسه الذي طلبه السمسار السابق، ولم نتبين إذا ما حصل تنسيق بين الطرفين أم أن الأسعار موحدة تلقائيا ضمن حيثيات هذه التجارة.
بدوره، أصر أبو أحمد على دفع نصف المبلغ لاستكمال العملية، أو إيداعه لدى وسيط مشترك موثوق من الطرفين للبدء في استخراج الشهادة. يزعم هذا السمسار أن عمله مكرس "من أجل خدمة الناس، ولا يتسلم ريالا واحدا"، حيث تتقاسم سعر الشهادة جهات نافذة لم يحددها، لكنه لم ينكر أنّه يتلقى أجرا منها عندما تكلل العملية بالنجاح.
بعد اشتراط الحصول أولا على نماذج، تجنبا لأي عملية احتيال، أرسل السمسار صور مجموعة شهادات تحمل كلها تقدير "جيد جدا" مستخرجة من مديرية التربية بمحافظة أبين، وتحمل ختم مكتب وزارة التربية والتعليم، وأكد أنّها "لأشخاص طلبوها العام الماضي".
وفقا للمادة (208) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 10 سنوات كل من تورط في عمليات تزوير ختم جهة حكومية أو رسمية. كما تنص المادة (210) على عقوبة بالحبس لمدة لا تزيد على 3 سنوات إذا كان الختم الذي جرى تقليده أو تزويره يتعلق بمؤسسة غير عمومية، كجامعة خاصة.
وفق المعطيات التي حصلنا عليها، نادرا ما يتم توجيه اتهامات بشأن عمليات بيع شهادات مدرسية أو جامعية أو تنفيذ عقوبات متعلقة بها، بينما طال التلاعب بمنح الشهادات التعليمية من دون رصيد علمي مواز كل مراحل التعليم، بما في ذلك شهادات الثانوية العامة (البكالوريا) والجامعات، ليتمكن حتى من لم يحصلوا على الثانوية العامة من الحصول على مؤهلات جامعية رسمية معتمدة مقابل مبالغ مالية أكبر نسبيا.
لعبة السماسرة
في هذا السياق، توجّه معدا التحقيق إلى محافظة أبين (نحو 450 كيلومترا من عتق مركز محافظة شبوة) ليقابلا السمسار أحمد يوسف الذي أبدى استعداده لاستخراج شهادة جامعية في علوم الحاسوب بتقدير "جيد جدا" في ظرف أسبوع واحد مقابل 2500 ريال سعودي (نحو 770 دولارا).
حاول السمسار إقناعنا بأن تكاليف استخراج الشهادات الجامعية مرتفعة مقارنة بالشهادات الثانوية وتتطلب جهدا وعلاقات، وفي المقابل، حاولنا مجاراته وعرضنا مبلغ 3 آلاف ريال سعودي (812 دولارا)، على أن يتزامن تسلّم المبلغ مع تسلّم الشهادة. أمهلناه يومين لإقناع بقية السماسرة، لكنه أصر على تسلّم نصف المبلغ أولا، والنصف الآخر بعد التسليم في الموعد المتفق عليه، كما رفض منحنا الفرصة للتفاوض مع الرأس المدبر مباشرة.
عندما طلب معدا التحقيق نماذج لشهادات جامعية تم استخراجها من قبل في بادرة لضمان الثقة، أرسل لنا نموذجا لبيان درجات تخرج مستخرجة من جامعة أبيَن لأحد الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي، حصلنا بدورنا على تأكيد من جامعة أبين بخصوص الشهادة نفسها -وهي مرحلة تسبق استخراج الشهادة- بما يثبت أنها حقيقية.
في اليوم التالي، عاد معدا التحقيق إلى مدينة عتق، للتنسيق مع سمسار آخر في محافظة البيضاء يدعى معاذ لبدء المفاوضات حول عملية استخراج شهادة جامعية.
أكد السمسار لمعدي التحقيق، أنه يجب دفع ألف دولار (نحو 1.2 مليون ريال يمني) مقابل استخراج شهادة جامعية في مساق علوم الحاسوب، في غضون شهرين، لتكون الشهادة معتمدة وتحتوي على جميع الأختام الرسمية. واتفق معدا التحقيق مع السمسار معاذ على جميع الإجراءات، لكنهما تعذرا لاحقا بعدم توفر المبلغ كاملا، وأنه سوف يتم تحويله بمجرد استلام الشهادة.
من جانبه، رفض السمسار في البداية تقسيط المبلغ، لكنه وافق على ذلك لاحقا مقابل 200 دولار (220 ألف ريال) إضافية. كما طلب الحضور من شبوة إلى البيضاء (على بعد نحو 410 كيلومترات عن شبوة) في الأسبوع ذاته، ليتم الاتفاق المباشر على الأرض ولضمان عدم التراجع عن الاتفاق، رافضا إرسال أي نماذج من دون إرسال المبلغ كاملا، متحسبا أن يكون المتصلون من وصفهم "بالجواسيس" أو أشخاصا أرسلتهم الجامعة نفسها لكشف التلاعب.
تواصلنا مع رئيس جامعة البيضاء الدكتور أحمد صالح العرامي، فنفى حدوث مثل هذه الممارسات، مؤكدا أنّه "لم يتم إثبات أي واقعة حتى الآن". وأن جميع معاملاتهم في الجامعة رقمية، وهو ما يعقّد عملية التزوير بشكل عام.
وقال العرامي "منذ أن توليت مسؤوليتي عام 2019، أراهن على عدم وجود أي أعمال تزوير"، مبديا استعداده لتقديم كل التسهيلات لمعدي التحقيق لكشف الحقيقة، وأكّد أن للجامعة مكتبا بمحافظة عدن ربما تتم منه عمليات العبث والتزوير، وهو لا يمثل جامعة البيضاء على الإطلاق، حسب ما يقول.
وعلى خلاف ذلك، أكد السمسار -الذي طلب حضور معدي التحقيق إلى البيضاء لإتمام المعاملة- أنّ جميع المعاملات تتم في محافظة البيضاء. في حين أكد زايد بن شهاب القائم بأعمال مدير عام مكتب وزير التعليم العالي أنهم "لم يسجلوا أي مخالفات أو انتهاكات قانونية بحق المراحل الجامعية حتى الآن".
أزمة الحاضر والمستقبل
أكد معدا التحقيق للمسؤول الإعلامي بوزارة التعليم العالي زايد بن شهاب أن التسجيلات تثبت عمليا تورط موظفين بالوزارة في أعمال تزوير مشبوهة تخالف القانون اليمني الخاص بفقرات الجرائم والعقوبات، لكنه طلب تزويده بالمعلومات التي تم التوصل إليها لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة، واعتبر أن ما تم الوصول إليه "مجرد مزاعم".
في منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد المجلس الطبي الأعلى في اليمن وجود حالات تزوير عديدة طالت المهن الطبية، بما فيها اختصاصات الطب العام والجراحة، وكشف عن عدد من حالات التزوير والتلاعب في مؤهلات طبية في مختلف التخصصات وإحالتها إلى الجهات الرسمية.
وفي هذا السياق، يؤكد أحمد خيران الزبيدي رئيس منظمة شباب شبوة -التي تهتم بقضية التلاعب بالشهادات- للجزيرة نت أن "آثار كارثة بيع وتزوير الشهادات التعليمية ستظهر خلال الفترات القادمة بشكل أكبر، كون حامليها يمتلكون شهادات ولا يملكون معرفة ولا تعليما، مما سيؤدي إلى تدهور في جميع المجالات التي يعمل بها هؤلاء".
وأضاف الزبيدي أن "الوضع يتطلب من الجميع الوقوف لوضع حد لتلك المهزلة والاستهتار بالتعليم، وفي مقدمتهم وزارة التربية والتعليم العالي والمهني، إذ ينبغي عليهم فرض الرقابة على المرافق التعليمية الحكومية بشكل عام، والمرافق التعليمية الخاصة بدرجة أساسية".
ووفقا لما نصت عليه المادة رقم (213) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني، يُعاقب كل من يزوّر أو يتلاعب في الشهادات الصادرة عن الجامعات الحكومية، بالحبس لمدة لا تزيد على 7 سنوات.
لا يمكن حصر أعداد الشهادات غير الحقيقية التي مُنحت من المؤسسات التربوية والجامعات اليمنية خلال السنوات الماضية. وتتحدث بعض المصادر عن وجود آلاف منها من دون أن تبرهن على ذلك، لكن ما اطلعنا عليه يكشف أن هذه الظاهرة منتشرة بشكل واسع وأن بضعة دولارات يمكن أن تختزل 12 سنة أو أكثر من الدراسة في شهر أو أقل.
وتعد هذه الظاهرة من التداعيات الكثيرة للفوضى التي خلقتها الحرب في اليمن، لكنها تشكل خطرا كبيرا على منظومة التعليم وتطال المستقل قبل الحاضر، وتفرز أجيالا لديهم شهادات ثانوية وجامعية من دون أن يملكوا ما يوازيها أو يبررها علميا، أو ما يجعلهم أكفاء في القيام بأي مسؤولية أو وظيفة تجاه المجتمع والدولة أو مؤتمنين عليها.