يحاول المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ الاستفادة من الزخم الحالي الذي أفرزه الاتفاق السعودي - الإيراني برعاية صينية، في إحداث اختراق في الملف اليمني، بدءاً بتثبيت الهدنة، وصولاً إلى تسوية سياسية دائمة.
وكان غروندبرغ قد اختتم، أول من أمس، زيارة للعاصمة السعودية التقى خلالها قيادة الشرعية اليمنية، والسفير السعودي لدى اليمن، إلى جانب سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وبحث هانس غروندبرغ في الرياض، البناء على الزخم الحالي نحو تسوية سياسية جامعة ومستدامة في اليمن، وتبادل الرؤى حول تقديم دعم إقليمي ودولي منسق لجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن، وفقاً لما أعلنه المبعوث على حسابه بتويتر.
وتأتي زيارة المبعوث الأممي للرياض، بعد زيارة مماثلة لطهران قبل يومين التقى خلالها كبار المسؤولين الإيرانيين؛ وعلى رأسهم وزير الخارجية الإيراني، الذي أكد دعم استمرار وقف إطلاق النار وحلّ الأزمة اليمنية في إطار الحوارات اليمنية ـ اليمنية.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم أمس، عن مسؤولين أميركيين وسعوديين قولهم إن إيران وافقت على وقف شحنات الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن.
وأكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك أن الحكومة اليمنية ستتعامل بحذر مع الأقوال المعلَنة من إيران، إلى أن ترى تغيراً واقعياً في سلوك الميليشيات الحوثية يعكسه تعاملها الجادّ مع مبادرات السلام وتخلّيها عن العنف والأفكار العنصرية، وفق ما نقلت عنه «رويترز».
من جانبه، علّق دبلوماسي غربي على جولات التفاوض السابقة مع جماعة الحوثي بأن عناصر الجماعة يريدون أن «يأخذوا ولا يعطوا»، بمعنى أن يستفيدوا من تنفيذ الطرف الثاني التزاماته، في حين لا ينفذون أياً من التزاماتهم في أي اتفاق، على حد تعبيره.
ورغم عدم تفاؤله بالمشاورات السياسية مع جماعة الحوثي؛ نظراً لتغير مواقفهم باستمرار، وفقاً للدبلوماسي الغربي، فإنه اعترف بأن «البدائل صعبة»، محذِّراً، في الوقت نفسه، من أن «البلد يتجه إلى المجهول في حال استمر التعنت الحوثي الحالي». وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي قد حذَّر من تقديم أي حوافز إضافية للحوثيين، دون ضمان انخراطهم في عملية السلام وتخلّيهم عن المشروع الإيراني.
ووفقاً لمصادر سعودية، فإن الملف اليمني سيكون الاختبار الأول للاتفاق السعودي - الإيراني برعاية الصين، ومدى جِدية طهران والتزامها، وعلى ضوئه سيتحدد المضي قدماً في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من عدمها.
وتجري حالياً في جنيف جولة جديدة من المفاوضات بين الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي الانقلابية تتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن نجاح جولات المشاورات حول الأسرى والمعتقلين في جنيف قد يشكل بداية إيجابية نحو حلحلة الملف اليمني، وتثبيت الهدنة وبدء عملية سياسية شاملة في أطراف الصراع الذي يمتد لثماني سنوات.
إلى ذلك، يرى لطفي نعمان، الكاتب السياسي اليمني، أن الزخم الذي تولّد، عقب البيان الثلاثي، عن اتفاق بكين بين أهم أقطاب «اليمننة» الخارجيين، يشجع فعلاً على إحداث اختراق في الشأن اليمني الشائك والمعقد، وقد جعل المبعوث الأممي يباشر مجدداً جولة مكوكية بين طهران والرياض سعياً لتحقيق أهداف مهمته.
وأضاف نعمان، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «بالنسبة لفرص نجاحه المحتملة والمرجوّة، فإن التطورات الإقليمية الراهنة تساعده، على غرار نجاحه في إحراز تقدم بإعلان الهدنة، العام الماضي، والتي تُعدّ منطلقاً للتسوية».
ويعتقد لطفي نعمان أن أي «جهد يسهم في خفض التوتر أمر جيد»، لافتاً إلى أهمية «ألا يقف اليمنيون على عتبة التفاؤل أو التشاؤم من هذا الاتفاق أو انتظار ما يتمخض عنه، بل أن يكونوا سبّاقين إلى اقتناص كل فرصة ممكنة للمضي في طريق السلام لليمن عبر التسوية السياسية المشتركة وتجنب حملات التشويه المتبادلة».
ويشير الكاتب السياسي اليمني إلى «المبعوث الأممي والأطراف الإقليمية كافة الذين يقولون باحترام سيادة واستقلال اليمن والحرص على استقراره ووحدته وأمنه، على أن يكون اليمنيون فاعلين في هذا الأمر فيشكلون عامل نجاح رئيسياً لأطراف اتفاق بكين، فلا يشكلون عقَبة في طريق التسوية المطلوبة».